غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقدّاس الأحد الخامس بعد العنصرة في كنيسة يسوع الملك في ديترويت – ميشيغان، الولايات المتّحدة الأميركيّة

تجدون ألبوم صور في أسفل النصّ.

في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الأحد ٢ تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقدّاس الإلهي لمناسبة الأحد الخامس بعد عيد العنصرة، وذلك على مذبح كنيسة يسوع الملك في مدينة ديترويت – ميشيغان، الولايات المتّحدة الأميركيّة.

عاون غبطتَه سيادة مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشيّة سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركيّة، والأب لوك أمين سرّ المطرانيّة في أبرشيّة سيّدة النجاة، وكاهنا الرعيّة الأب ربيع حبش، والأب يوسف شيتو. وقام بالخدمة شمامسة الرعيّة والجوق، بمشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعيّة.

وفي موعظته بعد الإنجيل المقدّس، بعنوان "من أراد أن يكون فيكم أوّلًا فليكن خادمًا للكلّ"، استهلّ غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان كلامه بتوجيه "الشكر إلى سيادة المطران يوسف حبش الذي أطرأ كثيرًا بالتكلُّم عن البطريرك، لأنّنا كلّنا خدّام، ولا نستحقّ أن نُمدَح عندما ننظر إلى المسيح المخلّص الذي قال: ما جئتُ لأُخدَم بل لأَخدُم".

وأشار غبطته إلى أنّ "صداقتنا الشخصية طويلة مع سيادته، منذ أن كنّا نخدم في إكليريكية سيّدة النجاة في دير الشرفة – لبنان، حيث أتى سيادته ليتابع دروسه اللاهوتية، قبل أن تتمّ سيامته كاهناً، وفي العام القادم يتمّ ثلاثين سنةً في تلبيته دعوة خدمة كنيسة الانتشار في أميركا، ومن ثمّ في أبرشية سيّدة النجاة التي كانت تشمل الولايات المتّحدة وكندا. ومعنا تابع سيادته خدمته بكلّ أمانة، أكان في نيوجرزي أو في شيكاغو - إيلينوي أو في لوس أنجلوس، إلى أن دعاني الرب إلى الأسقفية كأول مطران على أبرشيتنا السريانية الكاثوليكية في الولايات المتّحدة وكندا، ومن ثمّ دعاني دون استحقاق شخصي منّي إلى الخدمة البطريركية".

ولفت غبطته إلى أنّ "الرعية هي الكنيسة، أي أنتم، نحن هيكل الله، نحن جسد المسيح السرّي، نحن إخوة وأخوات نرافق الرب يسوع بالشكر له على الفداء الذي تمّمه من أجلنا، ونرافقه أيضاً ونحن نخدم كنيسته كي تكون حقيقةً عروسه النقية. وبهذه المناسبة، أهنّئ كاهني الرعية أبونا ربيع وأبونا يوسف لدعوتهما كي يخدماكم في هذه الرعية، وتعرفون جيّداً أنّ الخدمة الكهنوتية اليوم، كما هي الخدمة الأسقفية، هنا في بلاد الغرب ليست بسهلة. فكثير من الصعوبات والتحدّيات تجابه الخدّام، والبعض ينتقدونهم انتقاداتٍ لا تكون مؤسَّسةً على حقائق، وهذا الأمر ينغّص قلوبهم وهم يكملون الخدمة المطلوبة منهم. من هنا واجبنا أن نذكر دائماً الذين يخدموننا، رعاتنا الكنسيين، بالصلوات حتّى يجعلهم الرب مثال الراعي الصالح".

ونوّه غبطته إلى "أنّكم أنتم أيّها المبارَكون في هذه الرعية وهذه الكنيسة المسمّاة على اسم يسوع الملك، وهي من أحدث رعايا أبرشيتنا، ونعرف الظروف التي تأسّست فيها والتضحيات التي قمتم بها، لأنّ أغلبكم أتوا إلى هنا مرغَمين، بعد التهجير المخيف الذي حدث في بغداد والموصل، ولا سيّما في رعايانا في سهل نينوى، وأكبرها طبعاً قره قوش – بغديدا، ونعرف أنّ هذه الرعية اجتمعت كي تحافظ على الإيمان رغم كلّ التحدّيات".

