أبو ظبي، القادة الدينيّون يطالبون باتّخاذ إجراء عاجل بشأن تغيّر المناخ
في الإمارات العربيّة المتّحدة، وقّع ممثّلون عن مختلف الأديان، ومن بينهم نيافة الكاردينال بيترو بارولين، نداءً يحثّ القادة السياسيّين الّذين سيشاركون في مؤتمر الأمم المتّحدة لتغيّر المناخ COP28 في دبي على اتّخاذ إجراءات مهمّة للتصدّي لأزمة التغيّر المناخي.
قاد الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر ممثّلًا عن فضيلة شيخ الأزهر، ونيافة الكاردينال بيترو بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، ممثّلًا عن قداسة البابا فرنسيس، وفدًا مكوّنًا من حوالي ثلاثين زعيمًا دينيًّا، وقّعوا في أبو ظبي في ٦ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٣، خلال اليوم الأوّل من القمّة العالميّة لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ على نداء موجّه إلى مندوبي الـ COP28، الّذي سيعقد في دبي من ٣ تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى ١٢ كانون الأوّل/ ديسمبر، يدعوهم إلى اتّخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة تغيّر المناخ. وقد انضمّ زعماء يهود وبوذيّين وسيخ وهندوس، بالإضافة إلى ممثّلين عن تقاليد دينيّة هامة أخرى، إلى هذا النداء، الّذي يحثّ على تسريع عمليّات تحوّل الطاقة، وحماية الأرض، والإنتقال إلى نماذج حياة دائريّة في انسجام مع الطبيعة، وتبنّي الطاقة النظيفة بسرعة. يشمل النداء أيضًا الإلتزام بدعم "جناح الإيمان"، الأوّل من نوعه في الـ COP28، واللّقاء لمناسبة المؤتمرات المناخيّة المستقبلية. ثمّ قام كلّ زعيم بالمشاركة في زرع شجرة غاف، وهي شجرة الإمارات الوطنيّة، على طول مسار يمثّل خطّ الإستواء، قبل توقيع الوثيقة.
بعدها تمّ تسليم الوثيقة إلى سلطان الجابر، الرئيس المعيّن لمؤتمر COP28. وقد سلّط الجابر الضوء على "المعنى الخاصّ" لإعلان أبو ظبي المتعدّد الأديان لـ COP28، وقال "تستمرّ معتقداتكم الجماعيّة في إلهام جميع الأشخاص لكي يعيشوا في وئام مع الطبيعة ويعملوا من أجل حماية عالمنا الهشّ. وقد قمتم معًا بإصدار بيان نوايا قوي يحتاج إليه العالم لكي يعيش، بيان إلحاح، ووحدة وتضامن ومسؤوليّة ورجاء يمكنه أن يساعد في الدفع الجماعي للتحوّل وتغيّر المناخ. ثمّ شجّع الجابر القادة الدينيّين على مواصلة تنشيط مجتمعاتهم في جميع أنحاء العالم وتعهّد بنفسه بأن ينقل رسالتهم إلى العالم من خلال الـ COP28.
هذا وقد جاء في البيان: انطلاقاً من روح الوحدة والمسؤولية المشتركة والأخوة الإنسانية وفي هذه اللحظة الحاسمة لأزمة المناخ العالمية التي تتطلب اتخاذ إجراءات تحوُّلية للحفاظ على عدم تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية وخدمة المجتمعات المتضررة والمعرضة للخطر، اجتمعنا نحنُ ممثلي مختلف الأديان وتقاليد السكان الأصليين وبعد حوارات هادفة مع العلماء في المجالات العلمية ورجال الأديان وعلمائها والأكاديميين والمنظمات النسائية والشباب والمجتمع المدني وقادة الأعمال وصانعي السياسات البيئية، في أبوظبي قبيل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين لنعرب عن قلقنا المشترك بشأن الآثار المتفاقمة لتغير المناخ والتي تُعرض كوكبنا الغالي لخطرٍ محدق، مع التزامنا المشترك بالتصدي معًا لهذه الأزمة العالمية، ويأتي ذلك في إطار مواصلة جهودنا السابقة ومن ذلك المناشدة العامة المشتركة بين قادة الأديان لمؤتمر الأطراف السادس والعشرين. إن تعاليمنا الدينية تغرس فينا واجبًا مقدسًا ليس فقط تجاه أسرتنا الإنسانية، بل أيضًا تجاه النظام البيئي الهش الذي نعيش في كنفه.
تمهيد
· إننا لندرك مشاعر الأسى التي تنتاب الكثيرين خلال هذه الفترة وعازمون على إبداء الاستجابة الفاعلة.
· نرحب بإسهامات العلوم والمعارف التقليدية والدينية والمعارف التي يعتزُ بها السكان الأصليون.
· ندافع عن حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وهو ما أكد عليه الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ٢٠٢٢ إذ يقرٌّ هذا الإعلان بحق النظم البيئية والمياه والمحيطات والبحار الأصيل في الوجود والازدهار والتجدد.
· نرحبُ بالجميع إلى تبني منهجية الادماج الاجتماعي، وبناء الجسور التي تتجاوز الاختلافات وتعزز الشعور بالوحدة.
· نسلط الضوء على تجربة الجماعات الدينية في تعزيز قدرة المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية على مواجهة الصدمات المناخية، والعمل على تدابير التكيُّف التي تثقُ بها المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية وتعتمد عليها.
· نرحب بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الدينية الفاعلة عبر خلفيات مختلفة في إطار تنفيذ خططها منذ الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف لإعادة توجيه استثماراتها لتصبحَ استثماراتٍ إيجابية تجاه البيئة ذات طبيعة تتماشى مع أهداف الانتقال إلى نموذج تنمويٍ جديدٍ يتسم بالشمولية والعدالة.
