أسبوع الصلاة والتوق نحو الوحدة
البروفسور د. ميشال عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
في بدايات كل سنة، يجتمع المسيحيون للصلاة معا، خلال أسبوع، اصطلحوا على تسميتِه أسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين، وقد دخل هذا الأسبوع، الذي ما برح يتكرر منذ أكثر من قرن، ثقافة الحياة المسيحية والعلاقة بين المسيحيين.
الذي يراقب سير الأمور، يوقن ان أسبوع الصلاة قد توسع ليطال شرائح إضافية من الكنائس ومن المؤمنين حول العالم، في مؤشر واضح لتوق المسيحيين الى ان يكونوا واحدا في المسيح، كما اوصانا خلال وجوده بيننا على الأرض.
ليس من السهل تخطي الانقسامات التي عاشتها المسيحية منذ زمن طويل، والتي استمرت لحقبات طويلة من الزمن، ورسمت شروخا بين أبناء الايمان الواحد، رغم صمود العديد من مكونات العقيدة المسيحية في وحدتها.
ان نصلي معا، ان نعبّر معا عما تختلج به نفوسُنا من ايمان وقيم ومشاعر وتطلعات، لهو امر رائع، ولكن ما يوازيه في الأهمية هو تصاعد العمل المسيحي المشترك، أي المسكوني، عبر نشوء مجالس الكنائس حول العالم، مجالس وطنية وإقليمية، وعبر الحوار الذي يجري بين الكنائس الأعضاء والذي تسير به هذه المجالس مع العالم الكاثوليكي، علما ان الكنائس الكاثوليكية هي عضو في العديد من مجالس الكنائس في العالم.
ان ازدياد المساحات المشتركة بين كنائس ومذاهب كانت متباعدة تاريخيا، لدرجة العداء، لهو دليل على مستوى النضوح الوحدوي الذي يطال العالم المسيحي، كجزء من مسار القياديين الفاعلين في مجال الوحدة المسيحية. ليس صدفة ان يكون هذا التوجه قد حصل بالتوازي مع تصاعد تيارات الحرية وحقوق الانسان وقبول الاختلاف، واعتبارِها نعمة وليست نقمة. لقد غيرت هذه الاتجاهات الثقافية القيمية وجه العالم وانعكست بشكل ملموس على المسيحية على الصعيد العالمي. من شأن هذا التقدم ان يقلص مساحات التكفير وخطاب الكراهية الذَين يهددان الإنسانية برمتها، والا فإنها تصبح تحت تهديد العودة الى عصر الظلمات.
ان يصلي المؤمنون معا، ان يخاطبوا الرب بصوت واحد، بنصوص وترانيم متعددة تعدد الحضارات والثقافات التي اعتنقت العقيدة الخلاصية، هو أرقي ما يمكننا القيامَ به من اجل ان نبِر بوصايا السيد الذي تجسد من اجلنا.
ان يستمر هذا التقليد لأكثر من قرن من الزمن، وان يصبح جزءا من حياتنا اليومية، وان يتوسع ليشمل العالم كله، هو دليل توق جماعي نحو الوحدة، يتجسد بشتى التجليات.
اختم كلمتي في بداية أسبوع الصلاة ان أقول لكم "الى سنينَ عديدة في وحدة البيعة".