سلسلة "صلوات قصيرة من القدّاس" (٢٠).. "لتنقضِ افتراقات الكنيسة" في اجتماع الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني

تجدون مجموعة صور في أسفل النصّ.

ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة، عظته الأسبوعيّة في اجتماع الأربعاء مساء الأربعاء 13 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023، من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بطوسون في شبرا، مصر، وبُثّت العظة عبر القنوات الفضائيّة المسيحيّة وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.

واستكمل قداسة البابا تواضروس الثاني سلسلة "صلوات قصيرة قويّة من القدّاس"، وتناول جزءًا من الإصحاح السابع عشر في إنجيل معلّمنا يوحنّا والأعداد (١٥ - ٢٣)، وأشار إلى طِلبة قصيرة من الطِلبات الّتي ترفعها الكنيسة في القدّاس الغريغوري، وهي: "لتنقضِ افتراقات الكنيسة"، وأوضح أنّ كلمة "افتراق" في اللّغة تعني ابتعاد إلى حين، وأنّ الكنيسة أسّسها السيّد المسيح، "وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي" (مت ١٦: ١٨)، عندما اختار تلاميذه الإثني عشر ثمّ السبعين رسولًا ثمّ بولس الرسول، وصار هؤلاء الثلاثة وثمانين شخصًا هم بداية الكنيسة الواحدة، وفي يوم حلول الروح القدس أصبح هناك الآلاف.

وشرح قداسة البابا تواضروس الثاني تاريخ نشأة الكنيسة المسيحيّة، موضحًا أنّ الكنيسة استمرّت واحدة لمدّة ما يقرب من خمسة قرون، وفي تلك القرون الأولى تعرّضت لاضطهاد شديد من الملك دقلديانوس إمبراطور روما، وأكثر شهداء كانوا في مصر وفلسطين، ثمّ أصدر الملك قسطنطين في عام ٣١٣ قرارًا أنّ المسيحيّة ديانة معترف بها، إلى أن ظهر أريوس في عام ٣٢٣ الّذي نشر تعاليم خاطئة، لذلك أقامت الكنيسة مجمع نيقيّة في عام ٣٢٥ وحضره ٣١٨ أسقفًا والبابا أليكسندروس البابا رقم ١٩ وتلميذه أثناسيوس (البابا الـ ٢٠)، وتمّ حرم أريوس وأصدروا قانون الإيمان، وصارت هذه العلامة مهمّة، لأن أي كنيسة تقول قانون الإيمان هي كنيسة مسيحيّة، وفي عام ٣٢٦ اكتشفت الملكة هيلانة مكان خشبة الصليب المقدس، وبعد ما يقرب من ٥٠ عامًا عُقد مجمع القسطنطينة، وفيه أكملت الكنيسة شرح قانون الإيمان، "نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق.."، وفي عام ٤٣١ عُقد مجمع أفسس لمناقشة أفكار نسطور وأوطاخي، وكان المجمع في زمن البابا كيرلس عمود الدين وهو الأشهر في الشرح اللّاهوتي، ووضع ثيؤطوكيات الأسبوع، وتم نفي نسطور وأوطاخي، ولكن في عام ٤٥١ حدث الانشقاق في الكنيسة بعد أن كانت واحدة، وانعقد مجمع خلقيدونية – الكنيسة الأرثوذكسيّة لا تؤمن به - ليناقش قضايا لاهوتيّة، والّذي تدخّلت فيه ثلاثة عوامل، هي:

- الخلاف السياسي، روما والإسكندرية والقسطنطينية وأنطاكية.

- اللغة، بعض التعابير لم تكن مفهومة جيدًا.

- العظمة وإحساس الإنسان بذاته، "إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت ١٨: ٣).

وأكمل قداسة البابا تواضروس الثاني أنه نتج عن مجمع خلقيدونية انشقاق الكنيسة، فصارت الإسكندرية وأنطاكية هم الأرثوذكس، وروما والقسطنطينية هم الكاثوليك، وهذا أول انقسام حدث في الكنيسة، ثم في القرن الحادي عشر انفصلت القسطنطينية عن روما، لأن روما أضافت كلمة "والابن" في قانون الإيمان، وفي القرن السادس عشر ظهر الانشقاق البروستانتي من روما، وأيضًا حدث انشقاق أنجليكاني في انجلترا، فصارت هناك أربعة تجمعات كبيرة في العالم، بينما يقول السيد المسيح "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ" (يو ١٧: ٢١، ٢٢).