· ندرك أهمية التمويل الذي يمتثل لقيم الإيمان في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتسخير الموارد لتعزيز رفاهية كافة الكائنات الحية، سواء في الحاضر أو المستقبل.
· ندرك الترابط بين تغير المناخ والهجرة والنزاعات والدور المحوري الذي يمكن للمؤمنين القيام به باعتبارهم "بناة السلام البيئي" الذين يسعون جاهدين لإيجاد سبلٍ لتعزيز التراحم وجهود الوساطة لحل النزاعات.
· ندركُ الحاجة الملحة إلى خطاب تنموي يدعمُ الإجراءات التي تتماشى مع القيم التي تعزز الرفاه والتنمية المستدامة إلى جانب تبني إطار عملٍ يتسم بالأمل والشجاعة.
· ندرك مدى الترابط العميق الذي يجمعنا وكذلك الترابط بيننا وبين نسيج الحياة المعقد الذي يحيط بنا، واعترافًا منا بقدراتنا المحدودة، فإننا نعلنُ التزامنا بكل تواضع بالمساهمة في معالجة هذه التحديات المعقدة من خلال تبني مبادئ القيم والأخلاق والروحانية.
· نقف متحدين في الاعتراف بالتقارب العميق في إطار الحكمة المُستقاة من مختلف الأديان والتقاليد الدينية والثقافية وتقاليد السكان الأصليين في شتى بقاع العالم، والتي يتردد صداها في رؤيتنا الجماعية ورسالتنا المشتركة.
· نتبنى مبادئ الحب والرعاية والعناية بالخليقة، معترفين برغبتنا ومسؤوليتنا في حماية موارد الأرض.
· ندرك قدسية الحياة والطبيعة، ونحترم القيمة المتأصلة في جميع الكائنات الحية والبيئات الطبيعية التي تعيش فيها على ظهر كوكب الأرض.
· ندعم بقوة المساواة والعدالة البيئية، وندعو إلى الإنصاف والمساواة باعتبار هذه القيمَ ركائز أساسية لازدهار العالم.
دعوةٌ إلى العمل
إننا إذ نعلن التزامنا الثابت متجاوزين حدود الأمم والتقاليد، فإننا ندعو رؤساء الدول والحكومات والجهات الفاعلة غير الحكومية وصناع القرار إلى العمل وفق المبادئ التالية:
· الدعوة إلى استجابات عاجلة من خلال التتبع السريع لتحولات الطاقة لضمان العدالة والإنصاف والامتثال للقيم الأخلاقية.
· اعتبار أُمّنا الأرض مصدرًا للحياة يجب حمايته.
· مطالبة الحكومات بالتغلب على نموذج النمو الخطي والانتقال إلى النموذج الدائري الذي يتيح لنا أن نعيش حياة متوازنة وكريمة في وئام مع الطبيعة.
· حث رجال الأعمال وصناع السياسات على تبني تحولٍ سريع وعادل بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري، وتبني مصادر الطاقة النظيفة التي تغذي الأرض وتحمي سكانها دون قيدٍ أو شرط.
· دعوة الحكومات إلى تعزيز أنماط الزراعة المستدامة والأنظمة الغذائية القادرة على الصمود والتي تحترم الثقافات والنظم البيئية المحلية مع ضمان الأمن الغذائي للجميع.
· دعوة الحكومات إلى تعزيز الخدمات الرامية إلى معالجة تبعات التغير المناخي على صحة الإنسان، وخاصة في المجتمعات الأكثر ضعفا وهشاشة.
· حث الحكومات، وخاصة تلك التي تتمتع بموارد أكبر، إلى الأخذ بزمام المبادرة في الحد من الانبعاثات ودعم جهود التخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيف معه في الدول الأقل وفرةً في مواردها.
· مناشدة المؤسسات المالية المحلية والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص والشركات والحكومات لاعتماد استثمارات وممارسات تجارية مسؤولة تتماشى مع المعايير المناخية والبيئية والاجتماعية.
· دعوة الحكومات والأطراف المعنية إلى الإقرار بالترابط الوثيق بين الأزمات التي هي من صنع الإنسان والتي تؤثر على المناخ والتنوع البيولوجي واعتماد إجراءات شاملةٍ تعمل على تنسيق الجهود لاستعادة كلا النظامين.
· دعوة الحكومات إلى إنشاء آليات للمساءلة للوفاء بالالتزامات العالمية والوطنية تجاه العمل المناخي الشامل.
· دعوة صانعي السياسات إلى ضمان الشمولية في التحوُّل المناخي: فبينما نتعاون من أجل مستقبل مستدام، يجب ألا يتخلف أحد عن هذا الركب. ويجب أن تكون احتياجات جميع الفئات، وخاصة الأطفال والمجتمعات الضعيفة التي تواجه الكوارث والصراعات والشباب والنساء والشعوب الأصلية، وكذلك الحيوانات والطبيعة، في قلب مساعينا.
· نناشد الحكومات الالتزامَ بتفعيل آليات مالية جديدة تعالج الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي، وخاصة في المناطق الأكثر ضعفا، والتأكد من تعددية تخصصات هذا الصندوق وفعاليته وشموليته، وإتاحته للمجتمعات الأكثر ضعفا و تضررًا.
· تشجيع الحوار الشامل، خلال مؤتمرات الأطراف وما بعدها، مع القادة الدينيين والفئات المهمشة والشباب والمنظمات النسائية والمجتمع العلمي لتشكيل تحالفات تعزز التنمية المستدامة…
هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.