تأملات من الأرض المقدسة: يجب أن يحلّ الأمل محلّ اليأس

Rami, his wife Maryan, and their daughter Kylie on the day his daughter was baptized, which occurred in late October while they were sheltering in Greek Orthodox Church of St. Porphyrius.
America the Jesuit Review: Source

في الأشهر الأخيرة، شعرنا جميعاً بنسمة من الأمل بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، تلاه اتفاق مماثل في غزة. ساد الهدوء، وتوقفت أصوات البنادق، وتم إطلاق سراح عدد من الأسرى [الإسرائيليين]، كما دخلت المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة إلى غزة، مما جلب بعض الراحة المؤقتة التي اعتُبرت بداية نهاية هذه الحرب الطويلة والدامية والمدمرة.  

لكن، للأسف، لم يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وعادت [إسرائيل] لتشن هجومًا عسكريًا غير مسبوق على غزة، هو الأعنف منذ بداية الحرب. تجاوز عدد الشهداء في غزة منذ اندلاع الحرب 50,000 شخص، من بينهم عشرات الآلاف من النساء والأطفال. وفي 2 آذار، أُعيد فرض حصار خانق شمل الماء والدواء والطعام والكهرباء، مما خلق واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية من صنع الإنسان في التاريخ الحديث. ثم استؤنفت الحرب من جديد في 18 آذار/ مارس. 

غزة أصبحت غير صالحة للعيش، لم يعد بإمكان سكانها البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة احتمال هذا الدمار الهائل، وسط مؤشرات واضحة على وجود خطط ممنهجة لإفراغ القطاع من سكانه الأصليين. لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور، لكن الصمت العالمي تجاه ما يحدث يصمّ الآذان! 

أما المجتمع المسيحي الصغير، فقد فقد منذ بداية الحرب نحو 50 شخصاً من أبنائه؛ 20 منهم استشهدوا نتيجة الأعمال العدائية المباشرة، و30 آخرون فقدوا حياتهم بسبب غياب الرعاية الطبية ونفاد الأدوية وانهيار المستشفيات. ما تبقى هو حوالي 650 روحاً شجاعة، نبذل المستحيل من أجل تلبية احتياجاتهم ضمن إمكانياتنا المحدودة، حيث لا يزال نحو 450 منهم لاجئين في مجمع العائلة المقدسة في مدينة غزة. 

أما الضفة الغربية، فهي تشهد ظروفاً غير مسبوقة من الحصار والتضييق، إلى جانب تصاعد عنف المستوطنين ضد السكان المحليين. كما تم محو مخيمات لاجئين بالكامل مثل جنين وطولكرم، مع وجود نوايا واضحة لتوسيع هذا النهج ليشمل باقي المخيمات، مما خلق موجة جديدة من اللاجئين للمرة الثانية أو الثالثة، قُدّرت أعدادهم بحوالي 40,000 شخص.  

الحياة في الضفة الغربية بعيدة كل البعد عن الحياة الطبيعية، إذ تنتشر فيها أكثر من 900 حاجز ونقطة تفتيش، بالإضافة إلى ما يقرب من 300 حاجز دائم يعزل القرى عن بعضها البعض، محولًا إياها إلى سجون مفتوحة. أما التنقل بين المدن الفلسطينية، فقد أصبح كابوساً؛ إذ يمكن أن يتطلب ساعات طويلة قد تصل إلى سبع ساعات أحياناً لقطع مسافة بسيطة. أما معدلات البطالة، فهي بلغت مستويات غير مسبوقة، وصلت إلى 70٪ في بعض المناطق والقطاعات. والحصول على تصاريح للعمل داخل [إسرائيل] أصبح شبه مستحيل، حيث يتم استبدال العمال الفلسطينيين بعمال أجانب بتكلفة مضاعفة وكفاءة أقل، ولكن من يهتم؟! 

الحياة في غزة والضفة أصبحت لا تطاق بمعايير إنسانية، وأعتقد أنني لا أفشي سرًا بقولي هذا، خاصة في ظل وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأخبار السريع…


هذا الخبر نُشر على موقع بطريركيّة القدس للّاتين، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

بطريركيّة القدس للروم الأرثوذكس تحتفل بعيد بشارة والدة الإله الفائق قدسها

Next
Next

Ακάθιστος احتفال غبطة البابا ثيودروس الثاني بمديح العذراء الأخير في الإسكندرية