قداسة البابا فرنسيس في عظته بمناسبة يوبيل المتطوعين: التفاني والخدمة المجانية

ترأس عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل تشيرني صباح يوم الأحد التاسع من آذار/ مارس، القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بمناسبة الاحتفال بيوبيل عالم المتطوعين، وقرأ العظة التي أعدّها قداسة البابا فرنسيس للمناسبة مسلطا الضوء على إنجيل اليوم (لوقا ٤، ١- ١٣).

قداسة البابا فرنسيس في عظته بمناسبة يوبيل المتطوعين: التفاني والخدمة المجانية  (VATICAN MEDIA Divisione Foto)

قاد الروح يسوع في البرية (لوقا ٤، ١). كل سنة، تبدأ مسيرة زمن الصوم باتباع الرب في هذا المكان الذي مرّ به وبدّله من أجلنا: بهذه الكلمات استهل قداسة البابا فرنسيس عظته في هذا الأحد الأول من زمن الصوم مشيرا إلى أنه عندما دخل يسوع البرية حدث تغيير حاسم: فمكان الصمت أصبح مكان إصغاء. اصغاء على المحك لأنه يجب الاختيار بين صوتين متناقضين تماما. وأضاف أن الإنجيل يُظهر أن مسيرة يسوع بدأت بفِعل الطاعة: فالروح القدس، قوة الله، هو الذي قاده. وفي البرية، أشار الأب الأقدس في عظته، يختبر الإنسان الفقر المادي والروحي، والحاجة إلى الخبز والكلمة. وتابع البابا فرنسيس عظته لافتًا إلى أن يسوع أيضا أحسَّ بالجوع (راجع لوقا ١، ٢)، ولمدة أربعين يوما جُرّب بكلمة ليست من الروح القدس، إنما من الشرير، من الشيطان. ومع دخولنا زمن الصوم الأربعيني، جاء في عظة البابا فرنسيس، لنفكر في أننا نحن أيضا معرضون للتجربة ولكننا لسنا وحدنا: فيسوع معنا، ويفتح لنا الطريق عبر البرية. إن ابن الله الذي صار إنسانا لا يكتفي بأن يعطينا نموذجا في مكافحة الشر. بل أكثر من ذلك، إنه يهبنا القوة لمقاومة هجماته وللمثابرة في المسيرة.

وتوقف قداسة البابا فرنسيس من ثم في عظته عند ثلاث نقاط في تجربة يسوع وتجربتنا أيضا: البداية، الطريقة والنتيجة. وأشار إلى أنه من خلال مقارنة هاتين الخبرتين سنجد سندًا لمسيرة التوبة. وأضاف ذهب الرب إلى البرية لا ليُظهر كم هو قوي، إنما لاستعداده البنوي إزاء روح الآب. أما بالنسبة لتجربتنا، فأشار البابا فرنسيس إلى أن الشر يسبق حريتنا، ويُفسدها في العمق كظلِّ في الداخل وشَرَك مستمر. وفيما نطلب من الله ألاّ يتركنا في التجربة (راجع متى ٦، ١٣)، فلنتذكّر أنه قد استجاب أصلا لهذه الصلاة من خلال يسوع، الكلمة المتجسد ليبقى معنا دائما. وأشار البابا فرنسيس من ثم في عظته إلى أن الرب قريب منا ويعتني بنا لاسيما عند المحنة والشك، أي عندما يرفع المجرِّب صوته. فهو أبو الكَذِب (راجع يوحنا ٨، ٤٤).

وتابع الأب الأقدس عظته لافتا إلى الطريقة التي بها جُرِّب المسيح، أي في العلاقة مع الله، أبيه. فالشيطان هو الذي يفرّق، بينما يسوع هو الذي يجمع الله والإنسان، هو الوسيط. ويريد الشيطان أن يدمّر هذه العلاقة: "إِن كُنتَ ابنَ الله، فَمُر هذا الحَجَرَ أَن يَصيرَ رَغيفاً" (لوقا ٤، ٣)، "إِن كُنتَ ابنَ الله، فأَلْقِ بِنَفْسِكَ مِن ههُنا إِلى الأَسفَل" (لوقا ٤، ٩). وأمام هذه التجارب، قرر يسوع، ابن الله، كيف يكون ابنًا. فبالروح الذي يقوده، يُظهر اختياره كيف يريد أن يعيش علاقته البنوية مع الآب. وهذا ما قرره الرب: فهذه العلاقة الفريدة والحصرية مع الله، وهو ابنه الوحيد، تصبح علاقة تشمل الجميع بدون استثناء. وأضاف البابا فرنسيس أن العلاقة مع الآب هي العطية التي يتقاسمها يسوع في العالم لخلاصنا. كما وأشار البابا فرنسيس إلى أننا نحن أيضا نتعرّض للتجربة في علاقتنا مع الله، إنما بطريقة مختلفة. فالشيطان يهمس في آذاننا أن الله ليس حقًا أبانا؛ وهو في الحقيقة تخلّى عنا. يريد الشيطان أن يقنعنا بأن ليس هناك خبز للجياع، ولا حتى من الحجارة، ولا الملائكة يساعدوننا في الشدائد. بل إن العالم هو في قبضة قوى شريرة تسحق الشعوب بغطرسة حساباتها وعنف الحرب. ولكن، وفي اللحظة التي يحاول فيها الشيطان أن يجعلنا نعتقد أن الرب بعيد عنا، ويجعلنا نشعر باليأس، يقترب الله أكثر منا ويقدّم حياته لفداء العالم…

هذه العظة نُشرت على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

ليلة هادئة لقداسة البابا فرنسيس في مستشفى جيميلي

Next
Next

غبطة البطريرك يوحنّا العاشر يترأس قداس أحد الأرثوذكسيّة في الكاتدرائية المريمية بدمشق