كلمة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي خلال حفل إطلاق كتاب "لبنان الكبير-المئويّة الأولى" لسيادة المطران سمير مظلوم
تجدون في التالي كلمة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في حفل إطلاق كتاب "لبنان الكبير-المئويّة الأولى" لسيادة المطران سليم مظلوم، يوم الإثنين 19 حزيران/ يونيو 2023، في الصرح البطريركي بكركي - لبنان. كما تجدون ألبوم صور في أسفل النصّ.
إخواني السادة المطارنة الأجلّاء
قدس الرؤساء العامّين والرئيسات العامّات
أصحاب المعالي والسعادة والمقامات
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء
1. أودّ أوّلًا أن أعرب بإسمكم وبإسمي عن الشكر والتقدير للمركز الماروني للتوثيق والأبحاث بشخص رئيسه سيادة أخينا المطران سمير مظلوم ومعاونيه في المركز وهيئته العلميّة ولجان البحث، على إصدار هذا الكتاب القيّم: "لبنان الكبير-المئويّة الأولى".
إنّ أهمّ ما يكشف لنا الكتاب هو أنّ دولة لبنان لم تولد من العدم وبسحر ساحر وتُعلن في أوّل أيلول/ سبتمبر 1920. بل سارت مسيرة تاريخيّة طويلة ضمّت الفكرة والنضال والصمود، وقادها البطاركة الموارنة مع شعبهم ومع القوى المتجذّرة في الجبل اللّبنانيّ، عبر عهود صعبة ذاقوا فيها الأمرّين، ولا سيّما عهد المماليك (1250-1517) وعهد العثمانيّين. فصقلت هذه المصاعب شخصيّتهم اللّبنانيّة الأصيلة. وهيّأتهم لمواصلة هذه المسيرة التاريخيّة حتّى يومنا، من دون خوف في نفوسهم، بل بعزيمة شجاعة في إراداتهم، ومحبّة للوطن في قلوبهم، مع شوائب تظهر ثمّ تتبخّر، حتّى قيل: "لبنان مشروع في طور بناء دائم".
هذه الخلاصة مفصّلة في أقسام الكتاب الأربعة: الجذور (الماضي)، الولادة والمسار التاريخيّ (الحاضر)، واستشراف المستقبل.
2. يشكّل القسم الأوّل ما يسمّى الجذور التاريخيّة أو أساسات دولة لبنان وميزتها كما ظهرت روحيًّا في سيرة القدّيس مارون (+410)، وعمليًّا مع البطريرك الأوّل يوحنّا مارون (686)، والبطاركة المتعاقبين حتى يومنا. وهي الإستقلال حفاظًا على الإيمان والحريّة. ثلاثة لم يكن للموارنة بديل عنها، وفي سبيلها ضحّوا بكلّ نفيس. وبهذه الروحيّة تعاونوا مع الأمراء المعنيّين والشهابيّين في خصوصيّة إمارة الجبل، وخاضوا مسيرتهم نحو إنشاء دولة لبنان في الوقت الذي كان فيه الأوروبيّون يتقاسمون إرث الخريطة العثمانيّة وكيان "الرجل المريض".
3. ويشكّل القسم الثاني ولادة دولة لبنان الكبير بفضل الوفود اللبنانيّة الثلاثة إلى مؤتمر الصلح في فرساي-باريس سنة 1919، وكان يديرها ويوجّهها البطريرك الياس الحويّك، حتّى إنّه عندما تلمّس تلاعبًا من تحت الطاولة بضمّ لبنان إلى سوريا، ترأس بنفسه الوفد الثاني، بتفويض من جميع المرجعيّات والمكوّنات اللبنانيّة، وقّدم للمؤتمر "مطالب لبنان" الأربعة في 25 تشرين الأوّل 1919.
أ- المطلب الأوّل: استقلال لبنان تجاه أي حكومة سوريّة، عربيّة، أو أخرى. وتبرّره بأربع اعتبارات: تاريخيّة، سياسيّة، ثقافيّة، وواقع وحقّ.
ب- المطلب الثاني: إعادة للبنان أراضيه التي سلختها عنه الدولة العثمانيّة، والتي يثبتها التاريخ وخريطة الأركان العامّة الفرنسيّة للأعوام 1860-1862.
ج- المطلب الثالث: فرض عقوبات وتعويضات على السلطة التركيّة والألمانيّة بسبب تجويع اللبنانيّين ومقتل أكثر من ثلث سكّان لبنان، فضلًا عن سلسلة المظالم والأسلاب.
د-المطلب الرابع: الإنتداب الفرنسيّ لأسباب واعتبارات مفصّلة في وثيقة "مطالب لبنان".
ويتطرّق هذا القسم إلى الصعوبة الداخليّة وهي "مواقف جبل عامل" من لبنان الكبير. بدأ موقف الشيعة رافضًا، لصالح الوحدة مع سوريا، ثمّ راح يتبدّل ويتحوّل من الرفض إلى القبول. ما يعني أنّ كلّ بداية لها صعوباتها المتنوّعة.
هذا القسم المختصّ بولادة دولة لبنان الكبير، ينصّ أيضًا على وضع دستور 1926 والمداولات بشأنه على يد دستوريّين وسياسيّين. والمساواة في الحقوق بالنسبة لجميع الطوائف التي "لجأت إلى لبنان في حمى العدل والحقّ، وفي سلام واحترام حقوق."
4. يشكّل القسم الثالث النظرة إلى مسار المئويّة الأولى بنجاحاتها وإخفاقاتها. فيقيّم مرحلة الإنتداب الفرنسيّ في لبنان 1920-1943، وصولًا إلى نهايته بالإستقلال الناجز وجلاء الجيوش الأجنبيّة. ثمّ يتطرّق إلى ما يسمّى بالطائفيّة السياسيّة بجذورها وتطوّرها ومحاولات إلغائها. ويتناول المحطّات الداخليّة الصعبة من سنة 1969-2016"…
هذه الكلمة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.