إفَرح، الرَّبُّ مَعَك!، كلمة نيافة الأنبا باخوم لمناسبة عيد البشارة

في التالي كلمة نيافة الأنبا باخوم، النائب البطريركي لشؤون الإيبارشيّة لبطريركيّة الأقباط الكاثوليك في مصر، لمناسبة عيد بشارة السيّدة العذراء.

الآباء الأحبّاء، الرهبان والراهبات، وشعب الإيبارشيّة البطريركيّة المبارك،

سلام ومحبة في الربّ يسوع.

الروح القدس يحلّ عليك يا مريم الملكة واللّه تطلع إلى طهارتك فلم يجد من يشبهك.

أفواه الأنبياء الصادقة شهدوا بالحقيقة. أنك أنت هي السلم الحقيقي الذي رآه يعقوب.

هكذا تسبح كنيستنا القبطية الكاثوليكية في عيد البشارة، الإعلان الأجمل الذي يمكننا سماعه: "إفَرح، الرَّبُّ مَعَك!".

كانت البشارة بمولد المخلص في مدينة بعيدة في ضواحي الجليل، اسمها الناصرة ( لو ١ / ٢٦) في بيت شابة تُدعى مريم. تناقض عجيب، لكنّه يُشير إلى أنَّ هيكل اللّه الجديد، والمكان الجديد الذي سيتقابل فيه اللّه مع شعبه هو مكان غير متوقع.

يبادر اللّه دائمًا، ويختار أن يدخل إلى بيوتنا، مدننا ومدارسنا وجامعاتنا، في المستشفيات وفي شوارعنا. يدخل في جهادنا اليوميّ المليء بالمخاوف والرّغبات. وفي هذه الأماكن يتحقق الإعلان الأجمل الذي يمكننا سماعه: "إفَرح، الرَّبُّ مَعَك!". (لو ١ / ٢٨)، إعلان فرح يولّد الحياة ويخلق الرّجاء، فرح يتجسّد في طريقة تطلّعنا إلى المستقبل والموقف الذي ننظر به إلى الآخرين. فرح يصبح تضامنًا ورحمة تجاه الجميع.

وكما حدث مع مريم، يمكن أن يصيبنا اضطرابٌ شديد. "كَيفَ يَكونُ هذا" (لو ١ / ٣٤) في زمن مليء بالمتناقضات؟ متناقضات في الحياة والعمل والعائلة. في مستقبل الأطفال وأحلام الشباب. متناقضات في عالم يبدو أنّ كلّ شيء فيه قد تحوّل إلى مجرِّد أرقام تاركًا الحياة اليوميّة للعديد من العائلات فريسة للتوتر وغياب الأمان وعدم الرضا. وبشكلٍ تناقضي عندما يتسارع كلّ شيء لبناء مجتمع أفضل – نظريًّا –، نجد في النهاية أنّنا لا نملك الوقت لشيء أو لأحد. نفقد الوقت المخصص للعائلة وللجماعة، للصداقة والتضامن والذكرى.

أمام اضطراب مريم وأمام اضطراباتنا يقدّم الملاك رسالة هامة: "ما مِن شَيءٍ يُعجِزُ اللّه"(لو ١ / ٣٧). عندما نعتقد أن كلّ شيء متوقّف علينا نبقى سجناء لقدراتنا وقوانا، ولكن عندما نسمح بأن تتمّ مساعدتنا ونُصحَنا وعندما ننفتح على النعمة يبدو أنّ المستحيل قد تحوّل إلى حقيقة.

إنّ اللّه لا زال، كما في الماضي، يبحث عن رجال ونساء قادرين على الإيمان. إن اللّه لا زال يسير في دروبنا باحثًا عن قلوب قادرة على الإصغاء لدعوتها وتجسيدها هنا والآن. إنّ اللّه لا زال يبحث عن قلوب مُستعدّة، كقلب مريم، للإيمان حتى في الظروف والاوضاع الغريبة والاستثنائيّة. لينمِّ الرّب فينا هذا الإيمان وهذا الرّجاء.

بالنيابة عن غبطة أبينا البطريرك، الأنبا إبراهيم اسحق، بطريرك الإسكندريّة للأقباط الكاثوليك، أتوجّه اليكم بخالص التهنئة.

صلّوا لأجلي،

+ نيافة الأنبا باخوم

النائب البطريركيّ

لشؤون الإيبارشيّة البطريركيّة

هذه الكلمة هي قراءة مختصرة لبعض عظات قداسة البابا فرنسيس وشكر وامتنان لكلّ من يعاون معنا لأجل هذا العمل، فهو ثمرة عمل العديد.

هذه الكلمة نُشرت على صفحة المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر على موقع فيسبوك.

Previous
Previous

سلسلة "أَيْنَ أَنْتَ؟".. "مقابلة اللّه في مكان العمل"… في إجتماع الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني

Next
Next

كلمة غبطة البطريرك يوحنا العاشر في صلاة المديح الثاني في كنيسة الصّليب المقدّس بدمشق