عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الأوّل بعد الدنح من لندن
في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في القدّاس الإلهيّ الّذي ترأّسه في الأحد الأوّل بعد الدنح، يوم الأحد 8 كانون الثاني/ يناير 2023، مع الرعيّة المارونيّة في لندن، في كنيسة القدّيس بندكتوس في ايلينغ ابيه، حيث عاونه فيه غبطة الكردينال فيتسجرالد، سيادة المطران بولس صياح، الأباتي هادي محفوظ وكاهن الرعيّة الأب فادي كميد.
وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ،" (لو 3: 21)."
١- يُسعدنا اليوم الإحتفال سويًّا بعيد الغطاس أو الدنح، عندما نقول عيد الغطاس نعني معموديّة يسوع، لمّا نزل في مياه نهر الأردن وعمده يوحنّا وكان مثال لكلّ الناس. وكلمة دنح هي كلمة سريانيّة معناها الظُهور، يعني اعتلان سرّ المسيح أنّه ابن اللّه واعتلان سرّ الثالوث الأقدس.
كما سمعنا في الإنجيل لمّا نزل في الماء واعتمد، فتحت السماء ثمّ سمع صوت (صوت الآب) يقول هذا هو ابني الحبيب وحلّ عليه الروح القدس بشكل طير حمامة واستقر عليه.
نعم، في هذا النهار الظهور هو ظهور الثالوث القدّوس والظهور للعالم واعتلان يسوع الّذي عاش بين الناس إنسان كامل الإنسانيّة وهو الإله.
هذا النهار، يُذكرنا نحن المسيحيين بمعموديتنا. نعم نحن تعمدنا لكن معمودية الرب يسوع يَعني أننا وُلدنا ثانيةً من الماء والروح، وأصبحنا أبناء وبنات الآب بالإبن الوحيد يسوع المسيح، وصرنا أعضاء بالجسد السرّي الذي هو الكنيسة.
هذا الغطاس بالنسبة لنا هو التذكير بمعموديتنا ولكن الدنح بالنسبة لنا الظهور أننا نشهد للعالم بأقوالنا، بأفعالنا، وبمواقفنا، نشهد اننا لبسنا يسوع المسيح، لبسنا الإنسان الجديد، لبسنا الطبيعة الجديدة التي نحن نحملها فينا. هذه مسؤولية كبيرة أن يعلم كل واحد منا أن المسيحية ليست مجرد انتماء، انما المسيحية شركة مع يسوع المسيح مخلصنا.
نحن صرنا أعضاء جسد المسيح السري ، هذه المسؤولية عظيمة جدَا، ونحن نصلي على نية أن نكون على قدر مستوى ما أولانا الرب من نِعَم وعطايا فنعيش الانسان الجديد، مثلما قال مار بولس - بالمعمودية لبسنا الانسان الجديد، وانتهى الإنسان القديم - الإنسان الجديد هو يسوع المسيح فينا، والذي سينمو فينا.
نحن نُصلي اليوم حتى نكون على هذا المستوى نتذكر معموديتنا، نتذكر أننا ابناء وبناة الله اذن أخوة مع بعضنا البعض نقول لكل الناس في هذا التذكار أننا نلتزم بإعلان سرّ المسيح من خلال حياتنا.
لم يرَ أحد يسوع المسيح، رأوه لما عاش على الأرض، أما اليوم، مسؤوليتنا كمسيحيين أن نكشف للعالم وجه يسوع المسيح - ما معناه، الويل لي أنا المسيحي اذا لم أعلن للعالم هذا الوجه. نُصلي كي نكون على مستوى هذه المسؤوليّة.
أنا سعيد جدًا أن أكون معكم نحتفل في لندن في هذا العيد، سعيد جدًا انو نكون بحضور الجالية العزيزة واحد واحد، وأحيي عائلاتكم. أود أن أشكركم على حضوركم، وفي انكلترا أشكركم على عملكم. أشكركم على شهادتكم للقيم المسيحيّة، علي القيم اللبنانية أو قيم البلدان الأخرى التي انتم منها. اشكركم لأنكم حاملين تراث المشرق ومدعوين ان تغتنوا في هذا المجتمع بشكل متبادل، تغتنون من المجتمع الانكيزي بشكل متبادل، من المجتمع في لندن من تراثهم، من ثقافتهم، من قيمهم، من تنظيمهم، وتغنوهم أيضًا بنشاطكم ،بعملكم، بحضارتكم، بثقافتكم التي تحملونها في.
هذا هو الإنتشار، هويتنا أن نكون في المجتمعات الجديدة حاملين لثقافاتنا وتراثنا نغنيهم ونغتني فيهم ومنهم.
أشكركم مجددًا على كل ما تعملونه لبلدكم من هذا العالم المشرقي، اشكركم لأنكم تحملون القضيّة الوطنيّة، قضيّتنا اللّبنانيّة.
أعلم بتألّمكم من الواقع، لكننا أبناء وبنات الرجاء ونحن نؤمن أن العالم والتاريخ ليس فقط بأيدي أصحاب المسؤوليات، بأيدي السياسيين، وليس بأيدي المقتدرين بالمال، بالسلاح، بالنفوذ، وبأي شكل من الأشكال.
نحن نؤمن أن يسوع وحده سيد هذا العالم و هو الله، هوالسيد المسيح الذي هو مخلص العالم، نحن نؤمن بهذا السيد الوحيد.
نحن جماعة الرجاء، نؤمن أن الله يتدخل بسلامه وهو لا يريد الحروب، ولا الفقر ولا يريد الاستبداد الذي نعيشه في واقعنا ، الرب يريد لكل انسان عيش حياة كريمة مهما كان دينه، لنحترم الانسان والإنسانية - هذه ثقافتنا هذه حضارتنا، هذا ما يجعلنا أبناء وبنات الرجاء.
سنبارك الماء وهذه العادة انه في عيد الغطاس، نبارك المياه - أيّ أنه لما نزل يسوع في نهر الأردن قدس المياه - وصارت الكنيسة تبارك المياه ويأخذخها المؤمنون إلى بيوتهم، مرضاهم، يتذكرون بها معموديتهم يتذكرون أنهم ولدوا من نعمة الماء والروح - لهذا السبب نحتفل بتبريك المياه وتأخذوها الى بيوتكم.
لنوجّه سويًّا تحية شكر معكم للرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة التي تقدم خدمة رعيتنا في لندن في انكلترا و في ايرلندا
أشكر الأب فادي والأبوين المعاونين،
أشكر قدس الأب العام هادي محفوظ الرئيس العام الجديد للرهبنة الذي شرف هذه المناسبة، أشكر الرهبانية على خدمتها الدائمة والدؤوبة ونتمنى للرهبانية المزيد من الاستقرار، المزيد من النمو، المزيد من القداسة. وقد أعطت قديسين وطوباويين كلنا نكرمهم، مار شربل، مار نعمة الله، القديسة رفقا، الطوباوي الأخ اسطفان، أبناء الرهانية و بشفاعتهم نحن نواصل رسالتنا…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.