وأشار قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أنّه برغم حدوث الإنقسامات المتتالية في الكنائس في العالم، إلّا أنّه توجد عوامل مشتركة، هي:

- كلّ كنائس العالم تؤمن بالمسيح الواحد.

- كلّ كنائس العالم لديها الكتاب المقدس.

- كلّ كنائس العالم تسعى من أجل الملكوت السماوي.

وتناول قداسته جهود الكنيسة الّتي بدأت لوحدة الإيمان، عندما نشأت مجالس الكنائس، كالتالي:

- مجلس كنائس العالم تأسّس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٨، ومقره يوجد في چنيڤ، والكنيسة القبطية هي أول مَنْ شاركت فيه، ويضم معظم كنائس العالم، وهذا المجلس لا يناقش العقيدة واللاهوت، ولكنه يهتم بالمشاركة والتعاون على المستوى الاجتماعي بين كنائس العالم، وبالتالي قراراته غير مُلزِمة للكنائس، ونيافة الأنبا توماس مطران القوصية هو ممثلنا في اللجنة المركزية بهذا المجلس.

- في عام ١٩٧٤ تأسس مجلس كنائس الشرق الأوسط في لبنان لكلّ كنائس الشرق الأوسط، وتعب في تأسيسه المتنيح نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الّذي استشهد في حادثة اغتيال الرئيس السادات، وفي عام ١٩٧٥ نقل المجلس مقره إلى قبرص، حتّى انتهت الحرب الأهليّة في لبنان وعاد مرّة أخرى إلى بيروت، وفي العام الماضي استضفنا الجمعيّة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط لأوّل مرّة في تاريخ المجلس.

- منذ ما يقرب من عشر سنوات أو اثني عشر سنة تأسس مجلس كنائس مصر، ويتكون من خمسة أعضاء، هم: الأقباط الأرثوذكس، والجريك الأرثوذكس، والكاثوليك، والبروستانت، والأنجليكان، وهذا المجلس لا زال ناشئًا.

- مجلس كل أفريقيا The All Africa Conference of Churches (AACC) ، ومقره في كينيا، ونحن أعضاء فيه أيضًا، والكنيسة القبطية هي نائب رئيس المجلس.

وأشار قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أنّ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة تشارك في هذه المجالس ولها دور عملي فيها من أجل عودة الكنيسة الواحدة التي يريدها السيد المسيح مننا، لأن الانقسام والتحزب هي أكثر خطية تُغضب قلب الله.

وأوضح قداسة البابا تواضروس الثاني أنّنا ككنيسة قبطية نؤمن بأن وحدة كنائس العالم تمر بأربعة خطوات، متمثلة في أضلاع الصليب كالتالي:

١- إقامة علاقات محبة مع جميع كنائس العالم، وتُمثل الضلع الرأسي السفلي من الصليب، "بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا" (يو ١٥: ١٧)، "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت ٥: ٤٤)، وأن نُظهر عمل المحبة، وأن نفتخر بأننا كنيسة راسخة وثابتة وقوية، لذلك نحن نستقبل أي أحد من كنائس العالم.

٢- الدراسة المتخصصة لكل كنائس العالم، وتُمثل الضلع الجانبي من الصليب، وينبغي أن ندرس الكنائس الأخرى، كالكنيسة السريانية والأرمينية والروسية والهندية، وأن يكون لدينا الدارسين المتخصصين لنفهم عقيدتهم وثقافتهم وتقاليدهم، وبالفعل كنيستنا أرسلت طلبة في منح دراسية خارج مصر، مثل روسيا وأثينا وانجلترا…

هذه العظة نُشرت على صفحة المتحدّث الرسمي بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان في زيارة رعويّة إلى دمشق حيث سيترأّس قدّاس تنصيب سيادة المطران جورج أسادوريان مطرانًا على أبرشيّة دمشق

Next
Next

الإحتفال باليوبيل الخمسين للسيامة الكهنوتيّة لغبطة البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان