عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي في قدّاس اليوم العالميّ لذوي الإحتياجات الخاصّة
في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في اليوم العالميّ لذوي الإحتياجات الخاصّة، يوم السبت 3 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، في مركز جمعيّة "رسالة سلام"، بيت الكاهن في معاد، لبنان.
"إسمه يوحنّا"
أيّها الاخوة والأخوات الأحباء؛
بحسب التسلسل اللّيتورجي في كنيستنا، يأتي تذكار مولد يوحنّا المعمدان بعد زيارة مريم لإليصابات بعد أن بشّرها الملاك وأعلنها لها أن إليصابات في شيخوختها وهي عاقر أنعم اللّه عليها أن تلد مولودًا إسمه يوحنّا، وفي هذا الأحد – 4 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022 - هو تذكار مولد يوحنّا. إسمه يوحنّا وهو الإسم الّذي اختاره الملاك وبلّغه لزكريا لأنّه يعني، "اللّه رحوم". ويأتي هذا الإنجيل ونحن هنا في هذا البيت حيث رحمة اللّه تتجلّى بكلّ مفاهيمها، اللّه الرحوم هو اللّقب الكامل للّه، اللّه محبّة يعني اللّه رحوم، ولا يوجد محبّة في الهواء، المحبّة تتجسّد في أعمال الرحمة والخدمة والمساعدة والغفران وقبول الآخر، والعيش بسلام مع الجميع، وانفتاح القلب على كلّ انسان، المحبّة هي الكلمة، أما الرحمة فتتجسّد.
يسوع الإله المتجسّد هو الرحمة المتجسّدة، أصبحنا نرى الرحمة بشخص يسوع وبأعمال يسوع، بآياته وأقواله، الرحمة هي هذا التجسيد المنظور، دعوة لنا جميعاً لا أقول كمسيحيين فقط، بل كل الناس، فكل انسان يولد على صورة اللّه وينبغي أن يعيش على هذه الصورة أي الرحمة. بالنسبة إلينا كمسيحيين، لأننا نؤمن بالمسيح، فنحن جماعة الرحمة. المحبة والرحمة هذه هويتنا، العالم لا يستطيع أن يعيش من دون رحمة لا في المجتمع ولا في العائلة ولا في الدولة، الرباط بين الناس إسمه "الرحمة". عالمنا اليوم بحاجة الى رحمة من كبيرنا الى صغيرنا، والحاجات التي يمرّ بها الانسان هي حاجات روحية ومعنوية، كل واحد منا بحاجة لأن يفهمه ويقبله ويحترمه ويشجعه الآخر ويكون الى جانبه. المريض بحاجة الى رحمة، المعوّق بحاجة الى رحمة، الفقير بحاجة الى رحمة. إذًا عالمنا لا يستطيع أن يعيش بدون رحمة، كل جيل بشري بحاجة الى الرحمة.
في هذا الاطار ولدت جماعة "رسالة سلام" التي ولدت من مشروع الأمم المتحدة عندما أسس منذ ثلاثين سنة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة. الاحتياجات المعنوية والروحية والأخلاقية، وليس فقط الجسدية، ومن 25 سنة تأسست جمعية رسالة سلام على يد معالي الوزير هيكتور حجار، وتم اختياره لاحقا ليكون وزيراً للشؤون الاجتماعية. أنا أحييك معالي الوزير وأحيي كل الذي يخدمون معك في هذه الجمعية واحيي رئيستها السيدة منال نعمة، وكل العاملين معكم أكان في المركز الأساسي في بكفيا أم هنا في معاد، أم في الأشرفية - بيروت. أنا أحيي أخي المطران غي – بولس نجيم الذي هو بركة عندكم في مركز بكفيا وهو من الذين خدموا ويخدمون الرحمة في العديد من المؤسسات التي تواصل الرسالة. أحيي أخي المطران ميشال عون راعي الأبرشية الذي بقلبه الكبير فتح المجال أن يكون مركز الجمعية في مؤسسة بيت الكاهن. طبعاً أنتم تعرفون أن 15% من سكان العالم هم من أصحاب الاحتياجات الخاصة، و180 دولة وقعت شرعة حقوق أصحاب الاحتياجات الخاصة، وهذه علامة جيدة في التقدم الانساني، وجمعية رسالة سلام تعمل من أجل إخوتنا الحاملين في جسدهم وأرواحهم جرحاً، وأنا أحب أن أحييهم وأقول لهم أنهم يواصلون آلام وجراح يسوع المسيح من أجل خلاص العالم، وعلى هذا الاساس جميعنا مدعوّون كي نكون بقربهم كما تفعل الجمعية من خلال الاهتمام بهم وتأهيلهم وتمكينهم وفتح الباب أمامهم كي يستطيعوا تحقيق ذواتهم وكي لا يعيشوا عقدة نقص لأنهم يحملون إعاقة. يجب علينا أن نشعر أن علينا واجب تجاههم، وعلى الدولة والمسؤولين وأصحاب الامكانيات أن يشعروا بذلك أيضاً. يجب على الجميع أن يدركوا أن هؤلاء الأشخاص مثلنا، يتمتعون بجميع الحقوق، وليس لأن الرب أنعم عليّ أن أكون كاملاً جسديّاُ أحسب أن كل الناس هكذا واحتقر غيري. هذه المؤسسة تحمل رسالة كبيرة لمجتمعنا اللبناني، لأن هناك عائلات ما زالت تخجل بوجود أصحاب الاعاقة، هناك أشخاص اذا عرفوا بوجود جنين يحمل إعاقة، يقومون بالتخلص منه علما أنهم بركة في هذا العالم ونعمة الله في هذا العالم، إنهم كالحربة التي تجنّب العالم الضربات، هؤلاء هم اخوتنا المجروحون، الحربة في وجه شرور العالم، وكما قال مار بولس، أكمّل في جسدي ما نقص من آلام المسيح من أجل الكنيسة…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.