يحدث الآن في ارض الكنانة، في مصر

البروفسور د. ميشال عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

يحدث الآن في ارض الكنانة ان قوماً مؤمنون يصلّون من اجل وحدتهم، وحدة أمتهم، وسلامة وطنهم، ومستقبل أبنائهم،

في ارض مصر الحبيبة، يجتمع المسيحيون، ومعهم شركاؤهم في الوطن، من اجل ان يحيوا وحدتهم الايمانية من ضمن وحدة الوطن،

في ارض الكنانة، الوطن الذي احتضن لجوء العائلة المقدسة، ناس مؤمنون يمارسون معتقدهم الديني وقيمهم الاجتماعية بصدق وورع ومحبة،

ثمانية أيام امضيتها في مصر، مع الناس الطيبين الشديدي الايمان بربهم وببعضهم البعض، من ضمن مشاركة الأمانة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط في أسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين،

هم لا يصلون للوحدة، هم يصلون من ضمن الوحدة، لأني وجدت في مصر ناساً موحدون في الروحية الايمانية والوطنية،

قيادتهم الدينية معنية بإيمانهم بالله والوطن، ومواقفهم ضمانة للانتماء الوطني كما هي ضمانة للإيمان بالرب الذي ينعكس سلوكا اجتماعيا حميداً،

كذلك، قيادتهم الوطنية معنية بمعتقدات مكونات الامة، تصونها باحترام وحرية تامتين،

المسار الذي يسلكه العمل على قانون الأحوال الشخصية يؤشر الى قيادات دينية ووطنية واعية تماما لمصالح الناس ومستقبل أجيال الامة، تعمل في شراكة تامة وتعي جيدا الأولويات،

بُعد النظر من سمات هذه القيادات،

لها منا كل تقدير ومحبة،  

ثمانية أيام كانت فيها لقاءات تفرح القلب وتشرح الصدر اذ وجدت مجتمعا سوياً مكوناً من قوم سويين،

في ارض الكنانة وجدت انه، رغم الحداثة التي تجتاح العالم، هناك حضارة ما زالت محافظة على اصالتها،

شعب هذه الحضارة ما زال محافظا على عفوية لا تناقض المنطق، ويمارس عطاء لا حدود له،

ذاكرته التاريخية والجماعية قوية، لا تزعزعها الاحداث الجارية، وهي جزء من قيمهم وسلوكهم الاجتماعي،

لجوء العائلة المقدسة الى مصر جزء أساس من ذاكرتهم التاريخية، وهم يعيشونها بكل فئاتهم، بكل جوارحهم،

العائلة المقدسة تحوز على مكانة عالية، ليس فقط في الذاكرة الجماعية، انما في الحياة اليومية ايضاً، اذ يقصد امكنة اللجوء جميع اهل مصر، وهم جميعا يرشدون الزائرين اليها، فخورين بها،

في ارض الكنانة حظي مجلس كنائس الشرق الأوسط على حفاوة وتكريم فائقين، كمؤشر للانفتاح والمحبة الذين يتميز بهما هذا الشعب ذو التراث العظيم،

معطاؤون هم اهل مصر، اذ حظي المجلس من قياداتهم الكنسية العليا أكثر من المتوقع، اكثر مما طلب،

ولن نسميهم تفاديا لجرح تواضعهم،

العطاء يؤشر الى موقع المجلس في قلوب ووجدان المصريين وقيادات كنائسهم، كما ان الطلب قد اشّر الى موقع مصر في وجدان المجلس وتطلعاته، 

حضور المجلس الرسمي والدائم في مصر ضرورة وواجب، بقدر ما هو تشوق للاشتراك مع أهلها في مُعاشهم اليومي،

هو توق لان تكون العائلة المسكونية في منطقتنا جزء من الحياة المصرية العامة، جزءا من تفاعل اهل مصر مع بعضهم البعض ومع العالم،

ما يحدث اليوم في مصر هو جزء من مسار سوف يسجله التاريخ بحروف من نور الهي،

ما يحدث في ارض الكنانة جدير ان تتمثل به شعوب قد ضلت طريق الصواب.

انني، اذ انهي افتتاحية هذا العدد من نشرة مجلس كنائس الشرق الأوسط الأسبوعية، مومنتم، اعبر عن شكري وامتناني لكل من ساهم في جعل هذه الزيارة على مستوى عال من الأداء والفعالية،

والاشتراك في أسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنيسة قد أصبح مسارا يتكرر سنة بعد سنة، كما ان زيارات العمل الى مصر سوف تكون لعدة مرات في السنة، ووفق متطلبات العمل،

زيارة مصر شوق بقدر ما هي واجب، بل قل هو واجب شيق، يحمل الكثير من الوعود التي لا بد ان تتحقق بإرادة وتضافر جهود المؤمنين، والخيرين، والطيبين،

ويد الله مع الجماعة، وهو ولي التوفيق.

Next
Next

وحدة الكنيسة بين الواقع والمرتجى