قداسة البابا فرنسيس للحركات الشعبيّة: علينا محاربة الاقتصاد الإجرامي، لا للداروينيّة الاجتماعيّة
قداسة البابا فرنسيس يلتقي ممثّلي الحركات الشعبيّة في سان كاليستو لمناسبة الذكرى العاشرة للّقاء الأوّل في الفاتيكان. يشجّع كفاحهم ضدّ الظلم الاجتماعي، ويحثّهم على إعطاء صوت للفقراء الّذين "نعتمد عليهم جميعًا".
التقى قداسة البابا فرنسيس عصر الجمعة ١٩ أيلول/ سبتمبر ممثّلي الحركات الشعبيّة في سان كاليستو لمناسبة الذكرى العاشرة للّقاء الأوّل في الفاتيكان وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة دعا فيها إلى العناية بالأخيرين، والمسنّين والأطفال، وإلى التحلّي بالشفقة، وأن نكون إلى جانب الآخرين، وأن نكون صوت من لا صوت له، لأنّه على هامش المجتمع أو يتمّ تجاهله. لكن قداسة البابا فرنسيس دعا أيضًا الأثرياء لكي يضعوا خيورهم في متناول الجميع، لأنّ "الغنى قد صنع لكي تتمّ مشاركته، وللإبداع وتعزيز الأخوّة"، وذكّر أنّنا "لسنا شيئًا بدون الحب" وأنّه علينا أن نعمل لكي يكون هذا الحبّ فعّالًا في جميع العلاقات، لأنّ كلّ شيء يجب أن يتمّ بالحب، ويجب أن نصرّ لكي يكون هناك عدالة، كما فعلت الأرملة في الإنجيل، بدون عنف.
وذكّر الحبر الأعظم أوّلًا بما كتب في بداية حبريّته في الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، وأعاد التأكيد على أنّه إلى أن "يتمّ حلّ مشاكل الفقراء بشكل جذري، ويتمَّ التخلّي عن الاستقلال المطلق للأسواق والمضاربات الماليّة ومهاجمة الأسباب الهيكليّة لعدم المساواة، لن يتمّ حل مشاكل العالم، وفي نهاية المطاف أية مشكلة". لأنّنا "جميعنا نعتمد على الفقراء، جميعنا، حتّى الأغنياء". وقال قداسة البابا فرنسيس أنّ هناك من يقول له أن يتحدّث كثيرًا عن الفقراء وقليلًا عن الطبقة الوسطى" واعتذر عن ذلك، لكنّه أشار إلى أنّه لا يمكن إنكار محوريّة الفقراء في الإنجيل، وبالتّالي ليس البابا هو الّذي يضعهم في محور الاهتمام، ولكن يسوع، لذلك "إنّها مسألة من إيماننا ولا يمكن التفاوض بشأنها". وإذا لم تكن هناك "سياسات جيّدة وسياسات عقلانيّة وعادلة تعزّز العدالة الاجتماعيّة لكي يحصل الجميع على الأرض والمأوى والعمل، ولكي يحصل الجميع على أجر عادل وحقوق اجتماعيّة ملائمة فإنّ منطق الهدر المادي والهدر البشري سينتشر، تاركًا المجال للعنف والخراب". لسوء الحظ، في كثير من الأحيان يكون الأغنياء هم الّذين يعارضون تحقيق العدالة الاجتماعيّة أو الإيكولوجيا المتكاملة بدافع الجشع الخالص. نعم يخفون هذا الجشع بالأيديولوجيّة، لكنّه الجشع القديم والمعروف. ويضغطون على الحكومات لدعم السياسات السيئة التي تفيدهم اقتصاديًا.
وتمنّى البابا أن "يخرج الأشخاص الأقوياء اقتصاديًّا من العزلة، ويرفضوا الضمان الزائف للمال، وينفتحوا على تقاسم الخيور، الموجّهة للجميع لأنّها تنبع جميعها من الخليقة".وشدّد الحبر الأعظم على ضرورة تقاسم الثروات، "ليس كصدقات"، بل "بشكل أخوي". ومن أجل مساعدة الفقراء، فإنّ دعوته إلى الحركات الشعبيّة هي السؤال والصراخ والقتال واستدعاء الضمائر، لأنّ هناك "طريقة منحرفة لرؤية الواقع تتقدم"، و"تمجد تكديس الثروات كما لو كان فضيلة"، فيما أنّه رذيلة.
تابع قداسة البابا فرنسيس يقول إنّ التكديس ليس فاضلا، أما التوزيع فبلا. إن يسوع لم يكدّس، بل كثَّر، وتلاميذه وزّعوا. تذكروا أن يسوع قد قال لنا: "لا تكنزوا "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض. حيث يُفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء، حيث لا يُفسد سوسٌ ولا صدأٌ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم". إن التنافس الأعمى "للحصول على المزيد من المال ليس قوة إبداعية، بل هو موقف غير سليم، وطريق نحو الهلاك"، أضاف الأب الأقدس الذي يعتبر هذا السلوك "غير مسؤول وغير أخلاقي وغير عقلاني"، لأنه "يدمر الخليقة ويقسم الأشخاص". ولا يجب أن نتوقف عن التنديد بذلك، لأنه "يمكن لصرخة المستبعدين أن توقظ أيضًا الضمائر النائمة للعديد من القادة السياسيين"، المسؤولين عن "إنفاذ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، التي "تعترف بها جميع البلدان تقريبًا". والأمم المتحدة، والعقيدة الاجتماعية لجميع الأديان، ولكنها لا تظهر في كثير من الأحيان في الواقع الاجتماعي والاقتصادي". ومن ثم على العدالة الاجتماعية أن تترافق بالشفقة، التي "تعني التألّم مع الآخرين ومشاركة مشاعر الآخرين" والتي "لا تقوم على إعطاء الصدقات" للمحتاجين، و"النظر إليهم من فوق، ورؤيتهم من ضماناتنا امتيازاتنا"، "الشفقة تعني الاقتراب من بعضنا البعض"، الشفقة هي جسدية، وأخوية، وعميقة. سواء كنا نشارك الألم نفسه أو ما إذا كنا نتأثّر بألم الآخرين. إنّ الشفقة الحقيقية تبني وحدة الأشخاص وجمال العالم…
هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.