الكنيسة في مواجهة فيروس كورونا

رسالة "تدابير راعوية وتوصيات عملية" من غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بخصوص احتفالات أحد الشعانين وأسبوع الآلام وعيد القيامة المجيدة 2020

321.PNG

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المبارَكين بالرب

اللائذين بالكرسي البطريركي الأنطاكي في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار

 

    نهديكم البركة الرسولية والمحبّة والدعاء والسلام بالرب يسوع، ملتمسين لكم فيض النِّعَم والبركات:

    نكتب إليكم في هذه الأيّام العصيبة التي يعاني فيها العالم بأسره من التفشّي الخطير لوباء كورونا، ما يستوجب التقيّد بالتعليمات والتوجيهات التي تضعها الحكومات والجهات المسؤولة في كلّ بلد بهدف الحدّ من انتشار هذا الوباء.

    إنّنا بدورنا نؤكّد عليكم أن تقوموا في أبرشياتكم ورعاياكم وإرسالياتكم بالتقيّد التامّ بهذه التوجيهات، وخاصّةً ملازمة المنازل، حفاظاً على سلامة الجميع وتجنُّب العدوى.

    ويهمّنا أن نذكّركم بالتعليمات الواردة في البيان الذي أصدرناه مع إخوتنا أصحاب القداسة والغبطة البطاركة ورؤساء الكنائس المسيحية في سوريا ولبنان في 21/3/2020، وهي تشمل أيضاً المؤمنين في كلّ البلدان، مع ضرورة الإلتزام بها، وقد تضمّنت: ضرورة التقيّد الكامل بالتعليمات الصحّية الرسمية، وتعليق المشاركة الجماعية في الخدمات والصلوات العامّة بما فيها القداديس في كلّ الكنائس، وإقامة الجنّازات في كنائس المدافن حصراً (إن وُجِدت) بحضور كاهن الرعية وذوي الفقيد دون تقبُّل التعازي، وإيقاف كافّة الاجتماعات والأنشطة من أمسيات ورحلات واحتفالات ومعارض ومسابقات وسواها، والابتعاد عن كلّ أنواع التجمّعات والتزام البقاء في المنازل، وذلك للوقاية من خطر الوباء، مكثّفين الصلوات حفاظاً على سلامتهم وذويهم.

    والآن نوجّه إليكم بعض التوصيات والتعليمات المتعلّقة بإقامة الاحتفالات والرتب الكنسية والقداديس في أحد الشعانين وأسبوع الآلام وعيد القيامة المجيدة لهذا العام 2020 في كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، راجين منكم أن تلتزموا بها:

    1- ضرورة الإكتفاء بإقامة هذه الصلوات والرتب والقداديس من قِبَل الإكليروس وبعض الشمامسة في كنائسهم دون مشاركة عامّة للمؤمنين، على أن يحافظ أعضاء الإكليروس خلال هذه الاحتفالات على مسافة آمنة بين بعضهم البعض، ولا يتبادلوا السلام باليد، ولا يقوموا بتقبيل الإنجيل المقدس أو الصليب أو الأيقونات، وأن يستعملوا بحذر الأواني والثياب والكتب والأدوات المشتركة، مع إجراء التعقيم اللازم عند الضرورة. أمّا المؤمنون فلا يحضرون، إنما يشاركون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

    ويهمّنا أن نعلمكم بأنّنا سنقيم في كنيسة الكرسي البطريركي في بيروت كلّ هذه الاحتفالات الكنسية وسواها من قداديس الآحاد والأعياد والأيّام العادية، طيلة هذه الفترة العصيبة، وسيتمّ بثّها مباشرةً عبر الصفحة الرسمية للبطريركية على موقع الفايسبوك، وهي تحت اسم: Syriac Catholic Patriarchate. وسيصدر عن أمانة سرّ البطريركية جدول يتضمّن تفاصيل مواعيد هذه الاحتفالات الليتورجية، فيمكن توجيه المؤمنين للمشاركة عبر حضور هذه المناسبات، خاصّةً في الرعايا حيث تتعذّر إقامة الإحتفالات.

    2- أحد الشعانين: إقامة القداس الإلهي ورتبة تبريك الأغصان، من دون الزيّاح داخل الكنيسة أو خارجها، على أن يتمّ تزيين الكنيسة بأغصان الزيتون وسعف النخل حسب العادة والإمكانية، مع توجيه المؤمنين إلى المشاركة روحياً بإضاءة شمعة في منازلهم، رمزاً للإشتراك في استقبال المسيح الملك في دخوله إلى أورشليم.

    3- رتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء): إقامة الرتبة كاملةً كالمعتاد، ويمكن القيام بقسم منها أمام الباب الخارجي للكنيسة حسب الطقس الكنسي، أو الإكتفاء بإتمامها داخل الكنيسة حسب الوضع المحلّي.

    4- صلوات أيّام الإثنين والثلاثاء والأربعاء من أسبوع الآلام: تقام الصلوات المعتادة في كلّ كنيسة بحسب العادة المتَّبعة، من قداديس أو رتبة درب الصليب أو سواها من الصلوات.

