رسالة عيد القيامة 2022 من غبطة البطريرك الكاردينال ساكو

في التالي رسالة عيد القيامة 2022 من غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم.

قيامة المسيح استشراق لمستقبل البشرية ان هي سارت وفق تعليمه

احتفالنا اليوم يذكرنا أكثر من أي يوم آخر، بمحبة اللّه للبشر وبقربه منهم، وبرحمته الواسعة لهم من خلال قيامة المسيح التي تعد استشراقا مؤكدا لمستقبل البشرية وخلاصها ان هي سارت وفق تعليمه. قيامته تأتي "ليُنير الجالسين في الظلمة وظلال الموت، لِيُسَدِّدَ خُطانا لِسَبيلِ السَّلام" (لوقا 1/ 79).

 قيامة المسيح تعزية لنا ورجاء… قيامته هي أساس رجائنا الخاص وعربون قيامة كل المؤمنين. وانجيله بالتالي رسالة رجاء، يذكرنا باشياء مهمة في حياتنا. الآمه مخاض ولادة جديدة، وقيامة مجيدة وتأسيس جماعة جديدة (الكنيسة).

قيامة المسيح دعوة للدخول في زمن جديد، وعهد جديد، فيه نحب بعضنا البعض بصدق، ونتعاون بحماسة وتجرد، لنكون دوما حاضرين للوقوف الى جانب بعضنا البعض، على مثال تلاميذه الذين جمعتهم القيامة بالمحبة، وجعلتهم يتقاسمون ما يملكونه بحرية.

أتساءل اين صارت القيم الروحية المسيحية في معظم مجتمعاتنا. ماذا فعلنا بتعليم المسيح الذي دعانا الى محبة الجميع حتى أعدائنا؟ ماذا فعلنا بقيم الاخوة والسلام والأمان والاحترام والخير العام؟ فمن المُعيب أن روحانيتنا غدت فقيرة! لماذا تنازلت عنها مجتمعاتنا، خصوصاً الغربية منها؟

على الكنيسة ان تعمل جاهدة لاستعادة هذه القيم لينعم عالمنا بالسلام والأمان والعدالة وبروح المحبة. على الكنيسة ان تعكس نور الانجيل على الشؤون الراهنة التي تشكل حياة المجتمع، والا تبقى كنيسة خارج الزمن وخاملة.

على المؤمنين من أي دين كانوا التواصل مع كل انسان مهما كان دينه او مذهبه او قوميته، وتحقيق التفاهم والتعاون الأخوي كما دعانا المسيح ” كلكم اخوة” وكما تعكس الرسالة العامة للبابا فرنسيس “كلنا أخوة”، والتي تشجع على بناء عالم جديد وحضارة جديدة، وتدافع عن الاخوّة البشرية وكرامة الإنسان والاحترام المتبادل.

على كل مؤمن باللّه، والمسيحي بشكل خاص ان يرفض منطق الحرب- الموت لانها تتقاطع مع منطق المحبة والسلام والحياة . فالطريق الوحيد للوصول الى “القيامة” وعيشها هو بإتباع خطى المسيح الذي أظهر نفسه لنا من خلال مار توما ولا يتعب من مناداتنا كما نادى مريم المجدلية باسمها.

على رؤساء الدول والمرجعيات الدينية والمجتمع نفسه العمل لانهاء الحروب بين روسيا اوكرانيا وحل الازمات بطرق دبلوماسية وليس الاقتتال. يكفي حروب وموتى وجرحى والام وخراب وهجرة وفقر وأمراض.. يجب الكف عن صنع الاسلحة الفتاكة هنا وهناك، ألا يحرك كل هذا الشر ضمير المسؤولين السياسيين في العالم؟ كل انسان شريف عليه ان يرفض هذا الجحيم . نحن في لحظة خطيرة قد تجر الى حرب عالمية مدمرة لا سامح اللّه لها تداعيات خطيرة على مجمل العملية السياسية. ادعو جميع المؤمنين مسيحيين ومسلمين (وهم يصومون شهر رمضان) ويهود ان ينظروا الى معاناة أوكرانيا وبلدان الشرق الاوسط وإذلالها وتفكيك فسيفسائها الجميل.

أخيراً، كمواطن عراقي وكرجل دين مسيحي مسؤول، لا يمكنني تجاهل رؤية العراقيين متعبين ومنهوكين بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا الحبيب العراق. لذلك ادعو القوى السياسية الى تحمُّل المسؤولية الوطنية واعتماد لغة الحوار والتفاهم كونها السبيل الوحيد للخروج من الانسداد السياسي المقلق والاسراع في بناء حكومة وطنية قادرة على الإصلاح الحقيقي.

عسى أن ينير، ذلك النور المنبعث من قبر المسيح، بصائرنا فنقوم معه، ونقف أمام إنسانيتنا، وقفة تحرر وتضامن واخوّة.

قيامة مباركة للجميع والسلام على الارض

هذه الرسالة نُشرت على موقع البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

في ختام سلسلة "أَيْنَ أَنْتَ؟".. "مقابلة اللّه في طقوس الكنيسة".. في إجتماع الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني

Next
Next

رسالة عيد القيامة 2022 من غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان