إرجعْ الى نفسِك
بقلم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانيّة في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط
بين الفينة والأخرى، نحتاج الى أخذ قسطٍ من الراحة والخلوة والصمت، للخروج من الروتين وصخب العمل، والعودة الى نفوسنا بكل هدوء، لنتمكن من الوقوف عند نقاط تستحق أن نقف عندها ونراجعها، كالطموحات والاختيارات والتصرفات والأسلوب. هذا يتم فرديّاً في الاختلاء “السكينة” وجماعيّاً في الرياضات الروحية الدورية والسنوية. انها مناسبة فريدة للعودة الى الذاكرة والضمير الحي.
ثمة قيَم وثوابت أساسيّة نحتاج العودة اليها، وتجسيدها في الواقع اليومي، وتصويب الانحراف، لنعيش بسلام داخلي وفرح: “ينعم محبّو تعاليمك بسلام عظيم، وما من شيء يُهزمهم“ (مزمور 119/ 165).
هل ندرك اننا نكذب حين ننشر اخباراً ملفّقة، وفق معاييرنا الشخصية، لنبدو أقوياء؟ الحقيقة لا تحتاج الى التلفيقات. حبل الكذب قصير! والناس تعرف عندما نكذب ونسرق ونظلم حتى نَصعد!
الفقاعات الكاذبة لا تثبت اننا على الحق، بل تكشف انفصامنا عندما نستخدم أدلّة كاذبة لتعزيز موقفنا! مؤلمٌ جداً، عندما يحوّل البعض الكذب الى سلاح للاغتيال المعنوي! لنبتعد عن اذية الناس لان الله سوف يحاسبنا، خاصة عندما نكون مؤمنين ونصلي.
لا احد يولد كاملاً أو قديساً. ولا يكفي ان نُعمَّد او نَقبل رسامة ما، حتى نصبح “آلياً” قديسين. الكمال والقداسة مشروع طويل وصعب يُسميه يسوع “الباب الضيّق” (متى 7/ 13).
كلنا معرَّضون للخطأ، ومن دون هذه المراجعة الصريحة سوف نعيش في حالة من الشدّ stress والقلق، وقد نخسر اصدقاءنا ونفوسنا!
نستمد ايماننا من الرب وهو جوهر مسيحيتنا. علينا ان نعيشه بطريقة رائعة، ونعرف كيف نشعّ حولنا فرح عيشه بحماسة. إيماننا الداخلي هو بوصَلتنا. الإيمان قبول شخصيّ ملزِم. حينما نمارسه عن قناعة ووعي فكراً وقولاً وفعلاً، حينها لا نحتاج لفقاعات كاذبة تثبت اننا على الحق.
المؤمن لا يخرج عن وصايا الله! اننا كمؤمنين، نعيش درب الصليب أكثر من كوننا نعيش في دائرة الانتصارات! ألسنا علامات (شهوداً) للاخرين!
عندما نصرّ “بعصبية عاطفية” على التمسك بكل ما هو قديم من عادات وتقاليد عفى عليها الزمن، ألا نتقاطع مع توجّه الكنيسة الجامعة التي تدعو باستمرار الى التجديد والتأوين والتنشئة المستدامة؟
اذكر على سبيل المثال المناولة. كل تقليدنا يُشير الى المناولة على راحة اليد: فلماذا ننتقي ما نريد من إرثنا الروحي ونفرضه مزاجياً، لنترك الناس تتناول بطريقة خشوعية عن طريق اليد أو الفم. يقول مار افرام “هلموا أيها الصائمون وتناولوا القدس على راحة يدكم، وتناولوا الحياة بلسانكم” (الموصل 1901 ص303) ونرساي “يجعل المتناول يديه على شكل صليب ويستقبل جسد الرب فوق الصليب ويعانقه ويقبله بمحبة” (مقالة 17/ 435-439)…
هذا المقال نُشر على موقع البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد، لقراءة المزيد إضغط هنا.