وشدّد غبطته على أنّ "يسوع هو ملكنا، ملك القلوب، ولا نعترف بملك آخر، حتّى ولو كنّا في هذا البلد الذي يُسمّى أقوى وأعظم بلدان العالم. ليس لنا ملك بشري يسيطر ويوجّهنا في حياتنا إلا الملك يسوع، مع البقاء أمناء لواجباتنا الوطنية حيث كنّا. ومن الطبيعي أن يذكّرنا هذا الأمر بالصعوبات التي تلاقونها أنتم هنا، أكان الجيل الأول من الآباء والأمّهات، أو الجيل الثاني من الشبّان والشابّات والأولاد الأطفال الذين تكلّم يسوع عنهم وأحبَّهم وأظهر أنّهم يشبهون ملائكة السماء".

وتوقّف غبطته عند "الخطيئة المخيفة التي يذكرها مار بولس، ويشير إلى أنّه يجب أن يُبعَد من ارتكبها عن الجماعة. إنّه موضوع الحرّيات المتفلّتة جنسياً، والتي يتمّ تسويقها لنا خاصّةً عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال المنظّمات التي تدّعي الحرّية وتريد فرض تصوّرها للعلاقات البشرية، على الأخصّ عندما يتمّ نفي أساس العائلة التي يجب أن تكون مكوَّنة من أب رجل وأمّ امرأة، ويطلبون منّا أن نقبل هذا التعليم الذي هو تعليم غير مقبول كنسياً، وكلّ الديانات لا تقبله. ندرك جيّداً أنّ العائلة كانت مؤسَّسة منذ بدء الخليقة على رجل وامرأة، ومع احترامنا للجميع، لا نقبل أن يتمّ تشويه صورة العائلة التي نقدّرها ونحبّها ونكرّمها، وأنتم بقيتم أمناء لها، لأنّنا لو لم نكن حقيقةً أمناء للعائلة، لمَا كنّا موجودين اليوم في هذه الكنيسة، ولمَا استطعنا المجيء إلى هذا البلد الذي استقبلَنا وأراد أن نعيش سعداء فيه".

وأكّد غبطته على أنّ "ملكنا هو الرب يسوع، وعلينا أن نتذكّر أنّ واجبنا كالرسل هو الشهادة للرب يسوع مهما كانت الصعوبات وعظمت التحدّيات. أهنّئكم على إيمانكم وعلى أمانتكم للكنيسة، ولا تنسوا أنّ يسوع علّمنا بشكل واضح أنّ الله محبّة، وبمحبّتنا لبعضنا البعض نستطيع أن نقوم بمسؤولياتنا وبرسالتنا المسيحية".

وتوجّه غبطته "إلى الشبيبة، أولادنا الأعزّاء: صحيح إنّكم معرَّضون للتحدّيات الكبيرة في هذا البلد، تذكّروا أنّ آباءكم وأجدادكم ظلّوا أمناء على مدى مئات السنين. ولا يعني هذا أنّه إذا توفّرت لدينا كلّ الإمكانيات العصرية والتكنولوجية، نُخدَع وننسى جذورنا التي على أساسها ضحّى أهلنا بالكثير، وسفكوا دماءهم من أجل الرب يسوع ومن أجل الكنيسة. مع محبّتنا للجميع، لا نقبل أن نغيّر التزامنا بالرب يسوع الذي قال: أحبّوا بعضكم بعضاً، وقال أيضاً: يترك الرجل أباه وأمّه، ويلزم امرأته، ويكونان كلاهما جسداً واحداً. فحين يكون الجسد واحداً، فهو كيان إنساني واحد".

وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، ملك قلوبنا ونفوسنا، أن يوجّهنا دائماً في طريق النعمة بحلول روحه القدوس، بشفاعة والدته مريم العذراء سيّدة النجاة، وجميع القديسين والشهداء، كي نبقى على مثالهم شهوداً لمحبّة الرب".

وكان سيادة المطران مار برنابا يوسف حبش قد ألقى كلمة ترحيبية بغبطته في بداية القداس: "باسمي وباسم إخوتي الكهنة وجميعكم، نرحّب بأبي الآباء، غبطة أبينا البطريرك، فالقلوب تصفّق قبل الأيادي، وأرى الفرح مرسوماً على وجوه الكلّ. ممكن أن يكون البعض يشاهدون سيدنا البطريرك لأول مرّة، وأريد أن أتكلّم قليلاً عن غبطته:

كثيرون لا يعرفون معنى كلمة البطريرك، إنّه أبو الكنيسة ورئيسها ومعلّم الإيمان ومدبّر الكنيسة، يساعده الآباء الأساقفة، آباء السينودس المقدس الذي هو هيئة تساعد غبطة البطريرك في إدارة أمور الكنيسة".

