غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يترأّس الإحتفالات بالتطواف والمسيرة السنويّة التقليديّة والتاريخيّة في شوارع قره قوش (بخديدي)، يوم عيد الشعانين، العراق
غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان: "أنتم أهل بخديدي السريان تعطون المثل لجميع المسيحيّين في هذه الأرض المباركة، تعطون الشهادة رغم كلّ الآلام والمعاناة والتهجير والشتُّت في العالم كلّه. لا تزالون تحبّون بخديدي، وتريدون دائمًا أن تكون بخديدي حقيقةً جوهرة المسيحيّين في العراق، ومثالًا لكلّ أبرشيّاتنا ورعايانا وإرساليّاتنا، أكان هنا في الشرق أو في بلاد الإنتشار".
اعتبارًا من الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد 2 نيسان/ أبريل 2023، وحتّى الظهر، ترأّس غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، الإحتفالات بالتطواف والمسيرة السنويّة التقليديّة والتاريخيّة في شوارع قره قوش (بخديدي)، يوم عيد الشعانين، بمشاركة أكثر من عشرين ألف مؤمن ومؤمنة من أبناء هذه البلدة الحبيبة، معيّدين إلى البال صورة هذه الإحتفالات في السنوات الماضية قبل التهجير والنزوح القسري.
كان في مقدّمة المشاركين نيافة الكردينال فيليب برباران رئيس الأساقفة السابق لأبرشية ليون اللاتينية في فرنسا، والذي حضر خصّيصاً للمشاركة في هذه المناسبة التاريخية على رأس وفد من ليون مؤلَّف من 33 شخصًا. وشارك أيضًا سيادة: مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب - أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والأب تشارلز القائم بالأعمال والسكرتير في السفارة البابوية في العراق، والآباء الخوارنة والكهنة من قره قوش، ومن أبرشيتي الموصل وحدياب - أربيل، والشمامسة والرهبان والراهبات، والمسؤولون المدنيون والعسكريون، والمنظّمات الكنسية من أخويات ومؤسّسات، فضلاً عن حشود وجماهير غفيرة جدًّا من المؤمنين من أطفال وشبّان وشابّات ورجال ونساء، والذين ملأوا شوارع البلدة، وأثلجوا القلوب بهذا الحضور الذي يؤكّد للملأ أنّ السريان كانوا وسيبقون في هذه الأرض التي تعمّدت بعرق ودماء آبائهم وأجدادهم، ولن يتخلّوا عنها البتّة مهما عصفت الرياح واشتدّت المحن.
بدأت المسيرة بصلاة افتتاحيّة في كنيسة الطاهرة الكبرى، ثمّ انطلق الموكب المهيب من أمام كنيسة الطاهرة الكبرى ودار المطرانية، على وقع أناشيد الشمامسة والجوقات وترانيم المؤمنين ومكبّرات الصوت. وطاف الجميع في شوارع البلدة، فيما حمل غبطة أبينا البطريرك صليباً كبيراً مزيَّناً بأغصان الزيتون، ليتناوب لاحقاً على حمل هذا الصليب الأساقفة وعدد من الخوارنة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين.
ولدى وصول المسيرة إلى أمام كنيسة مار يوحنّا المعمدان، اعتلى غبطة أبينا البطريرك منبراً خاصاً نُصِبَ على سطح الكنيسة، يحيط به الأساقفة والكهنة. ورنّم غبطته إنجيل عيد دخول الرب يسوع إلى أورشليم يوم عيد الشعانين.
ثمّ ارتجل غبطته كلمة تاريخية رائعة أخذت بمجامع القلوب، باللهجة السريانية المحكية "السورث" وباللغة العربية، توجّه فيها إلى الجموع الغفيرة المحتشدة، قائلاً:
"السلام لكم جميعاً، كباراً وصغاراً، أوشعنا بريخا للجميع، للقريبين والبعيدين. نحن اليوم مسرورون جداً لأنّنا موجودون بينكم، فليحفظكم الرب ويحفظ بخديدي العزيزة علينا كلّنا".
ونوّه غبطته إلى أنّ "هذه هي المرّة السادسة التي نشارك فيها بفرحتكم في عيد الشعانين كبطريرك، ونحن معتزّون وفخورون جداً بكم جميعاً. ومعنا أصحاب السيادة إخوتنا المطارنة، خمسة أحبار أجلاء من بخديدي. الفرحة كبيرة، وكلّ الذين أتوا من قريب وبعيد يفتخرون أنّ هذا العيد هو عرس بخديدي، عرسٌ رائعٌ تتمّمونه أنتم دائماً أيّها الأحبّاء، بالإيمان بالرب يسوع، وبالأمانة لمريم والدة الله ولجميع القديسين والشهداء، وبالإلتزام بكنيستكم السريانية وبتعاليمها".
ولفت غبطته إلى أنّ "هذا العيد يملأ قلبنا فرحاً، لأنّنا وعدنا راعيكم الجديد مار بنديكتوس يونان قبل شهر ونصف أن نأتي ونشارككم هذه الفرحة في عيد الشعانين، ونشكر سيادته لأنّه قدّم لنا هذه الدعوة بكلّ محبّة".
وأردف غبطته: "لا لزوم للإطالة، لأنّكم أنتم تعيشون فرحة هذا العيد، يسوع يدخل إلى أورشليم ملكاً، لكنّه ملكٌ بالوداعة والتواضع والمحبّة، ويسوع يريدنا نحن تلاميذه أن نعيش أيضاً على مثاله، بالوداعة والتواضع والمحبّة".
وأكّد غبطته على أنّ "أنتم أهل بخديدي السريان تعطون المثل لجميع المسيحيين في هذه الأرض المباركة، أرض بلاد ما بين النهرين – العراق. أنتم تعطون الشهادة رغم كلّ الآلام والمعاناة والتهجير والشتُّت في العالم كلّه، لا تزالون تحبّون بخديدي، وتريدون دائماً أن تكون بخديدي حقيقةً جوهرة المسيحيين في العراق، ومثالاً لكلّ أبرشياتنا ورعايانا وإرسالياتنا، أكان هنا في الشرق أو في بلاد الانتشار".
وشدّد غبطته أنّ "على فرحة هذا العيد أن تكتمل وتتحقّق في حياتكم المسيحية، وفي عائلاتكم التي هي متجذّرة بالإيمان، ولا تقبل أيّ شواذ، وإن كانت هناك أخطاء، فالاتّكال هو على الله دائماً من أجل تصحيح هذه الأخطاء. على عائلاتنا أن تكون حقيقةً الكنيسة البيتية، وأن يكون الأب والأمّ والأولاد حقيقةً تلك الجماعة المسيحية التي تعيش إيمانها بكلّ أبعاده، وليس فقط بالكلام أو بالمظاهر".
وتابع غبطته: "علينا أن نهتمّ أيضاً بأولادنا الصغار، إذ هم عطية الله، ولا يجب أن نتأفّف من ذلك أبداً، فنعتبرهم كُثُرًا ويخلقون لنا صعوباتٍ ويجعلون حياتنا نوعًا ما متأرجحةً بين المتعة والمال والذات. بل يجب علينا أن نفهم أنّه مثلما أعطانا آباؤنا وأمّهاتنا هذا المثل وهذه القدوة، فعلى الأولاد أن يكونوا حقيقةً العطية الإلهية التي يجب أن تجمع ما بين الزوج والزوجة، الأب والأمّ. وهنا نتذكّر بشكلٍ خاصّ الأجداد والجدّات الذين يهتمّون بالأولاد الصغار ويعطونهم المثل الصالح"…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.