غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يفتتح جلسات السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في مقرّ مطرانية الموصل، قره قوش - العراق
في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الإثنين 11 أيلول/ سبتمبر 2023، إفتتح غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، أعمال السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة، وذلك في مقرّ مطرانيّة الموصل، في قره قوش – العراق.
شارك في الجلسة الإفتتاحية سيادة المطارنة آباء السينودس المقدّس، وهم:
مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها ومستشار الأبرشية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار تيموثاوس حكمت بيلوني الأكسرخوس الرسولي في فنزويلا، ومار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار يعقوب أفرام سمعان النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن، ومار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار أفرام إيلي وردة مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي في السودان، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول راعوية الشبيبة، ومار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك.
وتغيّب عن الحضور بسبب التقدّم في العمر والحالة الصحّية سيادة: مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقاً، ومار ربولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركي سابقاً، ومار فلابيانوس يوسف ملكي المعاون البطريركي سابقاً، ومار غريغوريوس بطرس ملكي النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن سابقاً، وكذلك تغيّب عن الحضور صاحب السيادة مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، بسبب عدم تمكّنه من مغادرة أستراليا.
إفتتح غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان اجتماعات السينودس بالصلاة والإبتهال إلى الروح القدس كي يهدي الآباء لما فيه خير الكنيسة والمؤمنين.
ثمّ ألقى غبطته الكلمة الإفتتاحيّة، تحدّث فيها عن "كلمة المحبّة والحبّ، هي في أيّامنا هذه، الأكثر استعمالًا، قولًا وإنشادًا وتردّدًا على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن كلّنا يعلم بأنّ عيشها هو الأصعب، لأنّ الحبّ الحقيقي المؤسَّس على العطاء السخي والتفاني وقبول الآخر، يتطلّب منّا الكثير، كَيلا نبقى سجناء أنانيتنا وأهوائنا وانفعالاتنا. وبالنسبة لنا، نحن خدّام بيعة الله، كما لكلّ المعمَّدين الذين يعيشون دعوتهم، نغرف الحبّ من النبع الإلهي، لأنّ الله هو المحبّة. ولا نستطيع أن نفصل محبّتنا للآخر، أي القريب، عن محبّتنا للرب التي عليها أن تكون دائماً، محبّة صادقة دون شرط أو مقايضة، كما يعلّمنا يسوع فادينا. فالمحبّة هي هويّتنا الإيمانية، كما عُرِفَ بها المسيحيون أولاً في أنطاكية. والمحبّة هي منهجنا الروحي دون قيد أو شرط، والمحبّة هي مصداقيتنا في الشهادة المُقنِعة في عالمنا، شرقاً وغرباً. والمحبّة، أخيراً وليس آخراً، هي الرباط الذي يجمعنا ويوصلنا إلى الكمال: كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي كاملٌ هو".
ورحّب غبطته بجميع الآباء معبّرًا عن فرح اللقاء في قره قوش: "جئنا بفرح من قريب وبعيد لنجتمع هنا في بغديده – قره قوش، في سينودسٍ هو الأول الذي يُعقَد خارج لبنان منذ أكثر من 125 عاماً، أي منذ أن رضي البطريرك مار اغناطيوس بهنام بنّي بانتخاب الأساقفة القادمين إليه في الموصل، ليستلم خدمة كنيستنا في 12 تشرين الثاني عام 1893. إنّه حدثٌ تاريخي يذكّرنا أيضاً بتواضُع ابنِ بغديده، مار قورلّس بهنام أخطل، مطران الموصل، الذي أرسل إليه الآباء الأساقفة في المجمع المنعقد في دير الشرفة عام 1800، بعد تنيُّح البطريرك معترف الإيمان مار اغناطيوس ميخائيل جروه، طالبين منه أن يخلفه. فأرسل يرجوهم أن يعفوه، إقراراً منه بعدم أهليته، وتعبيراً ولا أجمل عن تواضعه. هذا المثالُ في التواضع والتجرّد قدَّمه لنا أيضاً البطريركان الثاني والثالث، ميخائيل الضاهر، وسمعان زورا، اللذان كانا يستعفيان بدايةً، ثمّ يتنازلان بعد خدمة بطريركية قصيرة".
ولفت غبطته إلى أنّنا "جئنا بدورنا نؤكّد على محبّتنا لإخوتنا وأخواتنا في هذه المدينة الشاهدة والشهيدة لإيمانها الراسخ بالرب يسوع، الذي ذكّرَنا أنّ لا حبَّ أعظم من بذل الذات من أجل المحبوب. بغديده التي تحمّلت أهوال الإضطهاد من قتل وتهجير وهدم وحرق وتنكيل، تُذكِّرنا بدورها أنّ إيماننا المُعاش بالمحبّة، هو الشهادة الحقيقية للرب الفادي الذي تحمّل آلام الصليب الظافر حبّاً بنا، وأنّ لا بدّ من القيامة، كي تظلَّ كنيسة بغديده، بأسقفها وإكليروسها وشمامستها، برهبانها وراهباتها، وبجميع المؤمنين، رجالاً ونساءً، زاهيةً رجاءً وفرحاً، تحت كنف شفيعة هذه المدينة المباركة، العذراء مريم الأمّ الطاهرة، وبأدعية شهدائها وشهيداتها. فتبقى أمينةً للرب، فخورةً بالوطن الذي احتضنها منذ الأزمنة العريقة، بين هذا الشعب الطيّب الذي يشاركها حقوق المواطنة وواجباتها في رحاب محافظة نينوى، ومُجدِّدةً فعلَ رجائها "فوق كلّ رجاء"، أن يبقى العراق حرّاً وأميناً لمواطنيه وحضارته".
