عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد السابع عشر من زمن العنصرة

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة، يوم الأحد 8 أيلول/ سبتمبر 2024، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان.

"ومن هو قريبي" (لو10: 29) .

1. إنّه سؤال مهمّ "ومن هو قريبي" لو10: 29). طرحه على الربّ يسوع ذاك الرجل العالم بالتوراة، لأنّ فيه أعطى المعلّم الإلهيّ الجديد في تعليمه. أي إنّه جعل رابط المحبّة والرحمة رابط القرابة. "قريبنا" هو الذي نعامله بالمحبّة والرحمة. هكذا أجاب عالم الشريعة. لـمّا سأله يسوع: "أيّ هؤلاء الثلاثة، في رأيك، كان قريبًا للذي وقع بين أيدي اللصوص؟" أجاب عالم الشريعة: "الذي عامله بالرحمة". فأعلن يسوع شريعته الجديدة: "إذهب واعمل أنت أيضًا هكذا" (لو 10: 36-37).

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، وأن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة. مع تحيّة خاصّة للمحامية ماي بولس رئيسة رابطة خرّيجي كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانيّة الفرع الثاني جلّ الديب مع الوفد المرافق.

3. كان السؤال الأساسي الذي طرحه ذاك العالم بالتوراة: "يا معلّم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟" فكان جواب الربّ بسؤال: "ماذا كُتب في التوراة، وكيف تقرأ؟" فأجاب من دون تردّد: "أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك، وكلّ نفسك، وكلّ قدرتك وكلّ فكرك. وأحبب قريبك كنفسك" (لو 10: 27). فأجابه الربّ يسوع: "بالصواب أجبت! إفعل هذا فتحيا" (لو 10: 28).

4. لكن على السؤال الثاني: "ومن هو قريبي" (لو 10: 29)، جاء جواب يسوع فتحًا جديدًا، وتطوّرًا لشريعة المحبّة القديمة. "قريبك" هو أيضًا وخاصّةً عدوّك. "قريبك" هو الذي أنت تصنعه قريبك، عندما تعامله بالمحبّة والرحمة. هذا ما أراد يسوع أن يبيّنه بالمثل الذي أعطاه: القرابة الحقيقيّة، قبل أن تكون قرابة الدم أو الدين، هي قرابة المحبّة والرحمة. الرجل الذي وقع بين أيدي اللصوص كان يهوديًّا. مرّ إثنان من ملّته ودينه، كاهن ولاويّ، فأبصراه ومالا عنه ومضيا. فلا الدين ولا الملّة حرّكا قلبيهما، ما يعني أنّهما ليسا رابط القرابة الحقيقيّة. أمّا الذي اعتنى به، بمحبّة ورحمة، هو عدوّه أي السامريّ الذّي حوّل العداوة إلى محبّة ورحمة.

المحبّة والرحمة هما ثقافتنا المسيحيّة التي علينا أن نعامل بها كلّ إنسان، دونما اعتبار لدينه أو ملّته أو انتمائه. يكفي أن يكون ذا حاجة. والحاجة لا دين لها ولا انتماء. فالينبوع لا يسأل العطشان عن دينه، وانتمائه. هذه بطولة الحياة في تعليم الربّ يسوع.

5. تحتفل الكنيسة اليوم 8 أيلول بعيد مولد سيّدتنا مريم العذراء. يرقى هذا العيد إلى القرن السادس في الشرق. أرادت الكنيسة أن تكرّم، في هذا العيد، ميلاد مريم لأنّها تجعل منه بداءًا لخلاص البشريّة بالمسيح الذي سيولد فيها. وُلدت مريم، ككلّ إنسان، من والدَين هما يواكيم وحنّة. ولكن بتدخّل إلهيّ عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، الموروثة من أبوَينا الأوّلين آدم وحوّاء، حسب كتب الوحي الإلهيّ. عصمها الله لأنّه أعدّها لتكون أمّ إبنه، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، الذي ستحبل به، بقوّة الروح القدس، وهي عذراء مخطوبة ليوسف. وسيأخذ في التاريخ اسم "يسوع المسيح". فاستباقًا لعمل الفداء والخلاص، المدعوة لتشارك فيه، ولاستحقاقات ابن الله المتجسّد منها، عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، فكانت عقيدة الحبل بلادنس، التي أعلنها الطوباويّ البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأوّل 1854، والتي أكّدتها مريم العذراء، بعد أربع سنوات، في إحدى ظهوراتها للقدّيسة برناديت في لورد سنة 1858، عندما سألتها عن إسمها، فأجابت: "أنا الحبل بلا دنس"…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

رئيس الأساقفة سيادة المطران حسام نعوم يمنح سرّ التثبيت في رعيّة القدّيس متّى في الزبابدة

Next
Next

غبطة البطريرك يوحنّا العاشر يترأّس القدّاس الإلهيّ الاحتفاليّ لعيد ميلاد والدة الإله في دير سيّدة صيدنايا البطريركي