وتابع سيادته: "غبطة أبينا البطريرك هو بالحقيقة من وَلَدَ أبرشية سيّدة النجاة منذ أن كان كاهنًا في نيوجرزي في أواخر الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، جاء إلى هنا عام ١٩٨٦ في عيد مار يوسف، وهو يوسف، ومدبّر مثل مار يوسف، مدبّر العائلة المقدسة. وغبطته دبّر الأبرشية، هو الذي وَلَدَها بعناية واختيار من الروح القدس الذي اختاره ليكون أول أسقف على أبرشية سيّدة النجاة. شخصياً رافقتُ غبطتَه في عمله منذ أن كان مديراً في إكليريكية دير الشرفة، كنتُ تلميذاً وهو كان رئيسي، وأنا أعرف غبطته منذ سنة ١٩٧٢ حتّى اليوم. ونشكر الله عشنا صداقة جميلة جداً، وتعاونّا ككاهنين في نيوجرزي، وغبطته ككاهن غيور لم يألُ جهداً كي يخدم أبرشية سيّدة النجاة بكلّ ما أوتي من حكمة ودراية وقوّة الشخصية وتدبير جميل جداً".

وأردف سيادته: "أسّس غبطته أول نواة للأبرشية، رعية سيّدة النجاة في نيوجرزي. ثمّ انطلق وأسّس رعية قلب يسوع الأقدس في لوس أنجلوس، وكان يجول متفقّداً المناطق حيث توجد جماعات سريانية كاثوليكية، ويحثّ العلمانيين، ويعطي مثالاً جميلاً جداً للكهنة بغيرته الكهنوتية وعطائه غير المشروط. والحمد لله، شاء الروح القدس أن تولد أبرشية سيّدة النجاة على يده، وأدار الأبرشية بحنكة وقوّة، بمساعدة الكهنة وبتجاوُب المؤمنين، كما تتجاوبون أنتم اليوم، وتبقون متجاوبين لخدمة الأبرشية وخدمة الكنيسة ككلّ. لذلك منذ أن دخل غبطته وجلس الآن، رأيتُ الوجوه مبتسمةً، وهذا يعني أنّ الناس مسرورين بحضور أبيهم ومعلّمهم ومدبّرهم".

واعتبر سيادته أنّ "جلّ ما يطلبه غبطته منكم اليوم، أيّها المؤمنون الأعزّاء، كما يقول الكتاب المقدس على لسان الرب: يا بنيّ أعطني قلبك، أن تعطوا قلوبكم ومحبّتكم للكنيسة، الأب يحتاج أيضاً إلى محبّة أولاده، وهذا أقصى ما يفرح به، فإنّ غبطته يحتاج أيضاً محبّتكم وقلوبكم وعطاءكم. وهو يحتاج إلى صلاة، اليوم لا يخفى عليكم أنّ رسالة غبطته ليست سهلة أبداً، إنّها صعبة جدًّا، وتعرفون كم أنّ أوضاع الكنيسة في الشرق الأوسط صعبة، والبطريرك مسؤول. ولا نستغرب فإذا تعب الرئيس الروحي جسدياً، فإنّ قلبه ينبض بالمحبّة مثل يسوع المسيح الذي تعب جسدياً ووقع تحت الصليب. فالبطريرك والمطران والكاهن يتعبون مراراً كثيرة، لكنّهم لا يتعبون من ضخّ المحبّة الغير مشروطة، لكنّ صلوات الجماعة وتأييدها تبدّد تعب البطريرك والمطران والكاهن"…

هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

قداسة البابا تواضروس الثاني يشهد حفل تكريم خرّيجي معهد ديديموس في مسرح الأنبا رويس، مصر

Next
Next

المدارس الكاثوليكيّة بين واقع اليوم وتطلّعات الغد… غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يستأنف فعاليّات اليوم الثاني لملتقى المدارس الكاثوليكيّة