كلمة غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو في القدّاس التذكاريّ لمناسبة مرور سنة على زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى العراق
في التالي نصّ الكلمة الّتي وجّهها غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، في القدّاس الإحتفاليّ الّذي ترأّسه لمناسبة الذّكرى السّنويّة الأولى لزيارة قداسة البابا فرنسيس إلى العراق، وذلك يوم السّبت 5 آذار/ مارس 2022 في كاتدرائيّة مار يوسف في بغداد.
زيارة البابا فرنسيس التاريخية كانت بركة لجميع العراقيين. لقد شحنتنا بما يكفي من الدعم والأمل لتحقيق ما نطمح اليه من حياة إنسانية تضامنية متعاطفة وكريمة.
في أول زيارة لنا الى روما هذا العام، نحن رؤساء وممثلي الكنائس في العراق لتقديم الشكر لقداسته على التفاتته الكريمة بزيارة بلدنا الحبيب، استضافنا في مقره يوم الاثنين 28 شباط/ فبراير 2022. عبّرنا خلال اللقاء عن شكرنا وتثميننا لمجيئه إلينا كحمامة سلام ورسول أخوّة ومحبة. قال لنا بتأثر ملحوظ: "اني لن انس زيارتي للعراق. اني احمله في قلبي".
سؤالي للعراقيين هو هل نحمل العراق في قلبنا واهتمامنا كما يحمله البابا؟ هل العراق لنا هو فعل هوية وانتماء.
سنة مرت على الزيارة ولا يزال يرن في ذاكرتنا ايقاع كلمات الاخوّة، والتنوع، والسلام، والوئام، ولتخرس الاسلحة، وحلاوة العيش المشترك، والاحترام والتعاون والتضامن. هذه بلاغات اخلاقية ووطنية ودينية محترمة، ينبغي التواصل معها واستثمارها.
أعلن دولة رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي السادس من آذار من كل عام يوماً للتسامح الوطني والعيش المشترك، إنه فرصة لمناقشة هذه المحاور مع مجموعات عمل لتصبح اختلاجاً انسانياً ووطنياً ودينياً تمس نفوسنا وتؤثر فيها أبعد تأثير. لا الحياة ولا الدين هما اداة للعنف والقتل والسرقة، بل هما اداة لإشاعة القيم الانسانية والروحية: واحترام كرامة وحقوق كل انسان كأخ ومواطن.
من المؤسف اننا بعد 19 عاما لا نزال أمام فوضى اللادولة التي سببها ان كل شيء مرهون بالطبقة السياسية والمصالح. لذا ومن أجل إيجاد حلول جيدة لوضعنا هذا أقترح أن نستثمر هذه الزيارة بالتركيز على المحاور الرئيسية الآتية:
بما ان تنوع التقاليد والتراث الثقافي واللغوي والديني في العراق هو ينبوع للحوار والوحدة بين مكوناته، لذا ينبغي الاعتراف به وقبوله وحمايته وتسليمه للأجيال القادمة.
من المهم ان تنطلق التربية البيتية والمدرسية من القيم الانسانية المشتركة بين المواطنين فضلاً عن ان رسالة الاديان هي للتسامح والاحترام والمحبة والتعاون مما يحثّ الشباب على الالتزام بفعل الخير وممارسة المحبة وترسيخ العدل والحرية.
الحاجة إلى فرص الحوار واللقاءات بين مختلف التقاليد الثقافية والدينية من أجل تقوية أواصر الاُخوّة وتغليب منطق السلام واعتماد لغة الحوار لإيجاد حلول متكاملة لتلافي المشاكل الكارثية.
4. انشاء مركز للتسامح والمصالحة والسلام من أجل التغلب على المشاكل وتعزيز الشراكة، واعداد قادة محليين قادرين على حل النزاعات و العنف الأسري والتواصل مع كذا حالات.
نحن المسيحيين، جزء من هذا المشروع الوطني النبيل، ينبغي ان نخرج من العقلية الاتكالية والتشكي والهجرة وان نتحمل مسؤوليتنا ونتعاون مع مواطنينا في ترسيخ العلاقات وتوطيد التعاون لخير بلدنا ومواطنينا.
قال البابا لنا: “يَجِبُ أَلَّا تُتْرَكَ أَيَّةُ وَسِيلَةٍ مُتاحَةٍ حَتَى يَسْتَمِّرَ المَسِيحِيُّونَ بالشُعُورِ بِأَنَّ العِراقَ هُوَ وَطَنُهُم، وَأَنَّهُم مُواطِنُونَ كامِلُو الحقوق، وَمَدْعُوُّونَ إلَى تَقْدِيمِ مُساهَمَتِهِم في الأَرْضِ التِي عاشُوا فِيها دائِماً”.
بمناسبة مرور سنة على الزيارة اضم صوتي الى صوت البابا فرنسيس لأدعو جميع الكنائس الى مواصلة السير معاً في طريق الأخوّة والوحدة كتلاميذ المسيح. تأثيرنا سيكون أكبر بوحدتنا وشهادة ايماننا واخلاقنا واعطاء صورة إيجابية لنا.
قال لنا البابا فرنسيس: أَوَدُّ أَنْ أُشَجِّعَكُم علَى الاسْتِمْرارِ فِي هذا الطَرِيق، حَتَى تَتِمَّ الخَطَواتُ نَحْوَ الوَحْدَةِ الكامِلَةِ مِنْ خلِالِ مُبادَراتٍ مَلْمُوسَةٍ وَحِوارٍ مُسْتَمِرٍ والمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّة، وَهَذا الأَهَّم. فِي وَسَطِ شَعْبٍ تَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ التَمَزُقاتِ والخِلافات، لِيَتَأَلَّقِ المَسِيحِيُّونَ عَلامَةً نَبَوِيَّةً لِلْوَحْدَةِ فِي التَّنَوِع”.
في هذا القداس لنصلِّ من أجل بلدنا وتشكيل حكومة وطنية سريعاً، حكومة مقتدرة على انهاض البلد وتوفير الخدمات. كذلك لنصلِّ من أجل السلام في العالم، وخصوصاً بانتهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا، المقلقة للسلام العالم. من المؤسف ان تكون هذه الحرب انتحاراً سياسياً بدل ان يلجأ الطرفان للحوار الحضاري لحل المشاكل.
هذه الكلمة نُشرت على موقع البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد.