عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا في الأحد العشرين من الزمن العادي، السنة أ
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحد العشرين من الزمن العادي، السنة أ، يوم الأحد ٢٠ آب/ أغسطس ٢٠٢٣.
(متّى ١٥: ٢١-٢٨)
في الأحد الماضي احتلّت "الكلمة" الصدارة في مقطع الإنجيل الّذي سمعناه في اللّيتورجيا.
الكلمة مثل البذرة الّتي تنمو في أتربة مختلفة، إذا دُفنت عميقًا، أخرجت ثمارًا وفيرة. الكلمة كالبذور الطيّبة الّتي لا تخشى وجود بذور أخرى، نباتات أخرى، بل تنمو خالية من أي خوف.
تُنطق كلمة الآب على الجبل، الكلمة الّتي يتردّد صداها بين أمواج البحر العاصف، لتؤكّد إنّ هناك دائمًا كلمة تنير الحياة. كلمة حيّة وتعطي الحياة.
ومع ذلك، فإنّ يسوع اليوم صامت ولا يتفوّه بشيء لهذه المرأة الهالعة.
يوضح متّى: "فَلَم يُجِبها بِكَلِمَة" (متى 15 ، 23) لدرجة أنّه بعد فترة، يتدخّل التلاميذ المتعبين أو ربّما المحرجين من صراخ المرأة، طالبين من يسوع أن يتدخّل في حلّ المسألة، إن لم يكن بدافع الرحمة، على الأقل لتحرير النفس من هذه العقبة.
وفي نهاية المقطع الإنجيلي، لا نرى يسوع يتحدث إلى المرأة فحسب، بل يشجعها ويعزيها، يقول لها كلمات تشفي وتخلص "ما أَعظمَ إيمانَكِ، أَيَّتُها ٱلمَرأَة! فَليَكُن لَكِ ما تُريدين" (متى ١٥ ، ٢٨).
لذلك دعونا نسأل أنفسنا عن سبب صمت يسوع، وما الذي جعل الكلمة تخرج منه وقد بدا أنه غير موجود بالنسبة للمرأة الغريبة؟
يصمت يسوع لأن الكلمات التي يستخدمها ليست كلماته، وليست بحرية استخدامه: في الفصل 12 من إنجيل يوحنا، يقول يسوع بوضوح أنه لا يقول ما يريد، وأن كلماته هي كلمات الآب الذي أرسله. "لأني لم أتكلم من عندي بل الآب الذي أرسلني هو الذي أوصاني بما أقول وأتكلم" (يوحنا 12: 49) هناك أيضًا طاعة في الكلام، وهي طاعة عزيزة على يسوع، لأن الخلاص يأتي دائمًا من خلال كلمة تقال في الوقت والمكان المناسبيين.
يصمت يسوع إذن، لأن تاريخ الخلاص يخضع للمكان والزمان اللذين يتوسعا تدريجيًا: بدأ تاريخ الخلاص مع إبراهيم، شيئًا فشيئًا، امتد وتوسع إلى كل مكان. ليس بصورة فورية، لأنه يتطلب من الجميع، دون تمييز، الدخول في منطق مختلف عن المنطق البشري، منطق العطاء المجاني للجميع. والطريق إلى هذا التحول طويل وشاق، ويسوع هو أول من يفعل ذلك.
هذا هو سبب صمت يسوع…
هذه العظة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.