عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي في الأحد الرابع من زمن العنصرة
في القدّاس الإحتفالي لعيد الأب من تنظيم مكتب راعويّة العائلة والزواج في الدائرة البطريركيّة المارونيّة بالتعاون مع اللّجنة الأسقفيّة للعائلة والحياة المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الرابع من زمن العنصرة، يوم الأحد 18 حزيران/ يونيو 2023، في الصرح البطريركي بكركي - لبنان. كما تجدون ألبوم صور في أسفل النصّ.
بكركي، لبنان – الأحد ١٨ حزيران/ يونيو ٢٠٢٣
"ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21)
1. هذه الكلمة الإنجيليّة تكشف لنا أنّ الروح القدس يعلّم كلّ مؤمن ومؤمنة كيف يصلّي. فعلى مثال الربّ يسوع، الصلاة هي ابتهاج القلب بالروح القدس، واعتراف بأبوّة اللّه، وشكرٌ له على تجليّاته وأعماله من خلال الكنيسة والمؤمنين. هذا الإبتهاج بالروح يظهر على وجوه المصلّين المشاركين في الإحتفالات اللّيتورجيّة، وفي قمّتها القدّاس الإلهيّ أيّام الأحاد والأعياد. كما يظهر في الأناشيد والتراتيل المتقنة والمتناغمة من الجوقات والشعب. ويظهر في زينة الكنيسة ونظافتها وأزهارها النضرة، وفي ملابسها اللّيتورجيّة. بهذا الجوّ يعيش المؤمنون بنوّتهم للّه، ويشعرون بأبوّة اللّه لهم، ويعرفون الآب من وجه المسيح ابنه الّذي صار إنسانًا لخلاصنا. وقال:"لا أحد يعرف الآب إلّا الإبن، ومن شاء الإبن أن يُظهره له" (لو 10: 22).
2. يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه اللّيتورجيا الإلهيّة، وبأبوّة اللّه لنا، وبنوّتنا له. وفي المناسبة نحتفل بعيد الأب الّذي ينظّمه مكتب راعويّة الزواج والعائلة في الدائرة البطريركيّة. فأحيّي منسّقه الأباتي سمعان أبو عبدو والمهندس سليم الخوري وزوجته السيّدة ريتا. كما أحيّي سيادة أخينا المطران منير خيرالله رئيس اللجنة الأسقفيّة للعائلة والحياة المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان والتي ينسّق معها مكتب راعويّة الزواج والعائلة.
وأودّ الإعراب عن تقديري لما يقوم به هذا المكتب من نشاط. فأذكر على سبيل المثال: التعاون مع جامعتي الحكمة والقدّيس يوسف لتأمين برامج الديبلوم في المرافقة العائليّة، وديبلوم الوساطة، ومكتب الإصغاء والمصالحة.
3. ويطيب لي أن أهنّئ كلّ أب في لبنان والنطاق البطريركيّ وبلدان الإنتشار. والمعايدة إقرار بتضحيات كلّ أب. فالأب هو جسر البيت والعائلة، يعمل في سبيلهما ويضحّي. وبعنايته يعكس أبوّة الله. وعندما يصبح جَدًّا يزداد حبًّا وحنانًا لأحفاده. إنّنا نصلّي على نيّة كلّ أب سائلين الله أن يعضده بنعمته. ونذكر في صلاتنا كلّ أب سبق عائلته إلى بيت الآب.
4. وفيما نرحبّ بجميع الحاضرين، أوجّه تحيّة خاصّة إلى اللجنة الإداريّة لوقفيّة سيّدة العناية في أدونيس-جبيل، إلى رئيسها عزيزنا الأب أنطوان خضرا وسائر أعضائها الأحبّاء، ذاكرين بصلاتنا الوجوه العزيزة التي سبقتنا إلى دار الخلود.
5. "ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21). الصلاة هي ابتهاج بالروح القدس. ما يعني أنّ الروح يعلّمنا كيف نصلّي. وهو الذي ينعش صلاتنا. الصلاة ثلاثة أنواع: الصلاة اللفظيّة بالكلمات للشكر والتسبيح والطلب والإستغفار. والصلاة الـتأمليّة حول نصّ من الإنجيل، وهي ضرورة في حياتنا لكي نتقبّل كلمة الله في قلوبنا فتعطي ثمارها. والصلاة العقليّة الصامتة أمام القربان في حالة إصغاء لما يقول لنا الروح (راجع كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، 2697-2719).
6. صلاتنا النابعة من الروح القدس ترتوي من ثلاثة ينابيع:
ينبوع كلمة الله التي يخاطبنا الله بها، هي تعلّمنا أن نجيبه بالصلاة. من لا يسمع كلمة الله لا يصلي. لأنه لا يعرف كيف يصلي.
وينبوع الليتورجيا التي تحييها الكنيسة ونحن نشارك فيها، فتجعل صلاتنا كنسيّة وتدخلنا في شركة مع الله الواحد والثالوث، ومع الإخوة.
وينبوع الفضائل الإلهيّة: فمن باب الإيمان بصلاتنا نبحث بتوق عن وجه الله؛ ومن باب الرجاء نصلّي منتظرين تجليّات الله في حياتنا وفي التاريخ؛ ومن باب المحبّة تأخذ صلاتنا حرارة تتذوّقها وتثابر عليها…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.