عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في تكريس مذبح كنيسة يسوع الملك، لبنان، وإنارة التمثال والواجهة
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في تكريس مذبح كنيسة يسوع الملك، لبنان، وإنارة تمثال يسوع الملك والواجهة، يوم الثلاثاء 22 آب/ أغسطس 2023. كما تجدون ألبوم صور في أسفل النصّ.
"كنت مريضًا فزرتموني" (متّى 25: 36)
1. وقعت كلمات هذا الإنجيل في صميم قلب الطوباوي أبونا يعقوب، مذ كان كاهنًا شابًا في رهبنة مار فرنسيس للآباء الكبوشيّين. وكانت الغيرة الرسوليّة تستحثّه للتنقّل من رعيّة إلى أخرى ساحلًا وسهلًا وجبلًا، يعلّم التعليم المسيحي للأطفال، ويُهيّئهم للمناولة الأولى في رعاياهم. وهو القائل:"ازرعوا القربانة في قلوب الأطفال، واحصدوا قديّسين!"
2. وانفتح قلبه بكامل الحب والتحنّن على المرضى والمتألّمين بمختلف الأمراض الجسديّة والعصبية والعقليّة والنفسانيّة والإعاقات والإحتياجات الخاصّة. فأسّس دير الصليب على تلّة جل الديب ومؤسّسة مماثلة في دير القمر، ومياتم ومستشفيات ومدارس ودور للمسنّين والمسنّات.
وأَولى الكاهن المريض والمسنّ عناية خاصة فأسّس دار المسيح الملك لاستقبال هؤلاء الكهنة، وحفظ كرامتهم الكهنوتية. وأسّس جمعية راهبات الصليب لاستمرارية حبّه وتحنّنه ومؤسساته.
3. رفع الصليب على تلتّي جل الديب ودير القمر كعلامة رجاء وخلاص وفداء لكل انسان، وتمثال المسيح الملك على تلّة وادي نهر الكلب حيث نقش الملوك الاباطرة والفاتحون من مختلف العصور على صخور نهر الكلب ذكرى مرورهم، فكانت النقوش علامة اندثارهم.
شاء أبونا بعقوب رفع تمثال المسيح الملك على تلّة نهر الكلب للتأكيد أن الملوك والاباطرة الفاتحين مرّوا من هنا. لكنهم ماتوا واندثرت ممالكهم. اما المسيح الملك فهو حيٌّ الى الابد، وملكه لا ينتهي، وهو الكنيسة المجاهدة على الارض والممجَّدة في السماء.
4. يُسعدنا ان نحتفل مع اخواتنا راهبات الصليب بتكريس مذبح كنيسة يسوع الملك بعد ترميمها، وبانارة واجهتها والتمثال، بتقدمة تقويّة من الدكتور ادغار يمّين وزوجته، اللذين نحييهما معكم بكثير من الشكر والدعاء الى المسيح الرب كي يُتمم نواياهما، ويقبل قربانهما لمجد الله وتقديس عائلتهما، وللخير العام الفائض من محبة القلب الالهي، ولوحدة الشعب اللبناني بين ذراعي المسيح الملك.
5. لم يفصل الطوباوي بونا يعقوب بين الكرازة بالانجيل والبعد الاجتماعي. فمن بعد ان تشبّع من كلمة الانجيل وتعليمها ساحلًا ووسطً وجبلًا، أتته الدعوة الى الانطلاق في البعد الاجتماعي الذي بدونه يتشوّه المعتى الاصيل والشامل لرسالة اعلان الانجيل(البابا فرنسيس:فرح الانجيل، 176). البعد الاجتماعي يعني انماء الشخص البشري انماء شاملًا، وتحريره من كلّ العوائق التي تحدّ أو تعرقل نموّه الانساني والثقافي والاقتصادي والاخلاقي.
انطلاقًا من هذا الرباط العضوي بين الانجيل وبعده الاجتماعي، أنشأ ابونا يعقوب مؤسساته الاجتماعية المتنوّعة بتنوّع حاجات الاشخاص، وواصلت جمعية الراهبات الصليب إنشاء مؤسسات أخرى في لبنان والخارج وفقًا لموهبة – carisma الجمعية ولحاجات انماء الشخص البشري، عملًا بكلمة القديس ايريناوس:"مجد الله الانسان الحيّ".
6. في الواقع ان الحاجات الست التي تشملها المحبة الاجتماعية، ويعددها النص الانجيلي، لا تقتصر على الشأن الجسدي والمادّي، بل تشمل ايضًا المستويات الروحية والثقافية والمعنوية والاخلاقية.
فالجائع هو الذي يحتاج الى طعام او علم او روحانيّة. العطشان هو الذي يحتاج الى ماء او عدالة او عاطفة انسانية او معرفة. العريان هو المحتاج الى ثوب واثاث بيت او صيت حسن او كرامة. المريض هو الذي يعاني من مرض في جسده او نفسه، او الذي هو في حالة اخلاقية شاذّة كالبخل والطمع والنميمة والكبرياء، او المدمن على المخدرات او المسكرات او لعب القمار. الغريب هو العائش في غير بلده او بلدته او في محيط لا ينسجم معه. وهو الغريب بين اهل بيته الذي يعاني من عدم قبولهم او تفهّمهم له. والسجين هو العائش وراء القضبان، وايضًا من هو اسير امياله المنحرفة، او مواقفه غير البنّاءة؛ ومن هو مستعبد لاشخاص او لايديولوجيات….
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.