الشعب الأرمني يحيي الذكرى الـ109 للإبادة الأرمنيّة
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس: لو جرت محاسبة مرتكبي المجازر بالشكل المناسب لما تكرّر ذلك في أمكنة أخرى من العالم
مجلس كنائس الشرق الأوسط
في الذكرى الـ109 للإبادة الأرمنيّة، ما زال الشعب الأرمني ينتظر العدالة مجاهدًا من أجل إحقاق الحقّ وإحياء هذه الذكرى الّتي شكّلت نقطة مفصليّة في تاريخه. 24 نيسان/ أبريل تاريخ لن ينساه الأرمنيّون... تاريخ يشهد على مذابح ارتكبت بحقّ شعب لطالما ناضل من أجل الحفاظ على وجوده. صحيح أنّ الأرمنيّون ما زالوا يعيشون حزن ووجع كبيرين الّا أنّهم يستمدّون قوّتهم وعزيمتهم على الصمود في إيمانهم بيسوع المسيح المانح العالم الرحمة العظمى.
تخليدًا لهذه الذكرى الأليمة، وضمن فعاليّات السنة الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، وتحت رعاية غبطة البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة، عقد مجلس كنائس الشرق الأأوسط محاضرة بعنوان "من أجل إبقاء الذاكرة حية"، حول الإبادة الأرمنيّة، يوم الاثنين 22 نيسان/ أبريل 2024، في مسرح بطريركيّة الأرمن الكاثوليك في الجعيتاوي، لبنان.
ألقى المحاضرة الّتي تلاها كلمة لغبطة البطريرك ميناسيان، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي قدّم لمحة تاريخيّة وجيوسياسيّة عن الحقبة الّتي وقعت فيها الإبادة الأرمنيّة، إضافةً إلى وقائع هذه الجرائم وتداعياتها.
الّا أنّ د. عبس لم يقتصر فقط في عرض دراسته ولكنّه قدّم أيضًا خلاصات قد تقتح آفاق جديد وتطلّعات مستقبليّة بشأن القضيّة الأرمنيّة وكلّ المجازر الّتي ارتُكبت. في هذا الإطار، يتساءل د. عبس "الحياة سير وعبر! ما العبر من سيرة إبادة الأرمن وجيرانهم من الأناضول إلى اورميا؟"، فيشير إلى أنّ "الكلمة السحريّة هي المساءلة! في حالتنا هذه تسمّى أيضًا: الإفلات من العقاب".
في هذا السياق، يلفت د. عبس إلى أنّه "لو جرت محاسبة مرتكبي المجازر بالشكل المناسب لما تكرّر ذلك في أمكنة أخرى من العالم، وآخرها غزّة. تكون المحاسبة معنويّة وماديّة على حدّ سواء، وينتج عنها دروس للبشريّة جمعاء. كلّ مخلوق مسؤول عمّا اقترفت يداه – هذه هي القاعدة الأساسيّة الّتي تمنع تحوّل الكون إلى غابة لا رقيب فيها ولا حسيب، وهذه حال المعمورة اليوم. لا بدّ من ترافق ذلك مع كلّ أشكال برامج التوعية على الإنفتاح والحوار، ولكن ذلك لا يمنع طاغية متغطرس وارعن أن يجر شعبه وشعوب أخرى إلى الهلاك. المشكلة في البشريّة اليوم أنّ القوي هو الظالم وليس الّذي يحمي العدل ويؤمن السلام".
كما يذكّر د. عبس أنّه "لن نعلم الأرمن والشعوب المذبوحة ما يعلمون، وتصاعد أعداد المعترفين بالإبادة، من دول ومؤسّسات وشخصيّات الدليل على ذلك". ويتابع "لكن، ومن باب الحرص على حقوق هذه الشعوب، لا بدّ من التأكيد على الأمور التالية: متابعة المناصرة والضغط عالميًّا من أجل تامين اعتراف ساحق بالإبادة؛ حثّ جميع الفئات الّتي تعرّضت للإبادة على إنشاء مؤسّسات دوليّة تطالب بحقوقها؛ ضمّ جميع هذه المؤسّسات في كونسورتيوم دولي يعمل على الإعتراف واسترداد الحقّ؛ توثيق الحقوق المهدورة، من الإغتيال والتعذيب، إلى مصادرة الملكيّات، قدر المستطاع من أجل استعمالها في دعاوى دوليّة، علمًا أنّ لا مرور زمن على هكذا أفعال؛ وإرساء كافّة أنواع المناسبات من أجل الإضاءة على ظاهرة الإبادة ومشتقّاتها".
من هنا، وانطلاقًا من هذه المحاضرة، تساؤلات عدّة تراود المواطنين وعلى رأسها: إلى متى يبقى المجرم حرًّا طليقًا في الشّوارع؟ وهل من جهود وخطط دوليّة تنفّذ من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان وصون كرامته؟