رسالة عيد الميلاد 2020 لقداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني
بنعمة الله
إغناطيـوس أفـرام الثـاني
بطـريـرك أنطاكيــة وسائــر المشــرق
الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع
أبناءنا الروحيين الأعزاء في جميع أنحاء العالم
حفظتهم العناية الربانية
أمور عظيمة مذكورة في الكتب عن هذا الطفل الذي ولدته البتول كما هو مكتوب،
هو عمانوئيل إلهنا معنا، ويُدعى أيضًا الله جبّار العوالم. (مار يعقوب السروجي)
في غمرة الصعوبات التي نعيشها هذا العام، يطلّ علينا عيد ميلاد السيّد المسيح ليذكّرنا أنّ الله حاضر معنا وبيننا، يحقّق لنا الخلاص الذي من أجله تجسّد لكي يهبنا إيّاه. فقد اتّخذ الله طبيعتنا البشريّة وصار إنسانًا ليخلّصنا ويجدّد طبعنا ويرفعنا إلى منزلة البنين ويهبنا حياةً أبديّة.
في غمرة الصعوبات التي نعيشها هذا العام، يطلّ علينا عيد ميلاد السيّد المسيح ليذكّرنا أنّ الله حاضر معنا وبيننا، يحقّق لنا الخلاص الذي من أجله تجسّد لكي يهبنا إيّاه. فقد اتّخذ الله طبيعتنا البشريّة وصار إنسانًا ليخلّصنا ويجدّد طبعنا ويرفعنا إلى منزلة البنين ويهبنا حياةً أبديّة.
يحتاج الإنسان على الدوام إلى أن يشعر بقرب الله منه، فيلتجئ إليه كلّما واجهته الصعوبات أو حلّت به الكوارث أو شعر أنّه بائس ولا يقوى على شيء لوحده. فمع الله، يشعر الإنسان بالسلام والأمان والقوّة والثقة لأن ما من شيء غير مستطاع عند الله؛ فها العاقر (إليصابات) قد ولدت بالأمس طفلاً يُعلن حنان الله، وها العذراء البتول (مريم) ولدت اليوم المخلّص وأختام بتوليّتها قائمة، والله جبّار العالم وضابطه شاء أن يُضبَط في حشاها ويولد منها بالجسد، وذلك مستطاع عنده. بهذا الإيمان أيضًا، تثبُت الكنيسة – شعب الله - وتتشدّد وتتشجّع لأنّ الله في وسطها فلن تتزعزع. وعيد الميلاد يذكّرنا أنّ "الله صار إنسانًا وحلّ فينا" وهو "عمانوئيل أي الله معنا" (إش 7: 14). الله الذي رافق شعبه قديمًا في خيمة الاجتماع، شاء فأرسل ابنه فتأنّس وصار معنا. ففي مغارة متواضعة في بيت لحم، وُلِد لنا المخلّص عندما تمّ ملء الزمان وتبدّدت مخاوف الإنسان واطمأنّ لسماع كلام الملاك الذي أعلن للرعاة بُشرى ميلاد الربّ قائلاً: "لا تخافوا! فها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنّه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الربّ" (لو 2: 10-11).
واليوم، كأيّ يومٍ خلا ولربّما أكثر، يحتاج الإنسان إلى أن يشعر بأنّ الله ليس بعيدًا عنه. فالبشريّة جمعاء تواجه اليوم تحدّيات كثيرة كجائحة كورونا التي انتشرت في كلّ أصقاع الأرض وتسبّبت بانهيارات اقتصادية في بلدان العالم كافة، بالإضافة إلى الأزمات المتنوّعة التي ألمّت ببلادنا المشرقية من كلّ حدبٍ وصوبٍ فأرزحتها تحت نيرها وأنهكتها، والقلق يملأ حياتنا بسبب الحالة التي وصلت إليها بشرّيتنا بإرادة وبغير إرادة، ونرى ذلك نتيجةً لاستمرار الكثيرين في رفض عمانوئيل والتمرّد عليه. لذلك، نحثّ كلّ إنسانٍ، وبخاصّةٍ أصحاب القرار وذوي السلطة والنفوذ، على العودة إلى الله والعمل معًا لتحقيق السلام والاستقرار والعدل. بَيد أنّنا في الوقت عينه، ننظر إلى واحة الأمل في وسط المحن ففي الميلاد أبصرنا نورًا عظيمًا يُشرق في الظلمة، نور الخلاص والرجاء الذي يحدونا بأنّ المصائب لا بدّ أن تنتهي وتزول لأنّ الله معنا، يسند ضعفنا، يشدّد عزيمتنا، يعضد شقاءنا، يغني فقرنا، يشفي أسقامنا، يداوي جراحاتنا، يواسينا ويتحنّن علينا ويرحمنا. وما أعظم هذه الثقة التي ينالها المتّكلون على الله فتتحوّل أحزانهم وآلامهم فرحًا لأنّهم يعلمون أنّهم ليسوا وحيدين فينظرون إلى الحياة بنظرة متجدّدة تزيل بؤس العالم فيصير عالمًا منيرًا مليئًا بالرجاء، وينقلون هذا الرجاء والفرح إلى كلّ الناس، مرنّمين مع الملائكة: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر" (لو 2: 14).
أيّها الأحبّاء، نتقدّم منكم بمناسبة عيدَي الميلاد المجيد ورأس السنة المباركة بأسمى التهاني ونسأل الله أن يكون العام الجديد 2021 عامًا مباركًا مليئًا بالفرح والرجاء وأن يُنعِم الربّ الإله علينا جميعًا بالأمن والطمأنينة والصحة والنجاح. وكلّ عام وأنتم بخير
المصدر: https://bit.ly/3hrUIL5