غبطة البطريرك الكاردينال ساكو يشارك في ندوة افتراضيّة نظّمتها وزارة الثقافة والإرشاد في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة
إعلام البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد
بدعوة من وزارة الثقافة والارشاد في الجمهورية الاسلامية الايرانية شارك غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانيّة في العراق والعالم، في ندوة حوارية عن الانبياء والناسخ والمنسوخ، في الديانات السماوية، وذلك بعد ظهر الاثنين 19 تمّوز/ يوليو 2022.
إليكم ملخصّ مداخلة غبطة البطريرك ساكو:
اتمنى ان يطلع كلّ رجل دين على حقائق الاديان الاخرى من مصادرها الحقيقية والاصيلة وتفاسيرها المعتمدة وليس من مصادر مشوشة ومشوهة…
لا اعتقد ان الانبياء، وهم مكلفون من اللّه بحمل رسالة محبة وتسامح وسلام وعيش مشترك متناغم والخلاص الى البشر ان يلعبوا دور الناسخ والمنسوخ المتقاطع مع رسالتهم…
موضوع الناسخ والمنسوخ ينبغي ان يدرس باعتماد العلم الأكاديمي والأسلوب العلمي، وليس بقراءة حرفية تقليدية من اجل تمييز الآيات الظرفية ونصوص النقل (التقليد) الصحيحة، بعيدا عن الاسلوب الدفاعي – الهجومي.
وهنا اشيد بقول اية اللّه السيد مصطفى داماد جامعة المشهد، عندما قال: علينا اعتماد التفسير السليم للنصوص المقدسة وذلك في مؤتمر روما 13- 14 تموز الحالي 2022 الذي نظمته جماعة سانت ايجيديو. وهو ما أكده العلماء الشيعة الآخرون المشاركون. هذا التفسير العلمي السليم بوضع الامور في اطارها الصحيح يعزز قيم الاحترام والعيش المشترك.
بخصوص الناسخ والمنسوخ نجد المسيح لا ينسخ وصايا اللّه التي اعلنها موسى وانما يتممها على أكمل وجه:
جاء في الفصل الخامس من انجيل متى (21-48)
قيلَ لِلأَوَّلين: لاتَقْتُلْ، فإِنَّ مَن يَقْتُلُ يَستَوجِبُ حُكْمَ القَضـاء. أَمَّا أَنا فأَقولُ لَكم: مَن غَضِبَ على أَخيهِ استَوجَبَ حُكْمَ القَضاء.
سَمِعْتُم أَنَّه قيل: لا تَزْنِ. أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: مَن نظَرَ إِلى امرأَةٍ بِشَهْوَة، زَنى بِها في قَلبِه.
سَمِعتُم أَيضًا أَنَّه قِيلَ لِلأَوَّلين: لا تَحْنَثْ، أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: لا تَحلِفوا أَبداً… فلْيَكُنْ كلامُكم: نعم نعم، ولا لا. فما زادَ على ذلك كانَ مِنَ الشِّرِّير.
سَمِعتُم أَنَّه قِيل: أَحْبِبْ قَريبَك وأَبْغِضْ عَدُوَّك. أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: أَحِبُّوا أَعداءَكم … فإِن أَحْبَبْتُم مَن يُحِبُّكُم، فأَيُّ أَجْر لكم. كونوا أَنتُم كامِلين، كما أَنَّ أَباكُمُ السَّماويَّ كامِل.
الايمان باللّه
الايمان بالله الواحد هو حجر الأساس، ومحور الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، لكن في المسيحية يختلف التعبير اللاهوتي. فالله أب، وهو محبة، ويتجلى من خلال كلمته المتجسدة في يسوع المسيح، ومن خلال الروح القدس. هذا إيمان مؤسسٌ للمسيحية وهو محور لاهوتها.
الثالوث المسيحي: لا يعكّر البتة إيمان المسيحيين بالله واحد في ثلاثة اقانيم. انها وحدانية الله في الجوهر. الله غير المنظور يظهر في هيئة الانسان يسوع المسيح، صورة الله المنظورة. لله طبيعة بسيطة غير مركبة، وهو روح. والمسيحيون يعتبرون المسيح كلمة الله المتجسد، بينما المسلمون يعدون القرآن كلام الله.
يؤكد المسلمون بان الله واحد احد من جميع الجوانب، لكنهم حين يتكلمون عن أسمائه الحسنى، يعبرون بها عن أوجه الله المتعددة.
يقول ابو الحسن الباقلاني: “اعلم إن النصارى إذا حققنا معهم الكلام في قولهم إن الله جوهر واحد ذو ثلاثة اقانيم لم يحصل بيننا وبينهم خلاف إلا في الاسم” (الطمس في الأصول الخمس ص 73).
ان المسيحيين يقينا ليسوا مشركين وليسوا كفارا ولا يراود هم الشك بوحدانيّة الله. ان معظم صلواتهم تبدأ بـ “باسم الأب والأبن والروح القدس، الاله الواحد، آمين”. لا يوجد مسيحي واحد لا يقرّ بان الله واحد. كما لا يوجد مسيحي واحد يقر بان المسيح ولد بواسطة علاقة جسدية بواسطة صاحبة !
أسال كيف ينعت المسيحيون بالشرك أو الكفر؟ والقرآن يقول:
"وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُون (المائدة َ82) و “وجوههم يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة” (القيامة 22). والقرآن يوصي المسلمين قائلا: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (سورة النحل 43، والانبياء 7). فاذا كانوا مشركين كيف يسألونهم عما لا يعلمونه؟
هناك تقاطع مع آيات مثلا في سورة التوبة. “قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة التوبة 29)
قد تكون هذه الايات التي تتقاطع مع هذه الآيات التنويرية الجميلة، تتعلق بالبدعة النصرانية التي كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية والتي حاربتها الكنيسة ولا علاقة لها بالمسيحية ولا تمثل عقيدتها!! نحن مسيحيون ولسنا نصارى!
الكتاب المقدّس
الكتب المقدسة، كتب دينية تختلف عن الكتب العادية اذ يعتبرها المؤمنون بها انها مقدسة تحمل رسائل للانسان في كل زمان.. تحمل رسائل الله (تعليم) لكن في كلمات بشرية. انه كلام اللّه، "كنزٌ نحملُهُ في آنية من خزف" (2 قورنثس 4/7).
أما مهمة تفسير بطريقة سليمة فهي موكلة الى السلطة الكنسية لاكتشاف المعاني الصحيحة. والتفسير فنٌ له قواعده وتقنياته…
هذه المداخلة نُشرت على موقع البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.