الإحتفال بعيد القديس مار أفرام السرياني شفيع الكنيسة السريانية وملفان الكنيسة الجامعة في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق - الباشورة، بيروت
في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 8 آذار/ مارس 2025، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط بالقداس الإلهي الحبري الرسمي بمناسبة عيد القديس مار أفرام السرياني شفيع كنيستنا السريانية وملفان الكنيسة الجامعة، وذلك في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت.
عاون غبطتَه في القداس أصحاب السيادة المطارنة: مار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار يعقوب أفرام سمعان النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة، بحضور ومشاركة الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية وأبرشية بيروت البطريركية ودير الشرفة، والشمامسة والرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات والإكليريكيين طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعايا السريانية في أبرشية بيروت البطريركية، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان. وخدم القداس الجوق البطريركي، وأشرفت على التنظيم الحركات الشبابية في أبرشية بيروت البطريركية.
وحضر القداس غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وقداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط وغبطة البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط وسيادة المطران باولو بورجيا السفير البابوي في لبنان، والمونسنيور ماشدوتس زاهتريان ممثّلاً غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة الغائب بداعي السفر، وسيادة المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت للموارنة، وسيادة المطران جورج بقعوني رئيس أساقفة بيروت وجبيل للروم الملكيين الكاثوليك، ونيافة شاهيه بانوسيان مطران بيروت للأرمن الأرثوذكس، وأصحاب النيافة مطارنة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: الملفان مار ثيوفيلوس جورج صليبا المستشار البطريركي، ومار كريسوستوموس ميخائيل شمعون مطران جبل لبنان وطرابلس، ومار يوسف بالي المعاون البطريركي. كما حضر أيضاً سعادة الأستاذ فادي مصري نقيب المحامين في بيروت.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة البطريرك موعظة روحية تحدّث في مستهلِّها عن دعوة "الرب يسوع إلى أن نُقبِل إليه، أي أن نسلّم ذواتنا بين يديه، وأن نكون له بكلّيّتنا، إذ بالاتّحاد به ننال الإرواء لعطشنا والشبع لجوعنا، وبهديه نسير في معارج الحياة، فنشعّ بنوره من حولنا، وقد نهلنا من "الماء الحيّ" الذي يهبنا إيّاه بغزارة لا حدود لها، على غرار قديسنا العظيم مار أفرام السرياني الذي نحتفل بعيده اليوم، هو الذي نهل من مَعين الرب وارتوى، فأفاض وأروى المتعطّشين إلى تعاليم مخلّصنا يسوع وإلى عيش الروحانية السريانية الآبائية المازجة حياة الصوم والصلاة والزهد بالعمل والخدمة في سبيل نشر ملكوت الله على أرضنا".
وأعرب غبطته عن سروره بالاحتفال بهذا العيد "في هذا اليوم، السبت الأول من زمن الصوم الكبير، بشكل مميّز هذا العام، إذ تحتفل كنيستانا السريانيتان، الأرثوذكسية والكاثوليكية، معاً في اليوم عينه، بعيد شفيعهما مار أفرام السرياني. ونشكر قداسةَ أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني الذي يعيّد عيده، عيد مار أفرام، لمشاركته معنا في فرحة العيد هذه. ويزداد سرورنا بأن نعيّد سويّةً هذا العام، نحن المسيحيين في العالم أجمع، عيد قيامة مخلّصنا. نصلّي مبتهلين في هذا الإحتفال، برجاء وطيد، ونحن في سنة يوبيل الرجاء التي أعلنها قداسة البابا فرنسيس، طالبين لقداسته الشفاء التامّ، وضارعين إلى الرب يسوع، كي يسرّع وحدتنا المنظورة، لنكون الشهود الحقيقيين لقيامته من بين الأموات، بالمحبّة الفاعلة، وليس فقط بالكلام والتمنّيات. كما يسرّنا أن يتلاقى صومنا المسيحي مع صوم إخوتنا المسلمين، علامةً للتآخي والمشاركة في عبادة الله سبحانه وتعالى، داعين لهم بصوم مبارك".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نشترك هذا المساء في ذبيحة القداس الإلهية، للسنة الثالثة على التوالي، في هذه الكاتدرائية العريقة، المسمّاة على اسم القديس جرجس الشهيد العظيم، شفيع العاصمة بيروت العزيزة. إنّ هذه الكاتدرائية التاريخية شاهدة للمخلّص الإلهي وشهيدة من أجل اسمه القدوس، وقد أنجزنا ببركة الرب ومعونته، ترميمها بعد أن نالت منها يد التخريب والتدمير، فهُدِمت بشكل كامل إبّان الحرب التي عصفت بلبنان، وبقيت مدمَّرة لسنوات طويلة، إلى أن قمنا بإعادة بنائها، بالأمانة لأصالتها الكنسية السريانية، لتبقى صامدة في قلب هذه المدينة المحبوبة بيروت".
