كلمة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي في اللّقاء التشاوري في بكركي
تجدون في التالي كلمة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في اللّقاء التشاوري الّذي عُقد، يوم الخميس 4 أيّار/ مايو 2023، في الصرح البطريركيّ في بكركي، لبنان.
1. يسعدني، أن أرحّب بكم في هذا الكرسي البطريركي، صاحب الدور التاريخي الجامع والموحّد والمتّسع على مساحة العيش المشترك المسيحي الإسلامي. ونحيّي منظمي هذا اللقاء وملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار، وشبكة الأمان للسلم الأهلي، بالتنسيق مع منتدى التفكير الوطني، الذي يضم مجموعة من الأعلام والمقامات الروحية والثقافية والعلمية.
2. إنّ اللّقاء التشاوري هو ثمرة وعي عدد من اللبنانيين الأمناء للبنان ولرسالته الحضارية؛ فاجتهدوا في نشر ثقافة الحوار والتلاقي والاعتدال والانفتاح ونبذ التطرف والتعصب والانغلاق. وهذا من صميم تعليم الديانات الذي يعزّز نشر ثقافة السلام وعيشها في أنظمة تساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات، وتدير شؤونهم بروح العدالة والإنصاف، وتعزّز حضارة المحبّة. من شأن هذه الحضارة توحيد الأفراد والشعوب، وتنقية ذاكرتهم من رواسب الماضي، ومن مآسي الإنقسامات والصراعات، سيرًا نحو المصالحة العميقة. ينعقد هذا اللقاء ولبنان يمرّ في أقسى الأزمات بنتيجة عوامل داخلية وتحولات وأحداث خارجية، وسط فراغ في سدّة الرئاسة الأولى قد يهدّد ثبات الهويّة اللبنانية والرسالة. وهما موروث حضاري، خصوصيته التعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في وحدة العيش معًا مسيحيّين ومسلمين في إطار الميثاق الوطنيّ القائم على العيش المشترك.
3. يقتضي هذا العيش معًا أن يكون الحوار خيار اللبنانيين، وخيارًا ملازمًا لارادتهم، بحيث لا يعني تغيير الآخر وتبديل قناعاته ومبادئه، بل تعزيز المشاركة والتعاون في تسيير الأمور الوطنيّة وتوطيد الثقة المتبادلة باكتشاف الآخر ومعرفته ومصارحته وتفهم هواجسه ومخاوفه، والعمل على إزالتها.
4. بهذا الحوار الوطنيّ المسؤول نستطيع مقاربة أزمتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والديموغرافية، وأخطر تداعياتها الإنهيار المالي غير المسبوق وفساد الطبقة السياسيّة الحاكمة، واستباحة المال العام، واستغلال مرافق الدولة، ونهب مداخيلها وثرواتها، وفراغ الوطن من أبنائه اللبنانيّين الأصليّين بداعي الهجرة، ومضاعفة أعداد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، وتمدد هذه الأعداد في كل لبنان "برعاية دولية موصوفة". ويتوّج هذه المشهدية السوداويّة الفراغ الرئاسي، مع الانقسام والتمسك بالخيارات والترشيحات، ولا إقدام على الحوار الصادق البنّاء توصلاً الى الجامع المشترك…
هذه الكلمة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.