عظة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا في الأحد الثالث للزمن الأربعيني، السنة أ

في التالي عظة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحد الثالث للزمن الأربعيني، السنة أ، يوم الأحد 12 آذار/ مارس 2023.

(يوحنا ٤، ٥-٤٢)

تُقدم لنا قراءات آحاد الزمن الأربعيني، وخصوصًا تلك الّتي نقرأها في السنة الليتورجية أ، مسيرة نمو في حياة التلمذة. ويُشكّل المقطع الإنجيلي لهذا الأحد، إلى جانب مقاطع الآحاد القادمة، كرازة عمادية لا يمكننا الإحاطة بها كلها. ولذلك سوف نتطرق إلى بعض الأفكار فقط.

لقد مضينا، في الأحد الأول من الزمن الأربعيني، إلى البرية، حيث تيقنا أننا مجرّبون وموعودون بالنصر مع يسوع. في الأحد الثاني، يتعلم التلميذ، من قمة جبل مرتفع، الاستماع إلى يسوع ومشاهدته، ورؤيته في حالة بذل كامل لحياته.

في هذا الأحد الثالث يُتاح لنا اكتشاف الرغبة العميقة الّتي تقيم فينا. والمكان الّذي يحدث هذا فيه هو سيخارة، وهي قرية في السامرة يتوقف فيها يسوع، وهو قادم من اليهودية في طريقه إلى الجليل. ها هو مُتعب من الرحلة، ويجلس عند حافة بئر، بينما يذهب تلاميذه إلى المدينة لابتياع بعض الطعام (يوحنا ٤، ٣-٨). يلتقي يسوع هنا بامرأة سامرية، ويدخل معها في حوار طويل ومعقد، يبدو فيه أن المتحاورَيْن لا يفهمان بعضهما البعض.

ومع ذلك، فإن هذه المرأة، التي يبدو أنها تسيء فهم كلمات يسوع دائمًا، تتوصل تدريجياً إلى الإيمان، من خلال خطوات صغيرة.

الخطوة الأولى يقوم بها يسوع إذ يتحدث إلى المرأة ببساطة: يسوع هو الّذي يبدأ الحديث وليس المرأة. وهذا يولد اندهاشا كبيرا لديها: " كيف تسألني أن أسقيك وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية؟". في الواقع، كان بإمكان يسوع، بل كان ينبغي عليه أن يتجنب هذا الحوار، لأسباب مختلفة: بداية لأن محدثته سامرية، وبالتالي فهي نوعاً ما خارجة عن الدين الصحيح؛ ومن ثم لأنها تعيش مع رجل ليس زوجها، وبالتالي، وبموجب الشريعة، يجب اعتبارها زانية؛ وأخيرًا، وببساطة لكونها امرأة، ولم يكن منتظراً أن يتوقف معلم الشريعة ليتحدث مع امرأة علنًا.

وبدلاً من ذلك فإن يسوع يتحدث إليها. وسيقول لها في ختام الحوار: "أنا هو، أنا الذي يكلمك" (يوحنا ٤، ٢٦).

يتحدث إليها دون أن يوبخها ودون أن يلقي عليها درسًا دينيًا؛ بل يطلب منها، ببساطة، أن تسقيه.

في الخطوة الثانية تدرك المرأة أن هناك شيئًا ما في داخلها لا تعرفه وينقصها، وهو شيء يريد يسوع الكشف عنه: "لو كنت تعرفين عطاء الله ..." (يوحنا ٤، ١٠).

قد نفكر في بعض الأحيان، مثل المرأة السامرية، أن حياتنا هي مجموع ما نعرفه فقط، ومجموع العادات الّتي تتشكل منها حياتنا اليومية. ولكن ليس الأمر كذلك. إن وجهنا الحقيقي لا يزال محجوبا عنا.

ما هو هذا العطاء الّذي تتعطش إليه المرأة دون أن تعرفه؟

ليس هو العطش إلى الماء، كما كانت تعتقد هي. إن العطش الّذي يقيم فيها هو عطش إلى عبادة الآب في الروح والحق (يوحنا ٤، ٢٣)، أي عبادته في المحبة.

إن الحق، في بشارة يوحنا، هو مخطط الرب لخلاص البشر الّذي لدى الرب، المخطط الّذي جاء يسوع كي يتممه، المخطط الذي به تمت استعادة الشركة بين الرب والإنسان: هذا هو عطش الإنسان الحقيقي.

وامرأة السامرة هذه هي إلى حد ما رمز لبشرية تائهة، ومتعبة من الركض وراء أشكال من الحب لا تروي العطش…

هذه العظة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

إجتماع مجلس الأساقفة الكاثوليكيّة في الأرض المقدّسة

Next
Next

غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في حفل سفارة الفاتيكان