ونوّه غبطته بأنّنا "نكرّم اليوم شفيعنا مار أفرام السرياني، المنارة الروحية التي شعّ نورها في العالم أجمع، من وعظ وتعليم وإنشاد وشرح للكتاب المقدس. هذا الشمّاس الذي تغنّى بروحانية الصوم من أجل الملكوت، وقرن صومه بالصلاة والتأمُّل، وعاش حياة الزهد المكرَّسة بالمشورات الإنجيلية، وشهد للمحبّة المعطاءة نحو القريب والغريب، في زمن التهجير القسري من مدينته نصيبين إلى الرها. فأضحى مثالاً لنا في البحث عن الكنز الحقيقي الذي يروي ظمَأنا يسدّ جوعنا الروحي ويسعد قلوبنا ونفوسنا".
واستفاض غبطته في الحديث عن سيرة القديس مار أفرام، من ولادته في نصيبين، حيث "نشأ شمّاساً، أي خادماً أميناً لراعي كنيسته وأسقفها مار يعقوب النصيبيني، بحياة الزهد والتقشُّف"، وشارك "مع معلّمه يعقوب النصيبيني في مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325، حيث دافع آباء المجمع بإصرار ودون هوادة عن الإيمان بالرب يسوع ومساواته لله الآب. وها نحن نحيي هذا العام ذكرى مرور 1700 عاماً على انعقاده، سائلين الله أن يجعلنا على الدوام أمناء للإيمان بيسوع ابن الله الحيّ"، متطرّقاً إلى انتقال مار أفرام إلى الرها التي هُجِّرَ إليها قسراً مع العديد من المؤمنين بسبب الحرب، وتعليمه في مدرستها الشهيرة، حيث "قرن العلم بأفعال الرحمة، وقدّم المساعدة للفقراء والمحتاجين، متفانياً في خدمة المرضى والمبتلين بالآفات والأوبئة، حتّى الرمق الأخير من حياته. وبهذا يعطينا المثل في التضحية والبذل من أجل القريب، واليوم نعني به "الآخر"، دون تمييز، لا سيّما في زمن الشدّة والضيق. وقد أودع تلاميذه وصيّته الأخيرة، موصياً إيّاهم بالتمسّك بالصلاة بأمانة نهاراً وليلاً، فلا يكونوا متخاذلين، بل مواظبين على عيش التلمذة للرب بقداسة السيرة".
ولفت غبطته إلى أنّه "يحقّ لكنيستنا السريانية بجناحيها الكاثوليكي والأرثوذكسي أن تفاخر العالم بمار أفرام السرياني، وقد اتّخذَتْه شفيعاً لها. وها هي الكنيسة الجامعة تكرّمه، شرقاً وغرباً، ملفاناً بالسريانية أي معلّم الإيمان، كما أعلنه البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920، وذلك بطلب من سلفنا الأسبق آنذاك المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني رحماني. فأفرام يُعَدُّ أحد أعلام السريان عبر العصور، وأُطلِقَت عليه تسمية "كنّارة الروح القدس"، ولم يجارِهِِ في هذا اللقب سوى القديس مار يعقوب السروجي في القرن السادس، ولا تزال كنائسنا السريانية تغرف الصلوات والأناشيد والتعليم من إرثهما الروحي، شعراً ونثراً، وترنّمها في صلواتها صباحاً ومساءً".
واعتبر غبطته أنّ "الله حبا أفرام الملفان مواهب روحية فريدة، فسُمِّيَ بحقّ "شمس السريان". لقد تعمّق في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، بشاعرية تأمّلية عميقة ومحلِّقة، إن في "الميامر"، أي الأشعار، أو في "المداريش"، أي الأناشيد والنصوص المكتوبة، ولا نزال ننشدها ونستشهد بها في حاضرنا كما كنّا في ماضينا، كما أنّها ستبقى أبداً مُلهِمة للكنيسة جمعاء، وهي التي تُبرِز دفاعه الصلب عن إيمان الكنيسة وعقائدها، وعشقه للغة السريانية، لغة الرب يسوع ووالدته العذراء مريم ورسله القديسين. لذا حُقَّ للمثلَّث الرحمات البابا بنديكتوس السادس عشر أن يعلن في مقابلته العامّة بتاريخ 28/11/2007، أنَّ الإيمان المسيحي جاءنا في ثقافة مشرقية وبتفكير ساميّ، كان أفرام السرياني أفضل الشاهدين عليهما، والذي عبّر عمّا يختزنه الكتاب المقدس بلغته وثقافته الأصلية السريانية"…
هذا الخبر نُشرت على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.