البطريركيّة الأورشليميّة تحتفل بعيد بشارة والدة الإله
إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأربعاء الموافق 7 نيسان/ أبريل 2021 (25 آذار/ مارس شرقي) بعيد بشارة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية في مدينة الناصرة في المكان المقدس حيث حدثت البشارة.
في هذا اليوم تحتفل الكنيسة الأورثوذكسية قاطبة شاكرة الرب بكل فرح بحث البشارة المقدس الذي حسب القديس لوقا الإنجيلي (الإصحاح 1) أرسل الله ملاكه جبرائيل الى العذراء مريم وبشرها بأن الروح القدس سيحل عليها وسيتجسد منها إبن الله الكلمة الوحيد. وبإجابة العذراء للملاك ها أنا امة الرب فليكن لي كقولك, بدأ سر التجسد الإلهي في أحشائها وبدأت رحلة خلاص البشرية.
ترأس خدم القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة البشارة غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث وشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, سيادة متروبوليت إلينولوليس يواكيم, آباء من أخوية القبر ,وكهنة مطرانية الناصرة. وحضر القداس عدد كبير من أبناء الرعية الأورثوذكسية في الناصرة والقنصل اليوناني العام السيد إفانجيلوس فليوراس, ورتلت جوقة كنيسة البشارة وجوقة مطرانية عكا.
خلال القداس الإلهي ألقى غبطة البطريرك كلمة روحية في هذه المناسبة المباركة:
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد بشارة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم في مدينة الناصرة.7-4-2021
تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
رَتَّلوا لِلرَّبِّ تَرْتيلةً جَدِيدَةً. رَتّلي لِلرَّبِّ يَا جميع الأَرْض للربّ. رَتَّلوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. (مزمور 95: 1). هذا ما يرنمه الملك النبي داؤود.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيون الأتقياء
اليوم صار الفرح والابتهاج الحقيقي في المسكونة قاطبة، هذا ما يقوله القديس يوحنا الدمشقي في مديحهِ بشارة والدة الإله العذراء مريم من رئيس الملائكة جبرائيل، الذي حدث في هذا المكان والموقع المقدس حيث جمعتنا نعمة الروح القدس لكي نُعيّد بشكرٍ لعيد البشارة (أي خلاص الله). هذه الرسالة والبشارة المفرحة لتجسد كلمة الله من دماء النقية الدائمة البتولية مريم في مدينة الناصرة.
لقد هتف رئيس الملائكة جبرائيل قائلاً” افرحي أَيَّتُهَا الْممُتلئة نعمةً، اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ (لوقا 1: 28). ومباركٌ ثمرة بطنك، ويفسر الآباء القديسين شهادة القديس لوقا الإنجيلي قائلين: لأن الله قال لحواء بالأحزان والآلام تلدين، فانحل حزن حواء بالفرح،” أي بفرح البشارة” لأنه بكلمة افرحي جاء المسيح الذي حلَّ الحزن، ولأن “العذراء” استحقت نعمة تفوق الطبيعة سمّاها الممتلئة نعمةً. “وبعد أن قال الملاك للعذراء” افرحي لأن الرب معك انحل عندها حزن حواء” وحزنت الحية (أي الشيطان). وعلينا ان نعرف أنه في لحظة البشارة، في تلك اللحظة تجسّد الله الكلمة أي حبلت البتول بحال لا يوصف.
إن هذا السر العجيب، سر حبل البتول مريم يكرز به بصوتٍ جهيرٍ في انجيلهِ، القديس يوحنا اللاهوتي قائلاً: فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. (يوحنا 1: 1) وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ فينا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. (يوحنا 1: 14).
ويفسر هذه الأقوال القديس كيرلس الإسكندري قائلاً: يقول الإنجيلي “وسكن فينا”(يو 1: 14) لكي ندرك أنه يتكلم عن شيئين:
أولاً: الساكن وثانياً: المَسكن، لكيلا يفترض ويعتقد أحدٌ ما بعد ذلك أن “كلمة الله” تحول إل جسد بل إنما سكن في الجسد مستخدماً جسده الخاص كهيكلٍ. هذا الهيكل (أي جسده) الذي أخذه من العذراء القديسة كما يقول بولس الرسول “ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. (كول 2: 9).
إن هذه الحقيقة اللاهوتية يشهد عليها أيضاً القديس يوحنا الدمشقي مستنداً على قول النبي اشعياء هاتفاً وقائلاً: افرحي لأنه فيكي سكن بالجسد في داخلك لأجلنا الذي قال عنه اشعياء «أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ، وَلاَ إِلهَ غَيْرِي. (اشعياء 44: 6)
وأيضاً يقول القديس يوحنا الدمشقي: إننا نكرز بأن العذراء القديسة هي والدة الإله بالحقيقة وهكذا ندعوها أيضاً. وذلك لأن هذا الاسم يعبِّر عن كل سر التدبير الإلهي للخلاص وذلك لأن والدة الإله ولد منها إلهاً تاماً وإنساناً تاماً.
من والدة الإله العذراء مريم وُلد الإله التام والإنسان التام الذي ليس هو إلا ابن الله الذي سبق اشعياء النبي وتنبأ عنه قائلاً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». (اشعياء 7: 14) وكما يقول المزمور:”بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. “(مزمور 95: 2). إن خلاص الله الآب هو الفرح الذي تبشرنا بهِ بولادة المسيح يسوع من العذراء مريم
إن بشارة الفرح هذه مستمرةٌ بدون توقف حتى انقضاء الدهر والزمن والعالم. وهو اعتراف كنيستنا المقدسة بسر الاتحاد الأقنومي بين الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية والذي صار بالروح القدس في العذراء مريم. إذ أن آباء الكنيسة المتوشحين بالله يُعَلّمون قائلين: أنهُ بحسب مفهوم الاتحاد الذي لا اختلاط فيه نعترف بأن العذراء مريم هي والدة الإله بتجسد كلمة الله وتأنسه منها وعند الحبل بهِ “أي بالمسيح” أتحد نفسه بالهيكل أي بجسده الذي أخذه من العذراء.
إن هذا السر الذي لا يوصف سر خلاص تجسد وتأنس كلمة الله من العذراء مريم والدة الإله هو يخص كل الجنس البشري كما يقول لوقا الإنجيلي مستنداً على النبي اشعياء وَيُبْصِرُ كُلُّ بَشَرٍ خَلاَصَ اللهِ (لوقا 3: اشعياء 40: 56) …
هذا النصّ نُشر على الموقع الرسمي للبطريركيّة الأورشليميّة، لقراءة المزيد اضغط هنا.