عظة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا في الأحد الخامس للزمن الأربعيني، السنة أ
في التالي عظة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحد الخامس للزمن الأربعيني، السّنة أ، يوم الأحد 30 آذار/ مارس 2023.
(يوحنّا ١١: ١- ٤٥)
إنّ مفتاح فهم المقطع الإنجيلي لهذا الأحد (يوحنّا ١١: ١- ٤٥)، هو كلمتا الصّداقة أو المحبّة.
تتكرّر كلمة "محبّة" في المقطع الإنجيلي ثلاث مرّات (يوحنّا ١١: الآيات ٣ و٥ و٣٦) ١١.٣.٥.٣٦)، لكنّها تشكّل خلفية الرواية بأكملها؛ تُطلَق الكلمة، في المقام الأوّل، على الصّديق لعازر، الّذي يحبّه يسوع، ولكنّها واضحة أيضًا تجاه أخواته. في الواقع، بين يسوع ومرثا ومريم، هناك تبادل للكلمات والأفعال يكشف عن رصيد كبير من الثقة والتوقّع والحبّ المتبادل: يحرص الإنجيلي على التوضيح بأنّ مريم هي الّتي دهنت قدمي يسوع بالطيب، ومسحتهما بشعرها (يوحنّا ١١: ٢)؛ وعندما كان لعازر في خطر الموت، أرسلت الأختان تبلّغان يسوع بذلك (يوحنّا ١١: ٣٩).
لذا يستطيع يوحنّا القول إنّ يسوع كان يحبّ مرثا وأختها ولعازر (يو ١١: ٥).
ولكن مثلما أن موضوع المحبة مُتضمَّن في كامل المقطع، فهناك موضوع آخر يمتد من البداية إلى النهاية، وهو موضوع الموت. الموت الذي يظهر في مرض لعازر، الموت الذي يستولي عليه. ويبدو أن للموت الكلمة الأخيرة، إذ تؤكد مارثا أنه لم يعد هناك أمل، لأن لعازر كان في القبر منذ أربعة أيام (يوحنا ١١: ٣٩)
لذلك، قد نسأل، كيف يمكن أن يتم الجمع بين هذين الأمرين؟ كيف يمكن أن يكون هناك موت، حيث يوجد حب؟ أيمكن للموت أن يكسر أواصر الصداقة. من هو الأقوى؟
إنه سؤال واقعي للغاية.
نجد هذا السؤال، على امتداد رواية إقامة ألعازر، إذ نستمع إليه في كلمات مرثا: "يا رب ، لو كنت هنا ، لما مات أخي!" (يوحنا ١١: ١٢- ٣٢). كما نجده في بكاء يسوع، الذي يشعر بكل جوارحه بالألم وبمأساة موت صديقه.
يمكننا القول إن الإيمان، عاجلاً أو آجلاً، يجب أن يصطدم بحجر عثرة، هي مأساة الموت.
ربما لهذا السبب تظاهر يسوع بالتأخر قبل الذهاب إلى صديقه. لا يفعل شيئًا لتجنيبه الموت، بل يتركه يموت.
نعم يتركه يموت، ولكن بعد ذلك لا يتركه في الموت. بل يصله ويزوره حيث دُفن.
كيف يصله؟
يتحدث المقطع الإنجيلي عن بعض "اليهود" الذين ذهبوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما (يوحنا ١١: ١٩ و٣١)، وفقًا لعادة تقديم التعازي التي كانت طقسًا واسع الانتشار بالفعل ومتبعا زمن يسوع.
يزورون الأختين كي لا يتركوهما وحدهما في ألمهما؛ غير أنهم لا يستطيعون عمل أي شيء ضد الموت.
أما زيارة يسوع فهي مختلفة تماما.
يذهب يسوع كي يوقظ صديقه (يوحنا ١١: ١١). بالنسبة لمن يؤمن به، ولمن يؤمن بصداقته الأمينة، الموت يشبه النوم، هو مثل أي نوم. ليس نهائياً، وليس إلى الأبد.
يزور يسوع ألعازر وأختيه حاملًا صداقته، حاملًا لهما الحياة: وكما أن صداقته لا تُخيّب ولا تُفشل، هكذا فإن الحياة لا يمكن أن تُفقَد…
هذه العظة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.