وتساءل غبطته: "ماذا تُريد كنيستنا، وماذا ينتظر شعبُنا الطيّبُ اليومَ منّا، نحن الأساقفة المدعوّين كي نكون الرعاةَ الصالحين؟ كم هو جميلٌ أن نتذكّر قول مار بولس: "فليُشدِّد بعضُكم بعضاً وليَبنِ أحدُكم الآخر..." (1 تسالونيكي 5: 11). فلا ننسى أنّ هويّة المسيحي، وكم بالأحرى هويّتنا نحن المؤتمَنين على شعب الله، هي المحبّة التي تبني، فنبتعد عن كلّ ما يجرح و"يقولِب" الآخرين حسب فكرنا أو قناعاتنا. نحن مدعوون للتواصل والتلاقي شخصياً أو إلكترونياً، لا بروح العالم الذي خطفَتْهُ المادّية وحبّ الظهور، بل بالمحبّة التي ترفعنا إلى الأعلى، أي إلى يسوع الوديع والمتواضع القلب. كم هو غنيٌّ بالتعبير أن نتذكّر دائماً توجيهَ القديس البابا يوحنّا بولس الثاني، وهو يدعونا باسم الرب أن "ننطلق إلى العُمق"، كي نستطيع أن نؤدّي خدمتنا بالأمانة والنزاهة، معلّمين ومقدّسين ومدبّرين".
ووجّه غبطته ترحيباً خاصّاً "باسمكم جميعاً، بأخوينا صاحبَي السيادة المطرانين الجديدين اللذين نالا ملء الكهنوت بوضع يدنا في الأشهر الماضية، وهما: مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك. ندعو لهما، في المحبّة والصدق، بخدمة أسقفية مباركة مليئة بالثمار اليانعة، ونرحّب بهما أخوَين عزيزين في مجمعنا الأسقفي. وباسمكم جميعاً، يسرّني أن أشكر سيادة أخينا مار بنديكتوس يونان حنّو الذي يستقبلنا في هذا المقرّ الجديد لمطرانية الموصل الذي افتتحناه ودشّنّاه بالأمس، وقد بذل سيادته ولا يزال كلّ غالٍ ونفيس، مع جميع معاونيه من خوارنة وكهنة وعلمانيين، كي يهيّئ كلّ ما يلزم، وفي فترة قياسية، من أجل انعقاد هذا السينودس هنا في بغديده الحبيبة".
واستذكر غبطته "إخوتنا الأجلاء الذين لم يتمكّنوا من الحضور معنا في هذا السينودس، بسبب التقدّم في العمر والحالة الصحّية، وهم: مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقاً، ومار ربولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركي سابقاً، ومار فلابيانوس يوسف ملكي المعاون البطريركي سابقاً، ومار غريغوريوس بطرس ملكي النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن سابقاً، وكذلك مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، والذي تعذّر عليه الحضور هذه المرة أيضاً بسبب عدم تمكُّنه من مغادرة أستراليا. كما نذكر في صلاتنا المثلَّث الرحمات مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق سابقاً، والذي غادرَنا إلى بيت الآب السماوي في 16 نيسان المنصرم، سائلين الرب يسوع أن يمتّعه بميراث الملكوت السماوي مع الرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء".
وتطرّق غبطته إلى الرياضة الروحية التي "سنتأمّل مع حضرة الأباتي سمعان أبو عبدو الرئيس العام الأسبق للرهبانية المارونية المريمية ورئيس دير القديسة تريزيا الطفل يسوع في سهيلة – كسروان، حول "ملامح الأسقف في عالم متغيّر"، وسيتناول صفات الأسقف في عالم اليوم كسفير للمسيح، وعلاقته مع الله، ومع إخوته في الأسقفية، ومع أبناء أبرشيته. نشكر حضرة الأباتي سمعان على وجوده معنا وعلى ما سيقدّمه لنا من تأمّلات وأحاديث، غذاءً لمسيرتنا في رعاية الكنيسة والمؤمنين الموكَلين إلى عنايتنا الأبوية. ونضرع إلى الرب كي تكون هذه الخلوة الروحية القصيرة، زوّادة إيمان ورجاء، ننهل منها كي نتابع خدمتنا الأسقفية، بروح الراعي الصالح وحكمة المدبّر الحكيم".
وتناول غبطته "الأوضاع المؤلمة التي تشهدها منطقتنا وتعصف ببلداننا المشرقية، والتي ستنال حيّزاً مهمّاً من البحث والتحليل خلال جلسات سينودسنا. لكنّنا، وبالرغم من التحدّيات والمعاناة، سنبقى شعب الرجاء بالرب يسوع وبكلمته المحيية، ورجاؤنا به لا يخيب".
وعن الأوضاع في العراق: "في العراق، حيث تعرّضت كنيستنا السريانية الكاثوليكية بشكل خاص لأحداث مؤلمة جداً، من مجزرة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، والتي أدّت إلى استشهاد كاهنين شابّين وكوكبة من المؤمنين، ومن اقتلاع أبنائنا في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى من أرض آبائهم وأجدادهم على يد إرهابيي داعش، ومن هجرة الكثيرين منهم إلى ما وراء البحار والمحيطات. إلا أنّنا نؤكّد على أهمّية الوحدة والتعاون بين مختلف الكنائس والمؤمنين لبناء مستقبل أفضل في أرض الرافدين المباركة، بالتعايش والمودّة مع مختلف المكوّنات الدينية والثقافية. فنحن لا نحتاج لامتيازات، بل نسعى لعيش حقوقنا أسوةً بجميع شركائنا في الوطن رغم التحدّيات. وقد لمسنا من لقاءاتنا مع المسؤولين في الحكومة الاستعداد الكامل للتعاون والاستماع إلى احتياجات المواطنين، بمن فيهم المسيحيون"…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكية على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.