غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يترأّس القدّاس الإلهيّ في بلدة البقيعة
هذا الخبر متوفّر أيضًا باللّغة العربيّة.
ترأّس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدّسة وسائر أعمال فلسطين والأردن صباح يوم السبت الموافق 13 تشرين الثّاني/ نوفمبر 2021 خدمة القدّاس الإلهيّ في كنيسة القدّيس جوارجيوس القديمة في بلدة البقيعة التابعة لمطرانيّة بتوليمائيذا-عكا خلال زيارته لأبناء الرعية الأورثوذكسيّة.
رافق صاحب الغبطة في هذه الزيارة وشاركه في خدمة القداس الإلهي سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم, الكاماراس قدس الأرشمندريت نيكتاريوس, قدس الأب يوحنا راعي كنيسة القديس جوارجيوس في البقيعة القديمة, قدس الاب نيكتاريوس راعي كنيسة القديس جوارجيوس الأخرى في البقيعة الجديدة, كهنة الرعايا الأورثوذكسية من البلدان المجاورة, المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماس المتوحد الأي إفلوغيوس. وقاد قدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في عكا جوقة الكنيسة التي رتلت الألحان البيزنطية باللّغة العربية.
خلال القدّاس الإلهيّ ألقى غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث كلمة روحيّة لأبناء الرعية:
كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الايكونوموس يوسف الهودلي
وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا (لو 8: 19-21)
أيها الأخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيون الأتقياء
إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في مدينتكم التاريخية القيعة لكي نتمم سر الشكر الإلهي المقدس ونمجد اسم الإله الواحد الثالوث القدوس مسبحين مع صاحب المزمور وقائلين بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطاني (مز115: 12) إذا أن شكري وعرفاني لك بما اسبغتهُ علي عظيم فلا أقوى أن أجِدُ كيف أكافئ الرب على إحسانه لي.
وربما يتساءل أحدٌ ما قائلاً ما هو هذا إحسان الرب العظيم؟ هي محبته للبشر أي محبته التي لا تُحد للإنسان. إن هذه المحبة الإلهية قد كَرزَ بها وعلّمها المسيح للجموع قائلاً” أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا (لو 8: 19-21).
وما هو كلمة الله؟ هو كَلِمَةِ حَقِّ الإِنْجِيلِ (كو 1: 5) وما هو حقِّ الإنجيلِ؟ هو النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. (يو 1: 9) والنور الحقيقي هو ربنا يسوع المسيح الذي قال: أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ (يوحنا 8: 12).
إن قول الرب هذا قد سَمِعَهُ وَعَمِلَ بهِ جميعُ قديسي الكنيسةِ الذين أصبحوا إخوة للمسيح كما يؤكد الكتاب المقدس لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، قَائِلًا: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». (عبرانيين 2: 11-12)
وبكلام آخر هناك ارتباط وثيق بين مخلصنا يسوع المسيح وأولئك الذين خلصوا من خلاله، وهذا لأن يسوع الذي يُقدِسُنا ويخلصنا نحن، المُقَدَسين والمُخَلصين، كلنا نأتي من أبٍ واحدٍ، الله خالقنا. لهذا السبب فإن المسيح لم يخجل أن يدعو الجمع إخوته قائلاً: سأبشر وأعترف باسمك لإخوتي وفي وسط الكنيسة أسبحك.
ومن الجدير بالذكر ههنا تفسير المفسرين، إذ يقول زيغافينوس: أن الله كمبدع وخالق هو أب مشتَركٌ للجميع “للناس وللمسيح”، وبالنسبة للمسيح بحسب طبيعته البشرية أي بحسب الجسد. وبقولهِ: لا يستحي أن يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً أظهر الاختلاف، إذ هو ليس أخٌ بحسب الطبيعة أي بحسب الجوهر بل بحسب محبته للبشر كما يقول فوتيوس العظيم. وأما ثيوفيلكتوس فيقول: لهذا السبب قال لا يستحي بهم يوضح أن كل هذا لم يكن راجع لسبب يخص طبيعتنا بل بسبب حنو ذلك “أي يسوع المسيح” الذي لا يستحي أن يدعوهم إخوةً.
أيها الإخوة الأحبة عند قول المسيح: أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا (لوقا 8: 21) ، ومن خلال هذا الكلام يستطيع الإنسان غير المؤمن أن يميز سر تجسد كلمة الله الذي لا يُدرك من دماء النقية الطاهرة والدة الإله الدائمة البتولية مريم، ونقول هذا سامعين لما يُعلم به القديس بولس الرسول قائلاً: وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ. (1تيم 3: 16)
حقاً عظيمٌ هو سر التقوى الذي هو سر تجسد وتأنس كلمة الله الذي ظهر في الجسد وهذه هي الصفة والمصطلح للديانة المسيحية بأن الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا (يوحنا 1: 14) وذلك بحسب الشهادة الصادقة للقديس الإنجيلي يوحنا اللاهوتي، ويفسر القديس يوحنا الذهبي الفم فيقول” أن الإنجيلي يوحنا قال أن الكلمة صار جسداً، حتى يسكت أفواه المبتدعين لأنه يوجد من يقول إن أفعال تدبيره كانت خيالاً وتوهماً، ليس مُريداً أن يبين أن جوهرهُ قد انتقل، لكنه قال مؤْثِراً أن يُبَيِّن أنه اتخذ جسداً حقيقياً.
وبكلام آخر إن الهدف الوحيد والفريد للديانة المسيحية هي اتحاد الإنسان بالله في شخص ربنا يسوع المسيح، إن هذا الاتحاد السري الذي نتذوقه مسبقاً عند مساهمتنا ومشاركتنا في الذبيحة غير الدموية والتي هي سر الشكر الإلهي.
لقد نجح في هذا الاتحاد مع الله القديسين الذين نكرمهم ونعيد لهم اليوم، القديسين الذين من الرسل السبعين: اسطاشيس وأبلّيس وأمبلياس وأوروبانوس وأرستوفولوس وناركسوس والشهيد القديس أبيماخوس. هؤلاء الذين أصبحوا إخوة للمسيح ليس فقط أنهم سمعوا بكلمة المسيح بل كرزوا بها أيضًا …
هذا الخبر نُشر على الموقع الرسمي لبطريركيّة الرّوم الأرثوذكس الأورشليميّة، لقراءة المزيد إضغط هنا.