عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في أحد الإبن الضال

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في أحد الإبن الضال، يوم الثلاثاء 23 آذار/ مارس 2025، في الصرح البطريركي في بكركي.

"إنّ ابني هذا كان ميتًا فعاش، وضالًّا فوُجد" (لو 15: 24).

1. ربّنا المسيح، المعلّم الإلهيّ يعلّمنا، في إنجيل هذا الأحد الرابع من زمن الصوم، مفهوم الخطيئة والتوبة والمصالحة. يتوسّط هذا الأحد سلسلة آحاد الصوم الستّة، قبل دخول أسبوع الآلام المقدّس. فنسمّي الآحاد الثلاثة السابقة، آحاد التغيير: تغيير الماء إلى خمر فائق الجودة، كعلامة تغيير باطن الإنسان، تطهير الأبرص علامة الخطيئة التي تتآكل باطن الإنسان، شفاء النازفة علامة نزيف القيم الروحيّة والأخلاقيّة؛ وآحاد الإنطلاق الجديد: شفاء المخلّع للسير في طريق جديد، شفاء الأعمى للدلالة على رؤية جديدة، أحد الشعانين لفتح قلوبنا لاستقبال المسيح الملك الآتي. هكذا تهيّئنا أسابيع الصوم للدخول بروح التوبة والمصالحة مع الله والذات والناس في أسبوع الآلام المقدّس.

في هذا الأحد الثالث والعشرين من آذار، تحيي الكنيسة عيد القدّيسة رفقا، رسولة الألم، فنصلّي لشفاء كلّ المتألّمين في أجسادهم وأرواحهم ونفوسهم.

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال بهذه الليتورجيا الإلهيّة. وأوجّه تحيّة خاصّة إلى عائلة المرحومة إيفا عقل شاهين أرملة المرحوم نصرت جرجس أبي طايع التي ودّعناها منذ أسبوعين مع أبنائها وبناتها الأحد عشر، عن عمرٍ ناهز الخامسة والتسعين. نصلّي لراحة نفسها وعزاء عائلتها.

3. إنجيل هذا الأحد هو إنجيل الخطيئة والتوبة والمصالحة. نتعلّم مفاهيمها من فم المعلّم الإلهيّ من خلال هذا المثل المؤثّر.

تبدأ الخطيئة بالتعلّق في عطايا الله ونسيان معطيها الذي هو الله نفسه. ثمّ الابتعاد عن الله، ودائرة حبّه وعنايته وسماع كلامه، والعيش في الطيش وتبذير الأموال، والوقوع في الفقر والعوز حتى فقدان الكرامة الشخصيّة التي استحقّها لنا المخلّص الإلهيّ. هكذا أصبحت حال الابن الذي أخذ حصّته وسافر إلى بلد بعيد وبدّد ماله وافتقر فقرًا كبيرًا حتى بات يسابق الخنازير على أكل الخروب من دون إمكانيّة الحصول عليها (را لو 15: 13-16). هذه حال من يعيش في حالة الخطيئة.

4. أمّا التوبة فتبدأ بوقفة ضمير هو صوت الله داخل نفوسنا، مثل ذاك الابن الذي رجع إلى نفسه، وأسف على حاله هو الذي يموت جوعًا، والأجراء في بيته الوالديّ يفضل عندهم الخبز. التوبة تبدأ بإدراك الخطيئة والندامة عليها، وقرار الخروج من حالتها ومن أسبابها، والعودة إلى الآب السماويّ، وفرض التكفير عن أخطائه: "لست أهلًا لأن أدعى لك إبنًا، فعاملني كأحد أجرائك" (لو 15: 17-19).

5. أمّا المصالحة فتبدأ بتنفيذ قرار العودة، قرار الخروج من الحالة الشاذة، مثلما قام ذاك الإبن وعاد إلى البيت الوالديّ. هذا من جهة الخاطي، أمّا من جهة الله فإنّه في حالة انتظار لعودة الخاطي. "ففيما كان بعيدًا رآه أبوه. هذا يعني أنّ الله يحرّك قلب الإنسان ليعود عن خطئه. وعندما يعود يسارع الله إلى تقبيله وقبوله واستقباله بحفاوة وبدون مساءلة عمّا فعل. فمجيئه يمحو خطاياه (لو 15: 20-22). أمّا عناصر المصالحة فأربعة:

1. يعاد إليه ثوب النعمة: "ألبسوه الحلّة الفاخرة".

2. يُعاد إليه ملء البنوّة: "ضعوا خاتمًا في إصبعه".

3. يسير في طريق جديد: "ضعوا حذاءً في رجله".

4. يجلس على مائدة جسد الربّ ودمه: "اذبحوا العجل المسمّن" (لو 15: 22-23).

تعالوا ننعم ونفرح لأنّ ابني هذا كان ميتًا فعاش وضالًّا فوُجد"(لو 15: 24)…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس أحد شفاء عبد قائد المئة والرابع من زمن الصوم الكبير

Next
Next

قداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني يلبّي دعوة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز لحضور مأدبة إفطار رسمي في دار الطائفة في بيروت