قداسة البابا فرنسيس يحتفل بالقدّاس الإلهي ويفتتح أعمال الجمعيّة العامة العادية السادسة عشر لسينودس الأساقفة حول السينودسيّة
"إنّ القدّيس فرنسيس الأسيزي، في زمن من الصراعات والإنقسامات الكبيرة، بين السلطة الزمنيّة والدينيّة، بين الكنيسة المؤسّساتيّة وتيّارات الهرطقة، بين المسيحيّين والمؤمنين الآخرين، لم ينتقد أو يهاجم أحدًا، بل تمسّك فقط بأسلحة الإنجيل: التواضع والوحدة والصلاة والمحبّة. لنفعل هكذا نحن أيضًا!" هذا ما قاله قداسة الباب فرنسيس في عظته مترئسًا قداس افتتاح أعمال الجمعية العامة العادية السادسة عشر لسينودس الأساقفة حول السينودسيّة.
ترأّس قداسة البابا فرنسيس عند الساعة التاسعة من صباح الأربعاء 4 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 القدّاس الإلهي مفتتحًا أعمال الدورة الأولى من الجمعيّة العامة العادية السادسة عشر لسينودس الأساقفة حول السينودسية. وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها إن الإنجيل الذي سمعناه يسبقه سرد للحظة صعبة في رسالة يسوع، يمكننا أن نصفها بـ "الأسى الرعوي": يوحنا المعمدان يشك في أن يكون هو المسيح حقًّا؛ والعديد من المدن التي عبرها، على الرغم من المعجزات التي قام بها، لم تتُب؛ والناس يتهمونه بأنه أكول وشرّيب خمر، فيما كانوا يشتكون قبل ذلك من يوحنا المعمدان لأنه كان متقشِّفًا جدًا." ومع ذلك، نرى أن يسوع لا يسمح للحزن بأن يغلبه، بل يرفع عينيه إلى السماء ويبارك الآب لأنه قد أظهر أسرار ملكوت الله للبسطاء: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفَيتَ هذه عن الحكماء والفهماء وأعلَنتَها للأطفال". في لحظة الأسى، إذاً، يتحلى يسوع بنظرة قادرة على الرؤية بعمق: هو يمدح حكمة الآب ويستطيع أن يرى الخير الخفي الذي ينمو، بذرة الكلمة التي يقبلها البسطاء، نور ملكوت الله الذي يشقُّ طريقه حتى في الليل".
تابع قداسة البابا فرنسيس يقول أيها الكرادلة، والأساقفة والأخوات والإخوة الأعزاء، نحن هنا في افتتاح الجمعية السينودسية. ولا نحتاج إلى نظرة داخلية، مبنية على استراتيجيات بشرية، أو حسابات سياسية، أو نزاعات إيديولوجية: إذا كان السينودس سيسمح بهذا الأمر أو بذاك، أو إذا كان سيفتح هذا الباب أو ذاك... هذه الأمور لا تفيد. نحن لسنا هنا لكي نعقد اجتماعًا برلمانيًّا أو لكي نضع خطة إصلاح. لا، نحن هنا لكي نسير معًا بنظرة يسوع، الذي يبارك الآب ويقبل المُتعبين والمُثقّلين بالأحمال. لننطلق إذًا من نظرة يسوع، التي هي نظرة تبارك وتستقبل.
أضاف الأب الأقدس يقول لنرَ القسم الأول، نظرة تبارك. على الرغم من أنه قد اختبر الرفض ورأى قسوة قلب كبيرة حوله، لم يسمح المسيح لليأس بأن يسجنه، ولم يصبح قاسيًا، ولم يتوقف عن التسبيح. وقلبه، المؤسس على أولوية الآب، يبقى هادئًا حتى في وسط العاصفة. إن نظرة الله التي تبارك تدعونا أيضًا لكي نكون كنيسة تتأمل بقلب فرح عمل الله وتميّز الحاضر. وفي وسط أمواج زمننا التي قد تكون مضطربة أحيانًا، لا تفقد الكنيسة شجاعتها ولا تلجأ إلى منافذ إيديولوجية، ولا تختبئ خلف قناعات مُكتسبة، ولا تستسلم لحلول مريحة، ولا تسمح للعالم بأن يحدد أجندتها. هذه هي الحكمة الروحية للكنيسة، كما لخّصها القديس يوحنا الثالث والعشرون: "من الضروري أولاً ألا تحيد الكنيسة أبدًا عيونها عن إرث الحقيقة المقدس الذي ورثته من الأقدمين. وفي الوقت عينه، تحتاج أيضًا إلى أن تنظر إلى الحاضر، الذي يتضمّن حالات جديدة وأساليب عيش جديدة، وفتح دروبًا جديدة للعمل الرسولي". إن نظرة يسوع التي تبارك تدعونا لكي نكون كنيسة لا تواجه تحديات ومشاكل الحاضر بروح انقسام ونزاع، بل على العكس، توجه العيون إلى الله الذي هو شركة، وبدهشة وتواضع، تباركه وتعبده معترفة بأنه ربها الوحيد. نحن ننتمي إليه، ولنتذكر دائمًا - نحن موجودون فقط لكي نحمله للعالم. وكما قال لنا القديس بولس الرسول، ولكي لا نفتخر "الا بصليب ربنا يسوع المسيح". هذا الأمر يكفينا، هو، يكفينا. لا نريد مجدًا دنيويًا، ولا نريد أن نبدو جميلين في أعين العالم، بل نريد أن نصل إليه بتعزية الإنجيل، لكي نشهد بشكل أفضل، وللجميع، على محبة الله اللامتناهية. في الواقع، كما قال البابا بندكتس السادس عشر في خطابه لجمعية سينودسية، "السؤال بالنسبة لنا هو: هل تكلم الله؟ هل كسر حقًا الصمت الكبير؟ هل أظهر نفسه؟ ولكن كيف يمكننا أن نقدم هذا الواقع لإنسان اليوم، لكي يصبح خلاصًا؟…
هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.