    5- خميس الأسرار: الاحتفال بقداس خميس الفصح، من دون رتبة غسل الأقدام، إنّما الإكتفاء بانتقاء صلوات مختارة من هذه الرتبة تتمّ تلاوتها خلال القداس. وبعد القداس، يمنح المحتفل البركة بالقربان المقدس. وبطبيعة الحال تُلغى زيارة السبع كنائس المعروفة في تقاليد بعض بلداننا، مع توجيه المؤمنين إلى المشاركة روحياً بالسجود وإضاءة شمعة في منازلهم، رمزاً لحضور المسيح في سرّ القربان وسط العائلة.

    6- الجمعة العظيمة: إقامة رتبة السجدة للصليب كاملةً بما فيها من أناشيد وقراءات، ثمّ يتبارك الحاضرون من الإكليروس والشمامسة وخدّام المذبح من نعش المسيح المزيَّن بالورود حسب الإمكان. وبعدئذٍ إتمام رتبة دفن المصلوب تحت المذبح كما جرت العادة في تقليدنا السرياني، إنّما من دون زيّاح داخل الكنيسة أو خارجها، على أن تتّشح الكنيسة بحلّة الحزن، ولا سيّما رفع الصليب على الجلجلة حسب العادة المتَّبعة، مع توجيه المؤمنين إلى المشاركة روحياً بوضع الصليب وأمامه شمعة مضاءة في منازلهم، رمزاً للسجود للرب يسوع المعلَّق على خشبة الصليب.

    7- سبت النور: إقامة القداس الإلهي مع رتبة المسامحة.

    8- عيد القيامة المجيدة: إلغاء قداس منتصف الليل أو فجر العيد، والإكتفاء بإقامة القداس الإلهي الإحتفالي نهاراً كما في أيّام الآحاد والأعياد. وخلال هذا القداس تقام رتبة السلام، من دون زيّاح داخل الكنيسة أو خارجها، مع توجيه المؤمنين إلى المشاركة روحياً بقراءة نص إنجيل القيامة، وبإضاءة شمعة في منازلهم، رمزاً للمسيح القائم من الموت.

    9- إثنين القيامة والأسبوع التالي والأحد الجديد: الإكتفاء بإقامة القداس الإلهي كما في أيّام الآحاد والأعياد.

    

    كما نوصي بإلغاء تبادُل التهاني بعيد القيامة المجيدة، والإكتفاء بتحيّة "المسيح قام، حقاً قام" عبر الإتّصال بالهاتف أو المراسلة أو بطرق التواصل الاجتماعي المتاحة.

    ونذكّر أعزّاءنا المؤمنين بأهمّية الصلاة الشخصية والعائلية في هذه الظروف التي نعيشها، بعدما أُرغِموا قسراً على عدم المشاركة الشخصية في الاحتفالات الكنسية، على مثال صلاة الكنيسة الأولى، إذ كان المؤمنون يجتمعون في البيوت حيث "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والمشاركة وكسر الخبز والصلوات" (أع 2: 42). وهكذا يحيون إيمانهم ويفعّلونه بالمحبّة المتبادلة والمشاركة الروحية، ليعيشوا جوهر سرّ آلام الربّ يسوع وموته وقيامته لخلاص جنسنا البشري.

    نضرع إلى الربّ الإله القدير أن يزيل هذه النكبة المخيفة عن الكنيسة ومجتمعاتنا وبلداننا والعالم، فيشفي المصابين بوباء كورونا، ويرحم الذين رقدوا من جرائه، ويحمي البشرية من تفشّي هذا الوباء الخطير، ويحدّ من انتشاره، ويعضد الأطبّاء والممرّضين والممرّضات ومساعديهم في عملهم لمجابهته، ويلهم الباحثين والعلماء لإيجاد الدواء الشافي واللقاح الناجع.

    وإنّنا نجدّد رجاءنا بالرب يسوع القائم من بين الأموات الذي وعدنا بالنصر والغلبة على الشرير، واثقين بأنّنا "إذا شاركناه في آلامه، نشاركه في مجده أيضاً" (رو 8: 17). فلنطرح عنّا كلّ خوف، ولنسلِّم ذواتنا بين يدَي الرب، بروح التقوى والصبر والإحتمال. فنحن "نفتخر أيضاً في الضيقات، عالمين أنّ الضيق ينشئ صبراً، والصبر تزكيةً، والتزكية رجاءً، والرجاء لا يخزي، لأنّ محبّة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا" (رو 5: 3-5).

    ولتشملكم جميعاً بركة الثالوث الأقدس: الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد. والنعمة معكم.

    "المسيح قام، حقاً قام".

 

    اغناطيوس يوسف الثالث يونان

    بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي

المصدر: بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

https://bit.ly/2R3QJYZ

Previous
Previous

الكنيسة في مواجهة فيروس كورونا

Next
Next

الكنيسة في مواجهة كورونا