غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل برتبة درب الصّليب
في يوم الجمعة من الأسبوع الثّاني من الصّوم الكبير في كنيسة سيّدة النجاة، زيدل – حمص، سوريا
في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 3 آذار/ مارس ٢٠٢٣، إحتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة درب الصليب في يوم الجمعة من الأسبوع الثاني من زمن الصّوم الكبير لهذا العام، وهي تُقام أيّام الجمعة من أسابيع الصّوم الكبير، وذلك في كنيسة سيّدة النجاة، في زيدل – حمص، سوريا.
شارك في الرتبة المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركيّة، والأب سعيد مسّوح القيّم في دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة في لبنان، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركيّة، والأب ربيع الخبّاز كاهن الرعيّة. وخدم الرتبة شمامسة الرعيّة وجوق المرنّمين والمرنّمات بأصواتهم العذبة وألحانهم الشجيّة، بحضور جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعيّة، وما يثلج القلوب الحضور الكبير للشباب والأطفال. فغصّت الكنيسة على رحبها، وكانت في مقدّمة الحاضرين معالي وزيرة الدولة في الحكومة السورية ديالا بركات، وهي إبنة رعية سيّدة النجاة في زيدل.
خلال الرتبة، طاف غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان داخل الكنيسة متأمّلًا بمراحل درب الصّليب، فيما تلا المؤمنون الترانيم المؤثّرة الخاصّة بهذه الرتبة بلحن الآلام.
بعدئذٍ ارتجل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان موعظة روحيّة، رحّب فيها "بإخوتنا وأخواتنا، أهل زيدل الأحبّاء، الّذين قَدِموا كي يشاركوا معنا في هذه الرياضة الروحية، رياضة درب الصليب، في هذه الكنيسة الجميلة على اسم سيّدتنا مريم العذراء سيّدة النجاة. كلّنا نعرف أنّ سرّ الألم لا يحتاج فلسفةً كي نحسّ به أو نعرفه أو نكتب عنه"، مشيرًا إلى أنّ "الإنسان عاش الألم، ويعيشه منذ بدء الخليقة، وإلى اليوم، وسيبقى دوماً ضمن شروط حياتنا الإنسانية، لأنّنا ندرك أنّنا نحن البشر، ولو أنّه بإمكاننا أن نكون أذكياء وأقوياء وأغنياء، إلا أنّنا نبقى بشراً محدودين".
وتوقّف غبطته عند "حَدَثِ الزلزال المدمّر، حيث توجّهنا على الفور إلى حلب بعد عودتنا من العراق، وما صدمَنا بالأكثر، بالطبع القلق والمعاناة التي يحسّها الناس والخوف، لكن كذلك أنّ كلّ الناس تضامنوا، أي لم يعد هناك من غنيّ أو فقير، ولا كبير أو صغير، ولا مريض أو سليم، فالجميع شعروا واختبروا هذا المصاب – الزلزال. وخافوا وهربوا إلى الشوارع، ثمّ التجأوا إلى الأماكن الأكثر أماناً، مثلاً قاعات الكنائس. وهناك كان ينام الجميع لأنّهم شعروا حقيقةً أنّهم أمام المصيبة التي لا تميّز".
وأكّد غبطته على أنّ "الألم إذًا موجود في الكون، أكان بسبب المصائب، أي الكوارث الطبيعية، لأنّ أرضنا الفانية ليست كاملة، إنّما تبقى في تطوُّر دائم، وتحدث الفيضانات والرياح والزلازل وسواها. وكذلك، وهنا الأصعب على الإنسان، الألم الناتج عن الشرّ، خطيئة الإنسان الشخصية وخطيئة الذين يعيش بينهم، لا سيّما التأزّم في العلاقات، وبخاصّة الخطايا الناتجة بأكثرها عن الكبرياء والحسد. هذا الأمر يخلق بالتأكيد آلاماً معنوية كثيرة، وتكون مرّاتٍ كثيرةً أصعب من الآلام الجسدية".
ولفت غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان إلى أنّنا "لا نحتاج إلى كثير من الفلسفة – كما قلنا – لأنّنا جميعنا نختبر هذا الألم، لكن بالنسبة إلينا، فقد رافقْنا الآن المسيحَ بصلاتنا ودعائنا على درب الآلام. وإنّ الألم لم يبقَ ذاك الموضوع الذي لا نجد له معنى، والذي يعتقد غيرنا من الناس أنّه قضية قدرٍ يصيب الناس".
وشدّد غبطته على أنه "بالنسبة إلينا، الألم هو طريق الفداء، وهذا الأمر علّمنا إيّاه ربّنا يسوع المسيح، لذلك لم يبقَ يسوع في القبر بعدما تألّم ومات، ولكنّه انتصر بقيامته على الخطيئة في البشرية وعلى الموت. هذا هو إيماننا، وهو ليس قضية فلسفات أو معارف يعرفها فقط البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أو المكرَّس، جميعنا نحن المعمَّدين نعيش هذا السرّ. لكنّ ما يمنحنا العزاء الأخير، مهما كانت آلامنا وأوجاعنا جسدية أو معنوية، هو أن نضعها مع آلام الرب يسوع، فتنتج الفداء"…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.