الكنيسة في مواجهة فيروس كورونا
الأنبا باخوم يوجّه كلمة في يوم الصّلاة من أجل أن يرفع الربّ عن العالم وباء كوفيد-19
الآباء الوكلاء الأحباء، ابائي الكهنة، الرهبان والراهبات
وكل أبناء الايبارشية البطريركية الحبيبة،
سلام ومحبة في الرب القائم،
نجتمع اليوم تحت رعاية غبطة البطريرك الانبا إبراهيم اسحق، وبناء على توصية صاحب القداسة البابا فرنسيس، من اجل الصلاة كي يرفع الرب هذا الوباء عن العالم.
في انجيل اليوم يحدثنا يسوع عن ضرورة الصلاة، فهي ليست إتمام لوصية، او رغبة، بل أصبحت ضرورة لا بديل عنها، مثل ضرورة الطعام والشراب والتنفس من اجل الحياة. المسيح يجعل من الصلاة ضرورة. نجد هذه الأرملة والتي ليس لها من معين، تشعر بضرورة أن يمنحها القاضي العدالة وينصفها والا انتهى امرها. كم من مرات نجد انفسنا في هذا الواقع، امام صعوبات، الم، وباء، ما من احد قادر ان ينصفنا، الأمر يتخطى قدراتنا، ويفوق حدودنا، فاصبح ضروري الصلاة، لم تعد رفاهية، او إتمام فقط شريعه، او تلبية لرغبة دينية، بل ضرورة.
أرى امامي هذا المشهد: هذا الحمل الذي يجري ووراءه اسدا زائرا، لم يعد الجري هواية ولا رياضة، هو ضرورة والا التهمه الأسد. نعم أصبحت الصلاة ضرورة. فهناك اسد يلف ويدور حولنا من هو؟ ليس الوباء، فهناك اخطر من الوباء.
يواصل لوقا ويقول ضرورة الصلاة بلا ملل، بلا تعب. اصل الكلمة اليوناني لا يقصد بها التعب الجسدي او الملل الروحي بل، وكما يستخدمها القديس بولس في غلاطية ٦ الاية ٩، يعني السقوط في اليأس، في الحزن. لماذا يجب ان نصلي؟ كي لا نقع في الحزن، لكي لا نسقط في اليأس، الصلاة تنقذنا من هذا، ولذا أصبحت ضرورة. هذا هو الأسد، اليأس الذي يرغب ان يتملك قلوبنا، هذا الحزن الذي يرغب ان يسود علينا. لماذا نصلي اليوم، لماذا أصبحت ضرورة، لان الواقع اليومي محاط بموت وخوف ويدفعنا الى الحزن، الى ان نفقد رجاؤنا، ولذا نصلي. فالصلاة هي كسر لوحدتنا، لأفكارنا، هي الدخول في علاقة حيه، مع الرب، تشركنا فكره، وتغمرنا بروحه.
ولكن الله لا يستجيب بسرعة، وهذه حكمة، تأخير الرب، يقول اباء الكنيسة، هو حنان منه، هو رحمة منه. هي فرصة للتوبة، والتوبة تعني ميتانويا باليوناني أي ما بعد الفكر، ابعد مما نراه. نرى الان مرض، موت، وتاخير الرب يدفعنا ان نرى ابعد من ذلك، ان نرى فرصة، لإعادة ترتيب أولوياتنا، لإعادة ترتيب علاقاتنا. ـأخير الرب هو فرصة لكي ننضج في الايمان، ونذهب الى ابعد ما نراه، فنلاقيه، كما ذهب موسى الى ما وراء البرية المعتادة فراى الرب، راي العليقة المشتعلة. تأخير الرب هو فرصة لكي نتقابل معه، وهذا يبقى. ستزول كورونا، وسيأتي غيرها، بعد سنين اومئات السنين، هذا تاريخ البشرية، ولكن سيبقى ان في كل هذا يمكننا ان نجد الرب.
لذا ضروري ان نصلي اليوم لكي يرفع الرب وباء كورونا عن العالم، لكي يعزي أهالي الضحايا، ويرحم الموتى، ويساعد الجميع. نصلي احبائي كي يمنحنا الرب ان نرى ابعد مما نرى، ان نصلي، نعم نصلي اليوم كي نواصل الصلاة بلا تعب، ولكي يجدنا الرب كما استمعنا في الانجيل عند عودته مستعدين بشفاعة امنا العذراء مريم وجميع القديسين امين.
صلوا لأجلي
المصدر: صفحة “المتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكيو بمصر” على فيسبوك
t.ly/9oDI