رسالة عيد الميلاد المجيد 2023 من قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني
تجدون في التالي رسالة عيد الميلاد المجيد 2023 من قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم.
إلى أبنائنا الروحيين الأعزاء في جميع أنحاء العالم
حفظتهم العناية الربانية
"لِأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْنًا، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ ٱلسَّلَامِ"
(إشعياء ٩: ٦)
يمرّ علينا عيد الميلاد المجيد وعالمنا يعيش صراعاً خطيراً جداً متمثّلاً بضعف الإيمان وصولاً إلى الإلحاد الذي بات تحدياً يقلق ويخيف الكثيرين. إنّنا نرى إنسان اليوم يبتعد عن الله مشوّهاً أيقونة الله التي على مثالها خُلِق، وذلك من خلال رفضه لعمل الله في حياته. وبالتالي، يظلم الإنسان أخاه الإنسان ويسيء إلى الخلائق التي وكّله عليها الله، ويدمّر الأرض ويُفسد الطبيعة.
على الرغم من ابتعاد الإنسان عن الله، وعد تقدس اسمه بالخلاص، قائلاً على لسان النبيّ إشعياء: "لِأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْنًا، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ ٱلسَّلَامِ". (اشعياء ٩: ٦).
حدّد الوحي الإلهي شكل علاقة الإنسان بالله من خلال شخص الرب يسوع الذي بميلاده العجيب أعطانا سلطانًا بأن نُدعى أبناءً لله وفتح لنا باب التبنّي الذي كان قد أُغلِق بسبب الخطيئة، كقول الرسول بولس: "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ ٱلْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ ٱلتَّبَنِّي ٱلَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا ٱلْآبُ. اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لِأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلَادُ ٱللهِ." (رومية ٨: ١٥ – ١٦).
الميلاد هو رسالة محبّة الله الباذلة المستمرة للبشرية ودعوة لحياة جديدة وحياة أفضل من خلال ذبيحة الصليب الكفارية. بالتالي، صار ميلاد الرب يسوع علامة فارقة في تاريخ الإنسانية الضالّة: فقد جمع شتات هذه البشرية تحت اسمه العجيب "وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيبًا" (إشعياء 9: 6)، وهو يشوع (الله يخلّص) لأنه "يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (متى ١: ٢١).
إن عيد ميلاد الربّ يسوع هو إعلان رجاء متجدّد ودائم للبشرية جمعاء ولكل الأرض، وبالأخصّ لمشرقنا المتألّم الذي انهكته التحديات الوجودية للإنسان من كوارث وأزمات اقتصادية وحروب دامية وظالمة. فما نعيشه اليوم من صعاب وضيقات في هذا المشرق يظهر لنا مدى قساوة الإنسان وابتعاده عن الله. فليكنْ عيدُ الميلاد اليوم دعوةً لكل الدول والحكومات لإيقاف الظلم والاستبداد عن مشرقنا المعذّب في سوريا ولبنان والعراق وعن فلسطين الحبيبة والجريحة التي تشهد اليوم مأساة إنسانية يجب أن تهز كل إنسان.
أبناءنا الأحبّاء،
نتقدّم منكم جميعاً بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة عيد ميلاد الرب يسوع وظهوره بالجسد وبداية العام الجديد ٢٠٢٤، سائلين طفل المغارة أن يكون هذا العيد سبب بركة لكم جميعًا، مانحًا السلام للعالم بأسره، وراحة للمتعبين والمتضايقين، وشفاءً للمرضى، وعزاءً للحزانى ولمنكسري القلوب، ورحمة ونياحاً لكل الشهداء والموتى المؤمنين.
كل عام وأنتم بخير.
هذه الرسالة نُشرت على صفحة قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني على موقع فيسبوك.