غبطة البطريرك يوسف العبسي يحتفل بالليترجية الإلهية المقدسة في كاتدرائية القديس جاورجيوس - أم السماق

احتفل غبطة البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكيّة وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط بالليترجية الإلهية المقدسة في كاتدرائية القديس جاورجيوس - أم السماق حيث عاونه سيادة المطران جاورجيوس حداد، وسيادة المطران ياسر عياش، وقدس الارشمندريت بولس نزها المدبر البطريركي لابرشية بترا وفليدلفيا والاردن ولفيف من كهنة الابرشية.

وجاء في عظة غبطة البطريرك:

• بفرح كبير نلتقي من جديد هنا في هذه الكاتدرائيّة الجميلة، في عمّان المتألّقة، عاصمة المملكة الأردنيّة الهاشميّة التي نحبّها، ومركز الأبرشيّة التي نعتزّ بانتمائها لأرض بترا وفيلادلفيا. جئنا نحمل كلّ الحبّ للأردن وطن الاستقرار والأمن والأمان بعد أن كنّا التقينا منذ ستّة أشهر في زيارتنا الأولى إليكم لرؤيتكم والتحدّث إليكم والاطّلاع على أحوالكم، في أعقاب استعفاء أخينا سيادة المطران جوزيف جبارة وتعيين مدبّر بطريركيّ لأبرشيّتكم المحبوبة، قدس الأرشمندريت بولس نزها، ريثما يجري انتخاب مطران أصيل لها. كانت حينها زيارة شارك فيها أعضاء السينودس الدائم جميعًا وقد بدأت ثمارها بالظهور على الرغم من قصر الوقت الذي تمّت فيه ومن واقع أنّنا في مرحلة انتقاليّة مؤقّتة ليس بمقدورنا عمل كلّ ما يجب عمله.

في هذه الأثناء كنّا على تواصل واطّلاع مستمرّين على ما يجري هنا محاولين على الدوام أن نتشاور ونوجّه ونصوّب، ساعين إلى أن تكون الأبرشيّة مستعدّة قدر المستطاع لاستقبال راعيها الجديد حالما يتمّ انتخابه. ويطيب لي وللسينودس الدائم أن أشكر جميع الذين مدّوا يد المساعدة سواء بالنصح أو المشورة أو العمل والدعم والمشاركة.كافأهم الله أضعافًا. لا شكّ أنّ من بين البعض منّا من ليس راضيًا، أو له رأي مختلف أو نهج آخر ويشير إلى تغرات هنا وهناك. ولا شكّ أيضًا أنّنا لا نستطيع أن نرضي الجميع إلّا أنّنا عملنا بحسب ما أملاه علينا ضميرنا وما رأيناه أكثر ملاءمة وفائدة، واضعين أمام أعيننا مصلحة الأبرشيّة ككلّ، ولـمّا نزل في بداية الطريق وفي حاجة إلى من يرى أنّه قادر على المساعدة والمشاركة في عمليّة البناء.

من أجل هذا نحن اليوم هنا من جديد. لنرى عن كثب وبأمّ العين ما جرى حتّى الآن ولنخطّط للمرحلة التالية. لن نترك العمل في انتصافه بل سوف نقوم به حتّى نتمّه. وإذا نحن عاملون أرغب في أن تعلموا أنّنا نحبّكم ونقدّركم وأنّكم في قلبنا وفكرنا على الدوام. أنتم كريمون في أعين الكنيسة ولن تترككم ولو كانت في بعض الأحيان والظروف مقصّرة أو متوانية، إنّما عن غير قصد. وقد أردنا أن نعبّر لكم عن ذلك تعبيرًا محسوسًا منذ الأيّام الأولى فأجرى سياد المدبّر مع معاونيه بعض الأعمال المادّيّة والرعويّة والإداريّة: مدارس، دار المطرانيّة، كنيسة جديدة... ونحن، كما قلت، ماضون إلى الأمام.

• إنّ العام الذي نحن فيه، عام 2025، عام مميَّز كنسيًّا، على أكثر من صعيد. إنّه أوّلًا ذكرى انقضاء ألفٍ وسبعِمئة عامٍ على المجمع المسكونيّ الأوّل الذي دعا إلى عقده في العام 325، في مدينة نيقيا، في تركيّا الحاليّة، الامبراطورُ قسطنطين الكبير، والذي شارك فيه ما يداني الثلاثمئة وثمانية عشر مطرانًا وفدوا من أقطار العالم آنذاك، حدّدوا فيه ما يعلنه المسيحيّون كلّهم اليوم في قانون إيمانهم عن يسوع المسيح قائلين نؤمن "بربٍّ واحد، يسوعَ المسيح، ابنِ الله الوحيد، المولودِ من الآب قبل كلّ الدهور، نورٍ من نور، إلهٍ حقّ من إله حقّ، مولودٍ غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر". ذلك أنّه حتّى تاريخه كان بعض المسيحيّين متردّدين في هذا الإيمان أو مشكّكين، ممّا كان ينذر بانشقاقات في الجماعة المسيحيّة. وجاء مجمع نيقية المذكور يثبّت ألوهيّة يسوع المسيح اعتمادًا على الكتب المقدّسة والتقليد المسيحيّ الثابت. على هذا النحو تمّت "الوحدة في الإيمان" بين المسيحيّين، تلك الوحدة التي ما زلنا إلى اليوم نصلّي من أجلها في صلواتنا قائلين: "لنسأل الوحدة في الإيمان". ما زلنا نصلّي نصلّي من أجل الوحدة في الإيمان التي هي جوهريّة في حياة الكنيسة، لأنّ خطر الانشقاقات ما زال يخيّم على الكيسةن ابتداء من أصغر خليّة فيها، أعني الرعيّة، وصولًا إلى الأبرشيّة والكنيسة المحلّيّة ومن ثمّ إلى الكنيسة الجامعة كلّها.

