عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في قدّاس أحد البشارة لمريم

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في قدّاس أحد البشارة لمريم، يوم الأحد 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، في الصرح البطريركي - بكركي، لبنان.

"في ملء الزمن أرسل الله جبرائيل إلى عذراء الناصرة المخطوبة ليوسف"

(غلا 4: 4؛ لو 1: 26-27).

1. في ملء الزمن أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة (غلا 4: 4). بهذه الكلمة أراد بولس الرسول أن يبيّن أنّ الله هو سيّد التاريخ. فبعد البشارة لزكريّا بمولد يوحنّا، وقد أصبحت زوجته اليصابات في شهرها السادس، أرسل الله جبرائيل الملاك يحمل البشارة لمريم عذراء الناصرة، المخطوبة ليوسف من بيت داود الملك. إنّها بشرى الإنجيل، هذا الخبر المفرح للبشريّة جمعاء، وهي أن الله يريد كلّ إنسان يولد لإمرأة، ويحبّه ويخصّه بدور متناسب مع فرادته في تاريخ الخلاص، ويرافقه بعنايته في جميع مراحل حياته.

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، ونحن نحتفل بهذه الليتورجيا الإلهيّة. وأوجّه تحيّة خاصّة لشقيقي نبيه ولعائلته، ونحن نقيم هذه الذبيحة الإلهيّة لراحة نفس زوجته المرحومة إلهام الجميّل الراعي، بمناسبة مرور أربعين يومًا على وفاتها. فنذكرها بصلاتنا في هذه الذبيحة التي نقدّمها لراحة نفسها ولعزائنا وعزاء أسرتها.

3. إنّ بشارة مريم، بتحديد مكانها وزمانها، تبيّن أنّ الله يواكب تاريخ البشر، ويكشف أسراره الخلاصيّة في الوقت المناسب، ومع الأشخاص الذين اختارهم لهذه الغاية. فلكلّ إنسان دور ما في تاريخ الخلاص، وفقًا لحالته وموقعه ومسؤوليّاته.

بهذه الحقيقة يظهر أمامنا لاهوت الزمن الذي تقدّمه لنا الليتورجيا، إذ تعتبره انفتاحًا دائمًا على تجليّات الله، وانتظارها في مسيرة الرجاء. ولذا تدعونا الكنيسة لتقديس الزمن ليلًا ونهارًا بالصلاة.

وفوق ذلك تقسم الليتورجيا السنة إلى أزمنة مرتبطة بوقائع تاريخ الخلاص، وتفسح في المجال أمام المؤمنين والمؤمنات لعيشها والإمتلاء من نعمة الخلاص (دستور الليتورجيا، 102).

4. إنّنا نجد مريم حاضرة في ليتورجيا الأزمنة الطقسيّة قرب ابنها يسوع، وهي أمته وشريكته في عمل الفداء وأمّ كنيسته. وتتّحد بشكل لا ينفصم بعمله الخلاصيّ. وفي شخصها ترى الكنيسة بإعجاب وتعظّم ثمرة الفداء الأسمى، وفيها تتأمّل بفرح.

مريم هي وسيطة وشريكة الفداء.

الوسيط الوحيد بين الله والناس هو الإنسان يسوع المسيح الذي بذل ذاته فدىً عن الجميع (1طيم 2: 5-6). أمّا وساطة أمّه مريم فتكشف فاعليّة وساطة ابنها الإله والإنسان. وساطتها ليست من ذاتها، بل تنبع من فيض استحقاقات المسيح ابنها. بوساطتها تسهّل اتّحاد المؤمنين بالمسيح ولا تصنعه (الدستور العقائديّ في الكنيسة، 60).

أمّا مشاركتها في عمل الفداء فهي كما علّمتها الكنيسة أنّها: بحبلها بالمسيح وولادته وتغذيته، وتقديمه للآب في الهيكل، وبآلامها مع ابنها المائت على الصليب، وشاركت بشكلٍ خاصّ في عمل المخلّص، بالطاعة والإيمان والرجاء والمحبّة الحارّة من أجل أن تنال النفوس الحياة الأبديّة. وبهذا اصبحت لنا أمًّا بالنعمة(الدستور العقائديّ في الكنيسة، 61).

وساطة مريم ومشاركتها في عمل الفداء والخلاص مستمرّان بتشفّعها بأبنائها وبناتها المسافرين في بحر هذا العالم لكي ينالوا الخلاص الأبديّ. ولهذا تصلّي إليها الكنيسة وتدعوها أمّ المعونة الدائمة، وسيّدة المعونات والمحامية والوسيطة. فهي وحدها تقودنا إلى الإتّحاد بابنها الذي هو الوسيط الوحيد والمخلّص الأوحد(الدستور العقائديّ في الكنيسة، 62)…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

الذكرى التاسعة عشر لجلوس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث على العرش البطريركيّ الأورشليمي

Next
Next

رسالة غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان لمناسبة عيد الاستقلال اللّبناني