تأمّلات غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد الرابع والعشرون من الزمن العادي، السنة أ

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، للأحد الرابع والعشرون من الزمن العادي، السنة أ، يوم الأحد 17 أيلول/ سبتمبر ٢٠٢٣.

(متّى ١٨: ٢١-٣٥)

في قلب المثل الّذي يرويه إنجيل اليوم (متّى 18، 21- 35) هناك بادرة سخاء عظيمة: سيّد لديه خادم مدين له بمبلغ كبير من المال؛ إنّه يدرك أنّ هذا الرجل لن يستطيع أبدًا أن يعيد له كلّ شيء، وعندما يتوسّل إليه الخادم، يحرّره من عبء هذا الدين ويتركه يعيش.

فهو لا يمهله فترة طويلة للدفع، ولا يتفاوض معه على مقدار الدين، ولا يمنحه خصمًا فحسب، ولا يؤجّل يوم التسوية، لكنّه يعفه من كلّ شيء. إنّه يعطي أكثر بكثير ممّا كان المدين يجرؤ على أن يأمل.

لسداد هذا الدين الكبير، لم يكن هناك طريقة أخرى سوى بيع الخادم وامرأته وأولاده وكل ما يملكون (متّى 18: 25): لأنّ العبد كان مدينًا بحياته وبكلّ ما يملك لسيّده.

لا يطلب العبد إعفاؤه من الدين، بل إعطاؤه مزيدًا من الوقت: من الواضح أنّه لا يجرؤ على طلب مثل هذا الإعفاء. لكن ربّما تكمن المشكلة هنا بالتحديد، لأنّ العبد لا يزال يتوهّم أنّه قادر على سداد دينه: "أَمهِلني أُؤَدِّ لَكَ كُلَّ شَيء." (متّى 18، 26).

بالنسبة للعبد، إنها مسألة وقت وصبر فقط، فهو يعتقد أنه بإمكانه حل المشكلة، ومن المؤكد أنه سيستعين بقوته.

كان بإمكانه أن يعترف ببساطة وتواضع أنه لم يتمكن من ذلك، وأنه لم يكن قادراً على الدفع، وكان بإمكانه أن يثق، ويؤمن، ويسأل، لكنه لم يفعل. يريد أن يدفع.

وهنا المراوغة، فنحن نولد بالدين، وهذا الدين ينمو مع مرور الوقت: نحن مدينون للحياة، نحن مدينون للحب الذي تلقيناه، نحن مدينون تجاه الآخرين. العديد من الأشخاص الذين، بطرق مختلفة، جعلونا نصل إلى ما نحن عليه. نحن مدينون لإله مات من أجلنا: لا يمكننا أن نعيش معتقدين أنه يمكننا إعادة ما نتلقاه كل يوم والذي حتى الله لا يطلب منا إعادته. وبدلا من ذلك، فإن الأمر يتعلق بقبول حالتنا كمدينين معسرين، دون خجل أوخوف. أي أن الأمر يتعلق بتعلم العيش بحرية، حيث لا يكون لما يُعطى أي ثمن، لأنه تعبير عن حب لا يطلب شيئًا.

ولذلك فإن السيد يغفر للعبد تمامًا، لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا آخر ولا يعرف كيف يفعل أي شيء آخر.

يقول النص أن السيد أشفق (متى 18: 27): ويمكننا الإعتقاد أن الرحمة في هذه الحالة تتمثل في الاعتراف بأن العبد لن يتمكن أبدًا من سداد دينه، وأنه على الرغم من عجزه، فهو موضوع ترحيب لدى سيده. يشعر السيد في قلبه بالمحدودية الجذرية لخادمه، فيرحب به كما هو، ويبقيه في بيته. ولا يطلب منه ما لا يستطيع أن يفعله. وهو ما لا يستطيع العبد أن يقبله ويدركه بنفسه.

يمكن أن يتوقف المثل هنا، ويكون لدينا صورة عن وجه الآب، ولمحة عن حياة الملكوت: هكذا يحب الله.

لكن المثل يستمر، ويقدم لمحة عن حالة الإنسان.

لأنه بمجرد أن يغادر العبد سيده، يبدو أن المثل يبدأ من جديد، وكأن الجزء الأول لم يكن موجودًا: ينسى العبد ما تلقاه من سيده، ويتصرف بقسوة مع رفيق، عبد مثله. الذي يدين له بمبلغ زهيد. وما لم يتمكن من الاعتراف به لنفسه، لا يستطيع أن يقبله للآخرين.

باختصار، هذا الرجل لم يقبل أبدًا النعمة، ولم يجعلها خاصة به، ولم يشعر أبدًا بالخلاص، ولم يكون ممتنًا لسيده، وبالتالي لم يسمح لقلبه بالتحول.

النعمة التي تلقاها، يحتفظ بها لنفسه، وبالتالي يخسرها.

لأن الله لا يطلب منا أن نرد له شيئًا مما يعطينا إياه كل يوم، بل يطلب منا أن نتقاسمه فيما بيننا، ونتداول الرحمة والنعمة التي أعطانا إياها…

هذا الخبر نُشر على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

الدكتور القسّ أندريه زكي يشارك في حفل تخرّج كليّة اللّاهوت الرسوليّة ويشهد افتتاح مبنى الكليّة في المنيا، مصر

Next
Next

‎قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يشارك في حلقة نقاش في بودابست بعنوان