سيادة الكاردينال كورت كوخ: السينودسيّة والمسكونيّة، رباط ضروري

تأمّل عميد الدائرة الفاتيكانيّة لتعزيز وحدة المسيحيّين سيادة الكاردينال كورت كوخ في مقال له على صفحات جريدة أوسيرفاتوري رومانو حول النقاط العديدة الّتي تجمع بين السينودسيّة والمسكونيّة وأهميّة الرباط الوثيق بينهما.


لمناسبة "أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين"، الّذي بدأ في 18 كانون الثاني/ يناير ويستمرّ حتّى 25 كانون الثاني/ يناير، أراد سيادة الكاردينال كورت كوخ عميد الدائرة الفاتيكانيّة لتعزيز وحدة المسيحيّين تسليط الضوء على الرباط الوثيق بين السينودسيّة والمسكونيّة، وذلك من خلال مقال على صفحات جريدة أوسيرفاتوري رومانو، ويصف الكاردينال هذا الرباط في عنوان المقال بالضروري. وتحدّث في البداية عن المسيرة السينودسيّة فذكَّر بكلمات قداسة البابا فرنسيس حين أوضح أنّ القيام بهذه المسيرة والتعمّق فيها هو ما ينتظره اللّه من كنيسة الألفيّة الثالثة، كما وأعرب الأب الأقدس عن قناعته بأنّ الإلتزام من أجل بناء كنيسة سينودسيّة له تبعات مسكونيّة، ومن الضروري بالتالي حسب ما تابع الكاردينال كوخ التأمّل حول هذا الرباط الوثيق بين السينودسيّة والمسكونيّة.

وانطلاقًا من هذه المقدّمة تابع عميد الدائرة الفاتيكانيّة مشيرًا إلى أنّ للسينودسيّة بعدًا مسكونيًّا وأنّ المسكونيّة هي في حاجة إلى أن تتحقّق بأسلوب سينودسي. وأضاف أنّ هذا الرباط الوثيق بينهما يبدو واضحًا في كون السينودسيّة موضوعًا هامًّا في لقاءات الحوار المسكوني الساعية إلى استعادة وحدة المسيحيّين، وشدّد في هذا السياق على كون البعد المسكوني للسينودسيّة طريقًا مفيدًا يمكن من خلاله للمسيرة السينودسيّة للكنيسة الجامعة أن تحقّق تقدّمًا. وذكَّر عميد الدائرة بالإشارة إلى هذا البعد في دليل السينودس من جهّة وفي وثيقة العمل من جهّة أخرى.

توقّف سيادة الكاردينال كوخ بعد ذلك عند السير معًا والّذي يميّز كلًّا من السينودسيّة والمسكونيّة، وقال إنّ كلمة سينودس في حدّ ذاتها تعني من وجهة النظر المسيحيّة المسيرة المشتركة لمن يؤمنون بيسوع المسيح والّذي وصف نفسه بالطريق، ويعني هذا أن المسيحيّة في أصلها هي طريق، كما وقد وُصف اتّباع يسوع وحسب ما جاء في سفر أعمال الرسل بأناس على هذه الطريقة. وذكَّر عميد الدائرة في هذا السياق بكلمات قداسة البابا بندكتس السادس عشر الّتي وصف بها الكنيسة باعتبارها جماعة إيمان في مسيرة. وفي حديثه عن السير فيما يتعلق بالمسكونية أراد الكاردينال كوخ التذكير بكلمات البابا يوحنا بولس الثاني في الرسالة العامة "ليكونوا واحدا" حين دعا إلى التساؤل: " أيُّ مسافةٍ تفصلنا بعد عن اليوم المبارك الذي نستطيع فيه، وقد بلغنا ملءَ الوحدة في الإيمان، أن نحتفل معاً، في الوئام، بإفخارستيا الربّ المقدَّسة". كما وعاد الكاردينال كوخ إلى اهتمام البابا فرنسيس الخاص ببعد السير في العمل المسكوني وتشديد قداسته على أهمية سير المسيحيين والجماعات الكنسية جميعا معا نحو الوحدة، وذلك لأن ..الوحدة تنمو خلال السير، والسير معا يعني عيش الوحدة.

نقطة مشتركة أخرى بين السينودسيّة والمسكونيّة؛ حسب ما واصل عميد الدائرة الفاتيكانية، هي الحوار. وفيما يتعلق بالسينودسية ذكَّر الكاردينال كوخ بحرص البابا فرنسيس على إطلاق المسيرة السينودسية وتعميقها لا من خلال هيئات مؤسساتية، بل يريد قداسته تعزيز البعد الداخلي للسينودسية أي الحوار والذي هناك أهمية جوهرية فيه لعمل الروح القدس وللإصغاء المشترك إليه. الحوار بالتالي، حسب ما تابع عميد الدائرة، هو الأسلوب الحقيقي لكنيسة سينودسية، كما وأن الحوار كمبدأ وأسلوب ليس موضة في كنيسة اليوم بل هو عنصر أساسي في الكنيسة، وهو ما أشار إليه البابا بولس السادس حين تحدث في الرسالة العامة "في كنيسة المسيح" عن أن الكنيسة عليها أن "تدخل في حوار مع العالم الذي تعيش فيه: إنها تجعل نفسها كلمة، تجعل ذاتها رسالة، الكنيسة تجعل نفسها محادثة". الحوار هو أيضا الأسلوب الذي بفضله تتحقق المسكونية، حسب ما قال الكاردينال كوخ مستشهدا بما جاء في الوثيقة المجمعية المرسوم في الحركة المسكونية "استعادة الوحدة" والذي تم التشديد فيه على ضرورة أن "يتصرف الواحد مع الآخر تصرف الند للندّ" من أجل العلاقة اللازمة لحوار مسكوني حقيقي. وأشار عميد الدائرة إلى أن الحوار المسكوني يتم على أساس الإرث المسيحي المشترك، أي أنه حوار بين أخوة وأخوات معمَّدين، كما وأن هذا الحوار لا يثير الشك حول هوية الإيمان لدى المتحاورين بل يسعى إلى تثمينها.

ومن النقاط الهامة الأخرى التي تطرق إليها الكاردينال كوخ في مقاله حول الرباط بين السينودسية والمسكونية التعمق الروحي، وتحدث في هذا السياق عن الفرق بين مسيرة التأمل التي يجب أن يشارك فيها المعمَّدون جميعا قدر الإمكان ، ومسيرة اتخاذ القرارات والتي هي مسؤولية السلطات الكنسية، وقال إن التمييز بين هاتين المسيرتين لا يمكن أن يحدث إلا من خلال التعمق الروحي في جوهر السينودسية…

هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يشارك في الصلاة الختاميّة لأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين

Next
Next

عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الثالث بعد الدنح