عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد العاشر من زمن العنصرة

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد العاشر من زمن العنصرة، يوم الأحد 30 تمّوز/ يوليو 2023، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان. كما تجدون مجموعة صور في أسفل النصّ.

"شفى يسوع الممسوس الأعمى والأخرس" (متّى 12: 22)

1. من آية شفاء الممسوس، الأعمى والأخرس، وكلام الربّ يسوع، تتبيّن حقيقة وجود الشيطان والأرواح الشريرة، ويتبيّن انتصار يسوع على الشيطان والأرواح. وكان انتصاره النهائيّ بموته على الصليب وقيامته. وقد أعطى كنيسته، بواسطة سرّ الكهنوت سلطانًا إلهيًّا، تمارسه بإسمه وبشخصه، فتشفي الأجساد من أمراضها، والنفوس من خطاياها ومن سيطرة الشيطان والأرواح الشريرة، وتملأهم نعمة خلاصيّة تصحّح مجرى حياتهم وتجدّدها وتقدّسها "وفقًا لقامة المسيح" (راجع أفسس 4: 13). هذا هو مقياس روحانيّتنا المسيحيّة وأخلاقيّتنا.

2. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه اللّيتورجيا الإلهيّة، فنجدّد إيماننا بالمسيح طبيب الأرواح والأجساد. ونعود إليه ملتمسين شفاءنا الجسدي والروحي والمعنوي.

وإذ نرحّب بكم جميعًا نوجّه تحيّة خاصّة إلى الراهبات "أخوات يسوع الصغيرات" المجتمعات في رياضة روحيّة سنويّة، وفي لقاء إقليم لبنان وسوريا مع بعض الأخوات من مصر والعراق والأردن. ويقمن اليوم في زيارة تقويّة إلى الديمان والوادي المقدّس وبقاعكفرا والأرز. ويأتيننا في المناسبة للشكر على إدراج القدّيس الأخ شارل de Foucauld في روزنامة القديّسين المارونيّة. فيكون الإحتفال بعيده في الأوّل من كانون الأوّل وهو يوم ميلاده سنة 1858. إنّه رسول المحبّة وطيبة القلب، والقرب من جميع الناس، ولقائهم في دعوتهم وثقافتهم وإيمانهم، وحبِّهم والصلاة من أجلهم. نلتمس من الله نعمة الإقتداء به في روحانيّته.

3. وأوجّه تحيّة خاصّة إلى عائلة المرحومة فيوليت ضوميط نون وشقيقتها المرحومة إميلي، وقد انتقلتا إلى بيت الآب في يومين متتالين، وودعناهما مع شقيقهما الشاعر إميل نون، أمين سرّ نقابة الشعراء، وعائلة المرحوم شقيقهما يوسف، وسائر الأنسباء. نصلّي معهم في هذه الذبيحة المقدّسة لراحة نفسيهما في الملكوت السماويّ، ولعزاء عائلاتهم.

4. إنجيل اليوم يؤكّد وجود الشيطان والأرواح الشريرة التي تؤثّر على الإنسان إما في جسده مثل ذاك الرجل الذي أفقده المسّ الشيطاني النطق والبصر، فأصبح أخرس وأعمى، وإمّا تؤثّر على عقله وإرادته بالغش والكذب وتقوده الى الخطيئة، مثلما أسقط الشيطان آدم وحوّاء (راجع تك 3: 1-7)، ومثلما جرّب الشيطان يسوع ثلاثًا في البريّة عند صيامه، فانتصر عليه بالعودة إلى كلام الله (راجع متى 4: 10-11)، وكذلك فعل ويفعل مع الأبرار والأتقياء ومحبّي الله، الذين ينتصرون عليه بالصلاة واللجوء إلى كلام الله. يسمّي الربّ يسوع الشيطان "بالكذّاب وأبي الكذب" (يو 8: 44).

5. سمعنا في الإنجيل أنّ الربّ يسوع جاء إلى العالم ليجمع أبناء الله وبناته إلى واحد. أمّا الشيطان فيفرّق ويُبدّد. وهذا ما يعنيه اسمه "إبليس"-“diabolos” أي الذي يقطع خطّ التواصل، ويحوّل مجراه. فيما يسير المؤمن في طريقه إلى الإتحاد بالله، يأتي إبليس ويقطع طريقه ويحوّله نحو ارتكاب الخطيئة والشرّ بغشّ وإغواء ووعود كاذبة.

الرسالة المسيحيّة هي السعي إلى الجمع، إلى الوحدة، إلى الشركة. كلُّ مسعى الى الخلافات والانقسامات والعداوات انما هو خروج عن المسيحيّة، وعداوة للمسيح. فكلامُه في إنجيل اليوم واضحٌ وصريح: "من لا يجمع معي فهو يبدّد" (متى 12: 30).

السبيل إلى الوحدة والشركة يرتكز على الحقيقة التي تحرّر وتجمع، وعلى العدالة التي تعطي كلّ شخص حقّه، وعلى المحبّة التي تدفع من الداخل كرغبة وتصميم وتوق إلى بناء الوحدة والشركة…

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يترأّس صلاة الشكر في كنيسة سيّدة السلام في جاكسونفيل – فلوريدا، الولايات المتّحدة الأميركية

Next
Next

قداسة البابا فرنسيس: أطلب منكم أن ترافقوني بالصلاة في زيارتي إلى البرتغال لمناسبة اليوم العالمي للشباب