تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد التاسع والعشرون من الزمن العادي – ب
نقلًا عن موقع بطريركيّة القدس للّاتين.
تجدون في التالي تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحدُ الثلاثون من الزمنِ العاديِّ ب، الأحد 27 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024.
مَرقُس 10، 46-5
نحنُ الآنَ على مشارفِ القُدسِ، وما نقرأُهُ اليومَ (مَرقُس 10، 46-52) هو آخرُ معجزةٍ يرويها الإنجيليُّ مرقُس. إنَّها آخرُ معجزةٍ، وهيَ أيضًا معجزةٌ ذاتُ دلالةٍ عميقةٍ ومعنىً رمزيٍّ كبيرٍ.
الشخصيةُ الرئيسيةُ هيَ رجلٌ أعمى، ومنَ الغريبِ أنَّ مرقُسَ يذكُرُ اسمَهُ: بَرتيماوس (مَرقُس 10، 46).
لأولِ مرةٍ نعرفُ اسمَ الشخصِ الذي يُشفيهِ يسوعُ، وهذا ليسَ بمحضِ الصدفةِ.
من خلالِ ذكرِ الاسمِ، يسعى الإنجيليُّ إلى الربطِ بينَ بَرتيماوسَ وبقيةِ الشخصياتِ في الإنجيلِ الذينَ نعرفُ أسماءَهم، أيِ التلاميذَ. بَرتيماوسُ هوَ في الواقعِ صورةُ التلميذِ الذي يتبعُ يسوعَ في رحلتِهِ نحوَ القدسِ.
في الآيةِ 49، يتكرَّرُ الفعلُ "دعا" ثلاثَ مراتٍ. كانَ يجلسُ بَرتيماوسُ على جانبِ الطريقِ، وعندما سمعَ بمرورِ يسوعَ، بدأَ يصرخُ بصوتٍ عالٍ طالبًا الرَّحمةَ.
ثمَّ توقَّفَ يسوعُ وأمرَ بأن يدعُوهُ، ونفسُ الأشخاصِ الذينَ كانوا يوبِّخونهُ من قبلُ ويطلبونَ منهُ السُّكوتَ، دعوهُ وقالوا له: "توقَّفَ يسوعُ وقالَ: «ادعُوهُ». فدعوا الأعمى قائلينَ له: «تشجَّعْ! قُم، إنَّهُ يدعوكَ!»". بَرتيماوسُ هوَ شخصٌ مدعوٌّ، ودعوتُهُ تقولُ شيئًا عن حياةِ التلاميذِ الذينَ ليسوا أشخاصًا مثاليينَ، بل هم بحاجةٍ إلى الخلاصِ والنُّورِ كالجميعِ. يسوعُ يدعو أشخاصًا ضعفاءَ، وعندما يدعوهمْ، يستطيعُ أن يشفيَهمْ.
عندما سمعَ ذلكَ، قفزَ بَرتيماوسُ واقفًا، وتركَ رداءهُ وذهبَ إلى يسوعَ "فطرحَ رداءهُ، وقامَ وأتى إلى يسوعَ" (مَرقُس 10، 50). وهذاَ أيضًا دليلٌ آخرُ يعبرُ عن التلمذةِ. فالتلميذُ هوَ منْ يتركُ كلَّ ما يملكُ، كما فعلَ المدعوونَ الأوائلُ. ليسَ نتيجةَ جهدٍ إراديٍّ، بل لأنَّهُ وجدَ الكنزَ، شيئًا أكبرَ وأهمَّ من حياتِهِ بحدِّ ذاتِها.
وأخيرًا، دليلٌ آخرُ: بَرتيماوسُ، الذي دُعيَ وشُفيَ، لم يعُدْ جالسًا على جانبِ الطريقِ، بلْ يتبعُ يسوعَ كما دُعيَ التلاميذُ أن يتبعوهُ "وفي الحالِ أبصرَ وتبِعَهُ في الطريقِ" (مَرقُس 10، 52)…
هذا التأمّل نُشر على موقع بطريركيّة القدس للّاتين، لقراءة المزيد إضغط هنا.