عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد التاسع من زمن العنصرة

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد التاسع من زمن العنصرة، يوم الأحد 14 تمّوز/ يوليو 2024، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان.

"روح الربّ عليّ مسحني ... وأرسلني" (لو 4: 18) .

1. هذه الكتابة من آشعيا النبيّ كُتبت سبعماية سنة قبل المسيح. فقال عنها الربّ يسوع أنّها كتبت عنه: "اليوم تمّت هذه الكتابة التي تُليت على مسامعكم" (لو 4: 21). إنّه هو الذّي تنبّأ عنه آشعيا. أجل، تنبّأ عن هويّته: وهي مسحةُ الروح القدس في بشريّته؛ وتنبّأ عن رسالته المثلّثة وهي: النبويّة: أرسلني لأبشّر المساكين؛ والكهنوتيّة: أرسلني لإطلاق المأسورين، وعودة البصر للعميان، وتحرير المظلومين بأجسادهم وأرواحهم ونفوسهم؛ والملوكيّة: وأرسلني لإعلان زمن مرضيّ للربّ (لوقا 4: 18-20).

2. يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، عائشين علاقتنا بالمسيح النبيّ والكاهن والملك، وملتزمين بهويّتنا ورسالتنا التي أشركنا فيها بالمعموديّة والميرون. وأوجّه تحيّة خاصّة لعائلتي الشهيدين هيثم ومالك طوق، في ذكراهما السنويّة الأولى. نصلّي في هذه الذبيحة الإلهيّة لراحة نفسيهما ولعزاء قلوب أسرتيهما، ولكي يتمكّن القضاء من تحديد الأراضي بين بشرّي والضنيّة، خدمةً للحقيقة والعدالة بعيدًا عن أي ضغوطات سياسيّة أو طائفيّة على القضاء.

ونوجّه تحيّة ترحيب بمجموعة من رابطة سيّدة إيليج.

3. الروح القدس الذي ملأ بشريّة يسوع يوم إعتماده في نهر الأردنّ، قاده إلى مجمع الناصرة في ذاك يوم السبت حيث كانت القراءة من نبوءة أشعيا تحقّقت في شخص يسوع كتأوين لها: "اليوم تمّت هذه الكتابة" (لو 4: 21). هذا هو عمل الروح القدس: إنّه يحقّق فينا الآن وهنا كلام الله. فلا نسمعه كلامًا من الماضي، بل كلامًا من الحاضر، موجّهًا إلى كلّ واحد وواحدة منّا. إنّ الروح القدس يعمل فينا بواسطة أسرار الكنيسة حيث يتواصل عمل المسيح الخلاصيّ. فيقدّسنا من خلالها الروح القدس ويجعلها فاعلة فينا الآن وهنا. وفوق ذلك يوزّع علينا الروح مواهب خاصّة، لكي يضعها كلّ واحد وواحدة منّا في خدمة الجماعة، فيساهم الجميع، كوكلاء على نعم الله، في بناء جسد المسيح في الحقيقة والمحبّة (راجع القرار المجمعيّ في رسالة العلمانيّين، 3).

4. هذه الصفحة الإنجيليّة تنطبق على كلّ مؤمن ومؤمنة. فنبوءة "روح الربّ عليّ: مسحني وأرسلني" تتحقّق فينا. فقد نلنا الروح القدس بالميرون، ونناله كلّ مرّة نتقرّب من الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سرّي التوبة والقربان. إذن، نحن أيضًا يقودنا الروح ويرسلنا إلى حيث يريد أن نشهد للمسيح في كلّ عمل ومسؤوليّة ومبادرة، كما "قاد يسوع إلى الجليل حيث راح يعلّم في مجامعهم، ودخل المجمع يوم السبت وقرأ نبوءة أشعيا، كلامًا نحقّق فيه ولساعته (راجع لو 4: 14 وما يليها).

5. لا يمكن فصل حياتنا عن إلهامات الروح وتوجيهاته. فما أجمل أن نلتمس باستمرار أنوار الروح قبل أيّ عمل أو موقف: "هلّم أيّها الروح القدس، واملأ باطن قلوب مؤمنيك". فتأتي أعمالنا ومواقفنا شاهدة للحقيقة والمحبّة التي يملأنا بها المسيح الربّ: فكلام الإنجيل يملأ عقولنا من الحقيقة، وتناول جسد الربّ ودمه في القربان يغذّي قلوبنا بالمحبّة. على أساس الحقيقة والمحبّة تُبنى الجماعة العائليّة والكنسيّة والإجتماعيّة والوطنيّة…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو يفتتح الجلسة الأولى للسينودس بحضور كلّ من أساقفة الكنيسة الكلدانيّة

Next
Next

سلسلة "مؤهّلات الخدمة" (٣).. "مرجعيّة الكتاب" في اجتماع الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني، وتكريم أوائل الشهادة الإعداديّة