عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في أحد الموتى المؤمنين
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في أحد الموتى المؤمنين، يوم الأحد 23 شباط/ فبراير 2025، في الصرح البطريركي في بكركي - لبنان.
"عندهم موسى والأنبياء، فليسمعوا لهم" (لو 16: 29).
1. تذكر الكنيسة، في هذا الأحد وطيلة الأسبوع الطالع، الموتى المؤمنين الذين عاشوا فضيلة الفقر الإنجيليّ، وتذكر الذين تقاسموا مع الإخوة المعوزين خيرات الدنيا، المعدّة من الله لجميع الناس، وتذكر الأنفس المطهريّة لكي يخفّف الله من آلامها وينقلها إلى المجد السماويّ. فالكنيسة هي الأمّ والمعلّمة بالنسبة لجميع الناس لكي يهتدوا إلى الله في حياتهم على هذه الأرض، ويبلغوا الملكوت السماويّ. هذه الكنيسة متمثّلة "بموسى والأنبياء الذين ينبغي أن نسمع لهم" (لو 16: 29).
2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، لنحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، ونقيم صلاة وضع البخور لراحة نفوس موتانا وسائر الموتى المؤمنين، سائلين لهم الراحة الأبديّة.
3. سندان في مساء الحياة على تقاسمنا خيرات الدنيا مع الإخوة والأخوات المعوزين، إمّا ثوابًا بالنعيم الأبديّ، وإمّا هلاكًا أبديًّا. تقاسم خيرات الدنيا مع الفقراء هو طريقنا إلى الله، وواجب نؤدّي الحساب عنه. قال القدّيس غريغوريوس النيصيّ: "إنّ ما يفيض عنك ليس لك، فلا تستطيع أن تجعل نفسك مالكًا له". وقال القدّيس باسيليوس الكبير: "لا يحقّ لك أن تستعمل مالك كمتمتّع به على هواك، بل كموكّل عليه".
4. ليس هلاك الغنيّ بسبب غناه. فخيرات الدنيا المشروعة هبة من الله وبركة. بل هلاكه من طمعه، واستعباده لصنم ماله ومقتناه، ومن عدم محبّته وإغلاق قلبه ويده عن لعازر المسكين المطروح عند باب دارته. مشكلته أنّه عبد ماله لا الله. ينبّهنا الربّ يسوع: "لا يقدر أحد أن يعبد ربّين: الله والمال. فإمّا يبغض الواحد ويحبّ الآخر، وإمّا يلازم الواحد ويرذل الآخر" (متى 6: 24).
5. تعلّم الكنيسة أنّ خيرات الدنيا معدّة من الله لجميع الناس، من يمتلكها شرعًا هو موكّل عليها من العناية الإلهيّة ليستثمرها لخيره وخير غيره من الناس بدءًا من الأقربين (الكنيسة في عالم اليوم، 69؛ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة 2403-2404). الأخ المحتاج الذي نتقاسم معه خيراتنا يحرّرنا من التعلّق المفرط بها تعلّقًا يحجب عنّا رؤية وجه الله".
فلو فعل ذاك الغنيّ ذلك لما كان هلك إلى الأبد. لقد أدرك هو غلطته الكبيرة، فتوسّل إلى إبراهيم أن "يرسل لعازر إلى إخوته الخمسة ليشهد لهم، كي لا يأتوا هم أيضًا إلى مكان العذاب هذا" (لو 16: 27-28).
6. أمّا خلاص لعازر المسكين، فلم يكن بسبب فقره، بل بسبب قبوله حالة الفقر والعوز بالقناعة ومحبّة الله. فكان يكتفي بالاستعطاء، ويشتهي بحقّ الفتات المتساقط عن مائدة الغنيّ، منفتحًا على رحمة الله التي كان ينبغي أن تظهر في رحمة ذاك الغنيّ. لذلك عندما "مات لعازر حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم"(لو 16: 20-22). أمّا الغنيّ "فمات ودفن"(لو 16: 22)…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.