عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الحادي عشر من زمن العنصرة
تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الحادي عشر من زمن العنصرة، يوم الأحد 28 تمّوز/ يوليو 2024، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان.
"اليوم صار الخلاص لهذا البيت" (لو 19: 9) .
1. لـمّا أعرب زكّا عن توبته، وعن التعويض عن خطاياه بمنح نصف مقتنياته للفقراء، وبردّ أضعاف لمن ظلمهم، قال له يسوع: "اليوم صار الخلاص لهذا البيت" (لو 19: 9). ما يعني أنّ التوبة الحقيقيّة قائمة على الإقرار بالخطايا والتعويض عنها. وإلّا إمّا ظلّت التوبة أمرًا خارجيًّا كأنّها لم تكن، وإمّا لم تُمارس أبدًا وهذا أمرٌ أخطر.
فلنصلِّ في هذه الليتورجيا الإلهيّة كي يمنحنا الروح القدس التوبة الحقيقيّة، ونمارسها لكي ننال الخلاص الذي أعلنه المسيح الربّ لزكّا، وهو الغاية من رسالة الخلاص الذي أتمّه "مائتًا عن خطايانا، وقائمًا لتقديسنا" (راجع 1 كور 15: 2-3). وهو الغاية من رسالة الكنيسة والكهنوت.
2. يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، مرحبًّا بكم جميعًا وبخاصّة "باتحاد لجان الأهل في كسروان وجبل لبنان في المدارس الكاثوليكيّة، وبوفد من الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانيّة الذين ينتظرون حلّ مشكلة تفرّغهم. وأوجّه تحيّة خاصّة لعائلة المرحومة كلير نمر ساسين بو خليل، أرملة المرحوم خليل مخايل بو طانوس، التي ودّعنا منذ أسبوعين مع أبنائها وبناتها، وعلى رأسهم قدس الأب مالك بوطانوس، الرئيس العام السابق لجمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة، ونذكر من بين أبنائها عزيزنا ماجد، مصمّم الأزياء الكنسيّة الذي قدّم للكرسيّ البطريركيّ العديد من الغفّارات والتيجان. ونذكر جميع أبنائها الأربعة وبناتها الثلاث وعائلاتهم وقد عاشوا على مبدأ الوالدين في خدمة الكنيسة والرعيّة والعائلة. ونذكر معهم جميع الأنسباء. نصلّي في هذه الذبيحة الإلهيّة لراحة نفس المرحومة كلير وعزاء أسرتها.
3. عندما أعلن زكّا العشّار توبته. أعلن الربّ يسوع الغاية من موته وقيامته: "لأنّ إبن الإنسان جاء ليبحث عن الهالك فيخلّصه" (لو 19: 10). فزكّا رئيس العشّارين والغنيّ كان "هالكًا" بسبب خطاياه التي أقرّ بها وهي: عدم الإكتراث بالفقراء، وظلم من كان يجمع منهم الجباية. فقرّر منح الفقراء نصف مقتنياته، وردّه للذين ظلمهم أربعة أضعاف. وكان زكّا معروفًا بأنّه خاطي علنًا لسببين: الأوّل لأنّه من خلال جباية المال كان يختلس ظلمًا، والثاني، لأنّه كان يجبي العشر للدولة الرومانيّة الوثنيّة المحتلّة، فكانوا يعتبرونه عميلًا.
4. أكرم يسوع زكّا العشّاروالغنيّ المعروف بأنّه خاطي علنيّ، إذ دعاه باسمه، ودخل بيته، وجلس إلى مائدته. لكنّ زكّا قدّر هذه النعمة وأجرى توبة جذريّة في حياته. وصنع الفرق. فالأغنياء، الذين قال عنهم الربّ أنّه "عسير عليهم أن يدخلوا ملكوت السماوات" (متى 19: 23)، زكّا لم يعد واحدًا منهم بتوزيع نصف أمواله على الفقراء. ويمكن أن نقول، إذا جاز التعبير، أنّه اشترى بماله ملكوت السماوات. ألم يقل الربّ يسوع لذاك الشاب: "إذهب بعْ كلّ ما لك، وأعطه للفقراء فيكون لك كنزٌ في السماء، وتعال اتبعني!" (متى 19: 21)…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.