رسالة رعوية بمناسبة حلول الصوم الكبير 2020: ليكن صومنا هذا العام عن الكذب
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
أخواتي إخوتي، سلام الرب يسوع عليكم ومعكم.
الصوم زمن ينكبُّ فيه المؤمن على التأمل، ومراجعة الذات، ليصحح ما يلزم اصلاحُه في سلوكِه، ويتصالح معها ويروِّضها على الخير، والصلاة والصدقة، فيغدوَ سيّد عقله وصاحب ضمير حيّ، عندها فقط يقدر أن يتصالح مع الآخرين الذين هم أساسيون في الحياة. لاهوت الصوم وروحانيّته مسيرة فصحية الى القيامة، الى حياة جديدة (رسالة البابا فرنسيس لصوم 2020).
هذا العام أدعوكم الى الصوم عن الكذب وشهادة الزور. أدعوكم الى المحافظة على قيمة الكلمة والحقيقة، ان ما ليس مبنيّاً على الحق فهو مبنيُّ على الرمل! أي ان لا أساس صلب له، فلابد من ان ينكشف.
لا تكذب، هذه وصية إلهية. من المؤسف ان آفةَ الكذب منتشرة في مجتمعاتنا الشرقية أكثر من غيرها، لربما يعود السبب الى المجتمع الذي نعيش فيه والظروف والفراغ، والحالات النفسية التي أفرزتها، وغياب مراجعة الضمير، وسهولة الوصول الى وسائل التواصل الاجتماعي التي غزت مجتمعاتنا مما يُتيح للعديدين نقل معلومات من دون التدقيق في صحتها وفائدتها وما تسببه من اثارة وتشويش وتشهير! الكذب بكلِّ أشكاله خطيئة جسيمة. الكذب كلام باطل يفتقر الى الحقيقة. الكذب يخلق التعصب والزعل والكراهية ويخرب العلاقة والثقة!
ليكن صيامنا هذا العام عن الكذب، ولتُعبِّر كلماتنا عن الحقيقة، وليكن نقدنا أكاديمياً – موضوعيّاً، وبَنّاءً وليس افتراءات. الإصلاح يُبنى على الحقيقة الموضوعية، وليس على الإدّعاءات الباطلة.
الكلمةُ الصادقة مُقدَّسةٌ، وأوَّلُ ما تُعبّر عنه هو المتكلم نفسه! من كلام الشخص نكتشف انه صادق أو كذاب! والكلمة الأولى هي الحب – المحبة كما يؤكد مار بولس في رسائله، والكلمة صار جسداً وحلّ فينا (يوحنا 1/ 14). الى هذه الكلمة نحتاج اليوم، لنتخطى الحواجز ونُقيم علاقة محبة وثقة. الكذب والتشهير بالناس على صفحات التواصل الاجتماعي، ظاهرة غريبة عن قيَمنا واخلاقنا المسيحية، فلنتخلَّى عنها ولنكن مِمَّن يعملون لا مِمَّن يثرثرون.
ثمة من يحاول أن تستسلم الكنيسة لادعاءاته، لكنه ينسى ان الكنيسة بناها المسيح وهو يصونها، ويسندها “الروح القدس”. وكما وعد المسيح ان: “أبواب الجحيم لن تقوَى عليها” (متى 16/ 18). هذا كان ايمان ابائنا في وقت الاضهادات والأزمات، وهذا هو ايماننا اليوم، وبكل ثقة.