قيادات عربيّة مسيحيّة تناشد من أجل السّلام والعدالة في الأرض المقدّسة
فيما يلي النصّ الكامل للنداء الذي وجهه كلّ من بطريرك القدس للّاتين سابقًا ميشيل صبّاح، ومطران القدس للكنيسة الأسقفيّة سابقًا رياح أبو العسل، ومطران القدس للكنيسة اللوثريّة سابقًا المطران منيب يونان، ودعوا فيه لإحلال السّلام والعدالة في الأرض المقدّسة.
"هَذِه أَرضٌ مُقَدَّسَةٌ" (خروج ٣: ٥). وما تحتاج إليه هو العدل، والعدل فقط.
نعمة ربنا يسوع المسيح وسلامه معكم. نحييكم من الأرض التي قدسها اللّه، من الأرض المقدسة، إسرائيل وفلسطين. الأرض المقدسة تحترق. إنها في حالة حرب، وهي في حاجة لأن تعاد إليها قداستها. آلام الناس فيها كثيرة، لأن العدل فيها غائب. اليوم، توجِّهُ أرضُ اللّه نداءها إلى جميع الكنائس، والحكومات، وجميع الناس ذوي الإرادة الصالحة، لكي يعملوا ويضعوا حدًّا لمأساتها. إنها أرض اللّه. إنها أرض مقدسة. فالجميع مسؤولون.
ونحن نوجِّهُ هذا النداء، عربًا فلسطينيّين مسيحيين، نعيش هنا منذ يوم العنصرة، ولأننا جزء لا يتجزأ من مجتمعنا.
قال القديس بولس: "صَالَحَنَا الله عَلَى يَدِ المـَسِيحِ، وَعَهِدَ إلَينَا فِي خِدمَةِ المـُصَالَحَةِ" (٢ قورنتس ٥: ١٨).
بهذه الروح نكتب، ونناشدكم أن تساهموا في صنع السّلام والمصالحة، وإعادة القداسة لأرض اللّه القدوس، مصالحة مبنية على مساواة الجميع في الكرامة والحقوق. فلا يبقى بعد الآن شعب ضد شعب، ولا يبقى شعب يظلم شعبًا آخر. لأن الجميع أبناء اللّه بالتساوي.
حوّلت جائحة الكورونا الأنظار عن قضايا العدل والسّلام، وتركز الانتباه على مسائل تهم الحياة والموت. نحن أيضًا نشارك الجميع في هذه الشدة، ونسأل اللّه أن يرحم الجميع، ويمنح الشفاء للجميع.
لكننا معنيون أيضًا بالمرض القديم الّذي أصاب أرضنا، وهو الصراع بين شعبي هذه الأرض، وقد مضى عليه الآن مائة سنة. إننا نحمل في أعماقنا معاناة أرضنا، والظلم المفروض على شعبنا. إلى أولئك الذين يعتقدون أن هذه الأرض هي أرض الفداء، نقول إنه قد حان الوقت للعمل ومساعدة كلا الشعبين على المصالحة، ليتم الفداء هنا أيضًا، ونتحرر من جميع أشكال الظلم والقهر والكراهية والموت.
الحل لهذا الصراع معروف ومحدد منذ سنوات عديدة، وصدرت فيه قرارات عديدة من هيئة الأمم المتحدة. وغالبية الدول تعترف بالفعل بكل من دولة إسرائيل ودولة فلسطين. ولهذا، نداؤنا هو ببساطة: رجاء، نفذوا ما تم الاعتراف به. ساعدوا إسرائيل لتحقق أمنها. وساعدوا فلسطين لتنال استقلالها. وساعدوا الدولتين على العيش جنبًا إلى جنب في السّلام والعدالة والمساواة والديمقراطية. اعملوا على ألّا يبقى بعد كراهية، ولا موت، بل عدل ومساواة وحياة فقط.
القدس هي مفتاح السّلام، ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل بين أتباع الديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. اليوم، القدس ليست مدينة سلام، بل مدينة صراع وخصام. ساعدوا القدس لتصبح مركز المصالحة والعدل والمساواة. وإذا حلَّ السّلام في القدس، حلَّ في العالم كلّه.
في وقت الشدة هذا، يجب على إسرائيل أن تنزع فتيل التوتر، بامتثالها لقرارات الأمم المتحدة. الاحتلال العسكري الإسرائيلي والاستيطان في فلسطين، هما السبب الأساس للصراع المستمر. بدون سلام عادل، سيستمر الإسرائيليون والفلسطينيون في تحمل الآلام وعواقب الصراع الّذي لا ينتهي.
أصدر بطاركة ورؤساء كنائس القدس بيانًا أوضحوا فيه رؤيتهم في المستقبل ووجهوا نداءهم إليكم، وناشدوكم أن ترفضوا خطط الضم الإسرائيلية المدمرة. ومسيحيو الأرض المقدسة، وجهوا نداء مماثلًا من خلال حركة كايروس. رجاء، استجيبوا لندائنا الموحد الصادر من الأرض المقدسة، وساعدوا الأرض على استعادة قداستها، وذلك بتطبيق القانون الدولي والاعتراف بالحقوق الأساسية لجميع مواطني هذه الأرض.
إننا نخشى بشكل خاص على مستقبل الفلسطينيين المسيحيين في الأرض المقدسة. فإن استمر هذا الصراع، ولم تظهر على الأفق بارقة أمل لتحقيق العدالة، سيستمر نزيف الهجرة أيضًا.
حان الوقت للعمل من أجل إطفاء الحرائق المدمرة في الأراضي المقدسة. الحل معروف. والسّلام العادل وحده هو الّذي سينهي الكراهية والقمع ومعاناة الكثيرين في هذه الأرض الّتي قدسها اللّه.
النعمة والسّلام من ربنا يسوع المسيح مع جميعكم.
المصدر: موقع أبونا
t.ly/Gu8E