قد تحصل خلافات فيما بين المسيحيّين، على مستويات متنوّعة ومواضيع متنوّعة، إداريّة وراعويّة ولاهوتيّة وغيرها، إنّما لا ينبغي أن تفضي هذه الخلافات إلى تصدّع وحدة المسيحيّين الإيمانيّة. وقد أدرك كثير من المسؤولين الكنسيّين هذا الخطر المحدق وتخيّلوا نتائجه السيّئة الوخيمة على المسيحيّة، فتنادوا إلى اللقاء والتحاور والتشاور وألّفوا لذلك لجانًا تضمّ أعضاءً من مختلف الكنائس لدراسة مواضيع الاختلاف والبلوغ إلى الوحدة الإيمانيّة المنشودة، مثل مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، واللجنة العالميّة للحوار بين الكاثوليك والأورثوذكس. وهنا في الأردنّ الحبيب، في هذه الأبرشيّة المحروسة، علينا أن نكون يقظين وأقوياء حتّى لا تقودنا بعض الخلافات أو المشاكل، التي تحصل في كلّ المجتمعات البشريّة، إلى تصدّع جسم الكنيسة، إلى تمزّق جسد المسيح الواحد.

بداعي انقضاء ألفٍ وسبعِمئة عامٍ على مجمع نيقية المسكونيّ الأوّل المذكور، وهو ما نسمّيه في المصطلح الكنسيّ "اليوبيل"، أراد قداسة البابا فرنسيس أن يستذكر المسيحيّون هذا المجمع الهامّ ويرفعوا في هذه المناسبة الصلوات والأدعية وأن يقدّموا الأعمال الصالحة من أجل وحدة المسيحيّين في الإيمان، متجنّبين كلّ من شأنه أن يباعد بينهم. ونحن كروم ملكيّين كاثوليك تعني هذه الوحدة الكثير لنا هنا في بطريركيّة أنطاكيا. ما حصل في الماضي من انقسام في هذه البطريركيّة، منذ ثلاثمئة عام، قد حصل بما له وما عليه. علينا اليوم أن نتطلّع إلى الأمام وننظر بأعين جديدة إلى المستقبل، ساعين بكلّ قوانا إلى استعادة وحدتنا، إذ بها نعبّر نحن المسيحيّين عن محبّتنا الكاملة بعضنا لبعض من ناحية، و فيها يرى الذين في الخارج دلالة على هذه المحبّة من ناحية أخرى، ونستجيب في كلا الحالين لصلاة الربّ يسوع أن نكون واحدًا كما أنّه هو والآب واحد.

• بالعودة إلإنجيل الذي تلي على مسامعنا نتعلّم من هذه الحادثة أنّ الخدمة هي رسالتنا وأنّ التنافس، إن حصل، ففي الخدمة. أمّا السعي إلى المناصب والشهرة والمكاسب فهو ليس من فكر المسيح الذي إنّما جاء، كما سمعناه يقول هو نفسه، إنّه قد "جاء لكي يَخدم لا لكي يُخدم، وليبذل نفسه فداء عن كثيرين". في المصطلحات الكنسيّة يسمّى المنصب أو الوظيفة "خدمة"، ذياكونيّا". ولبولس في موضوع الخدمة قول مأثور يوجّهه لكلّ مسيحيّ: "كونوا خدّامًا بعضكم لبعض في المحبّة.

زمن الصوم الذي ما زلنا نسير فيه إلى القيامة المجيدة هو زمن نتعلّم فيه الفضائل التي ترتكز عليها الخدمة المسيحيّة الإنجيليّة، من محبّة ورحمة وتواضع وتوبة، ننتعلّم الأعمال الصالحة التي تطبع خدمتنا والتي كان القدّيس بولس يشدّد عليها والتي قال عنها السيّد المسيح إنّ الناس إذا ما رأونا نعملها يمجّدون أبانا الذي في السماوات…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يزور كنيسة عذراء السجود بشبرا ويترأس القداس الإلهي

Next
Next

غبطة البطريرك يوحنّا العاشر يحتفل بقداس أحد القديسة البارة مريم المصرية ورسامة الأخ الياس بيطار شماساً