قداسة البابا فرنسيس يحتفل برتبة تبريك الرماد ويفتتح زمن الصوم المبارك
البابا فرنسيس يحتفل برتبة تبريك الرماد ويفتتح زمن الصوم المبارك (Vatican Media)
"الصوم هو نزول متواضع في داخلنا ونحو الآخرين. هو أن نفهم أن الخلاص ليس صعودًا إلى المجد، وإنما تنازل في سبيل الحب" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي ورتبة تبريك الرماد في بدء زمن الصوم المبارك.
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان القداس الإلهي ورتبة تبريك الرماد في بدء زمن الصوم المبارك وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها نبدأ مسيرة الصوم. وهي تُفتح بكلمات النبي يوئيل التي تدلُّنا على الاتجاه الذي يجب علينا أن نتَّبعه. هناك دعوة تولد من قلب الله الذي يناشدنا بأذرع مفتوحة وعيون مملوءة بالحنين: "توبوا إِلَيَّ بكُلِّ قُلوبِكم". توبوا إِلَيَّ. الصوم هو رحلة عودة إلى الله. كم من مرة قلنا له، مشغولين أو غير مبالين: "يا رب سآتي إليك لاحقًا ... اليوم لا أستطيع، لكن غدًا سأبدأ بالصلاة وبالقيام بأشياء للآخرين". إنَّ الله يناشد الآن قلوبنا. سيكون لدينا في الحياة دائمًا أشياء نفعلها وأعذارًا لنقدمها، ولكن حان الوقت الآن لكي نعود إلى الله.
تابع الأب الأقدس يقول الله: توبوا إِلَيَّ بكُلِّ قُلوبِكم. الصوم هو رحلة تطال حياتنا بأسرها، وتطالنا بكليّتنا. لقد حان الوقت لكي نتحقق من الطرق التي نسلكها، ونجد الدرب التي ستعيدنا إلى البيت، ولكي نكتشف مجدّدًا العلاقة الأساسية مع الله، والتي يعتمد عليها كل شيء. الصوم ليس مجرّد مجموعة من الإماتات الصغيرة، وإنما هو أن نميّزِ إلى أين يتوجه قلبنا. لنحاول أن نسأل أنفسنا: إلى أين يحملني جهاز تحديد المواقع في حياتي، إلى الله أم إلى نفسي؟ هل أعيش لإرضاء الرب، أم لكي يلاحظني الآخرون، ويمدحونني، ويفضِّلونني؟ هل أملك قلبًا "راقصًا" يخطو خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء، يحب الرب قليلاً والعالم قليلاً، أم قلبًا ثابتًا في الله؟ هل أنا مرتاح مع ريائي أم أنني أُكافح لكي أحرر قلبي من الازدواجية والأكاذيب التي تقيِّده؟
أضاف البابا فرنسيس يقول رحلة الصوم هي خروج من العبودية إلى الحريّة. أربعون يوما يذكّروننا بالسنوات الأربعين التي سافر فيها شعب الله في الصحراء لكي يعود إلى أرضه الأصلية. كم كان صعبًا بالنسبة له أن يتركَ مِصر! وخلال المسيرة، كانت هناك على الدوام تجربة التحسُّر على البصل، والعودة إلى الوراء، والتعلُّق بذكريات الماضي، وببعض الأوثان. إنَّ الأمر هو كذلك بالنسبة لنا أيضًا: إذ تعرقل رحلة العودة إلى الله تعلُّقاتِنا غير السليمة، وتعيقها أفخاخ الرذائل المغرية، والضمانات الزائفة للمال والمظاهر، ورثاء الذات الذي يشل. ولكن لكي نسير علينا أن نزيل الأقنعة عن هذه الأوهام. فكيف نمضي إذًا في المسيرة نحو الله؟ تساعدنا رحلات العودة التي تخبرنا بها كلمة الله.
تابع الحبر الأعظم يقول ننظر إلى الابن الضال ونفهم أن الوقت قد حان أيضًا بالنسبة لنا لكي نعود إلى الآب. وعلى مثال ذلك الابن، نحن أيضًا قد نسينا رائحة البيت، وقد بدّدنا الخيور الثمينة على أشياء صغيرة وبقيت أيدينا فارغة وقلوبنا غير راضية. لقد سقطنا: نحن أبناء يسقطون باستمرار، نحن كأطفال الصغار يحاولون أن يمشوا ولكنهم يسقطون أرضًا، ويحتاجون لأن يرفعهم أباهم في كل مرة يسقطون فيها. إن مغفرة الآب هي التي تجعلنا نقف على أقدامنا على الدوام: مغفرة الله، والاعتراف، إنها الخطوة الأولى في رحلة العودة.
أضاف الأب الأقدس يقول من ثمَّ نحتاج لأن نعود إلى يسوع، لأن نفعل مثل ذلك الأبرص الذي وإذ شُفي عاد لكي يشكره. لقد شُفي عشرة منهم، لكنه وحده قد خُلِّص، لأنه عاد إلى يسوع. جميعنا نعاني من أمراض روحية، ولا يمكننا أن نداويها بمفردنا؛ جميعنا لدينا رذائل متجذّرة، ووحدنا لا يمكننا اقتلاعها؛ لدينا جميعًا مخاوف تشلُّنا، ولا يمكننا التغلُّب عليها وحدنا. ولذلك نحتاج لأن نقتديَ بذلك الأبرص الذي عاد إلى يسوع وألقى بنفسه عند قدميه. نحن نحتاج إلى شفاء يسوع، ونحتاج لأن نضع جراحنا أمامه ونقول له: "يا يسوع، أنا هنا أمامك، بخطيئتي وبؤسي. أنت الطبيب، ويمكنك أن تحرّرني. اشفي قلبي".
تابع البابا فرنسيس يقول مرة أخرى، نحن مدعوون لكي نعود إلى الروح القدس. يذكرنا الرماد على الرأس بأننا تراب وأننا إلى التراب سنعود. ولكن على ترابنا هذا نفخ الله روح حياته. وبالتالي لا يمكننا أن نعيش في اتباع التراب، فيما نطارد أشياء موجودة اليوم وتختفي غدًا. لنعُد إلى الروح القدس، واهب الحياة، إلى النار التي تحيي رمادنا. لنعُد إلى الصلاة إلى الروح القدس، ولنكتشف نار التسبيح التي تحرق رماد التحسُّر والاستسلام.
أضاف الحبر الأعظم يقول أيها الإخوة والأخوات، إنَّ رحلة العودة هذه إلى الله ممكنة فقط لأن كان هناك رحلته التي حملته إلينا. فقبل أن نذهب إليه نزل إلينا. لقد سبقنا، وجاء للقائنا …
هذا المقال نشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد اضغط هنا.