اليوم العالمي للصلاة
"أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ... بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ،
وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ" (أفسس 4: 1-7)
ترى، إلى مذا يرمز هذا اليوم؟
خاصّ مجلس كنائس الشرق الأوسط
مصدر الصور: موقع "اليوم العالمي للصلاة"
من مختلف دول العالم والشرق الأوسط، يجتمعن معًا بقلب واحد وروح منسحقة في وحدة صلاة تربطهنّ تحت راية الكنيسة الّتي منها يستمدن الرجاء السماويّ بيسوع المسيح وفيها يشعرن بآمان يفتقدن إليه في المجتمع الخارجي. هنّ سيّدات من ثقافات وتقاليد متنوّعة قرّرن الإحتفال مع بعضهنّ بـ"اليوم العالمي للصلاة" في الأوّل من شهر آذار/ مارس من كلّ سنة. محطّة مسكونيّة تؤكّد على العلاقات الأخويّة الّتي تبني الجسور في ما بينهنّ، وتشدّد على دعمهنّ لبعضهنّ وسط كلّ متاعب الحياة.
لكن كيف بدأ يوم الصلاة؟ وإلى مذا يرمز؟
إنطلاقة "اليوم العالمي للصلاة"
في الواقع، بدأ "اليوم العالمي للصلاة" في القرن التاسع عشر حينما بدأت سيّدات مسيحيّات في الولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا بتنفيذ أنشطة مختلف بغية تحفيز المرأة على المشاركة في العمل الإرسالي. وعقب محطّات تاريخيّة عدّة مرّت بها الجماعات الإرساليّة النسائيّة وبعد الدمار الّذي نجم عن الحرب العالميّة الأولى، اقتنعن السيّدات بأنّ السلام العالمي يتعلّق بشكل كبير بالإرساليّة العالميّة، وهذا ما شجعهنّ على تعزيز جهودهنّ من أجل الوحدة.
لذا، تمّ إنشاء يوم صلاة موحّد من أجل الإرساليّة حيث احتُفل به للمرّة الأولى في 20 شباط/ فبراير 1920، لينتشر بسرعة في الولايات المتّحدة الأميركيّة. في هذا الإطار، وفي النصف الثاني من العام 1926، عزمت سيّدات من أميركا الشماليّة على توزيع كتيّبات خدمة الصلاة إلى أكبر عدد ممكن من الدول والشركاء في الإرساليّة. أمّا في بداية العام 1927، فكانت الدعوة إلى الصلاة تحمل عنون "اليوم العالمي للصلاة من أجل الإرساليّات"، ليُصبح "اليوم العالمي للصلاة" في العام 1928. وفي السنة نفسها، أصدرت لجنة "اليوم العالمي للصلاة" بيانًا جاء فيه:
"مع امتناننا العميق، إنّنا نلاحظ القوة المُتنامية والكامِنة في "يومنا العالمي للصلاة". لقد حدث توسّع كبير في شركة الصلاة هذه خلال العام الفائت. لقد توسّعت دائرة الصلاة حَرفيًّا حول العالم. ولقد تعلّمنا درسًا عظيمًا مِن الصلاة مع أخواتنا مِن أعراقٍ وبلدانٍ أخرى، بدلًا مِن الصلاة مِن أجلهنّ، وبالتّالي إثراء تجربتنا، وتحرير السلطة الّتي يجب أن تكون لنا، إذا أردنا إنجاز المهام الموكّلة إلينا".
إذًا منذ العام 1927 حتّى اليوم، يجتمعن السيّدات من دول مختلفة للصلاة معًا في الأوّل من آذار/ مارس من كلّ سنة. وفي العام 1930، قامت "هيلين كيم"، من كوريا وكأوّل امرأة من خارج الولايات المتّحدة الأميركيّة، بكتابة برنامج الصلاة لـ"يوم الصلاة العالمي".
وتجدر الإشارة إلى أنّ يوم الصلاة هذا يتّخذ شعارًا تمّ تطويره من قبل سيّدات من إيرلندا، حيث تمّ اعتماده رسميًّا كشعار دوليّ في العام 1982. علمًا أنّ تصميم الشعار يتكوّن من سِهام متقاربة من النقاط الأربع للبوصلة، حيث يتكوّن أيضًا من أشخاص راكعين في حالة صلاة، ودائرة تمثّل العالم والوحدة من خلال التنوّع.
شعار يوم الصلاة 2024
كما جرت العادة سنويًّا للصلاة على نيّة إحدى الدول، رُفعت الصلوات هذه السنة من أجل فلسطين الّتي تعاني من ويلات الحرب، حيث اتُّخذ شعار "أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ... بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ" إنطلاقًا من رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 1-7.
من هنا، تولّت لجنة "اليوم العالمي للصلاة" في فلسطين كتابة نصّ خدمة الصلاة لهذه السنة الّتي تحمل دعوة السيّدات للما من أجل السلام والعدالة وحريّة الدين، إضافةً إلى التضامن مع السيّدات واللّاجئين وكلّ الّذين يعانون من صعوبات وأمراض وتحدّيات جمّة. هذا وتدعونا الصلاة هذه السنة إلى الإعتراف بدورنا الجماعي في العمل على الحدّ من أزمة المناخ الّتي تتفاقم بشكل كبير.
إلى ذلك، تضيء خدمة الصلاة لهذه السنة على تجارب السيّدات الفلسطينيّات من ثلاثة أجيال مختلفة وذلك عبر قصص ثلاث سيّدات مسيحيّات فلسطينيّات. لذا تمّ اختيار شجرة الزيتون كرمز للصلاة حيث تمثّل في جذعها وأغصانها وأوراقها هذه الأجيال الثلاثة.
لكن كيف وصلت حركة "اليوم العالمي للصلاة " إلى فلسطين؟
يوم الصلاة في فلسطين
في الحقيقة، بدأت فلسطين الإحتفال بـ"يوم الصلاة" في الخمسينات مع مجموعة من السيّدات من مختلف الطوائف، حيث كانت من بينهنّ السيّدة عايدة حدّاد وهي زوجة سيادة المطران داود حدّاد، أوّل مطران للكنيسة اللّوثريّة المحليّة. بدأت السيّدة عايدة بالمشاركة في الصلاة كقارئة شابّة في خدمات الصلاة لتصبح بعدها منسّقة "اليوم العالمي للصلاة". أمّا في العام 1993، فكانت السيّدة عايدة أوّل امرأة فلسطينيّة يتمّ انتخابها للعمل في اللّجنة التنفيذيّة لليوم العالمي للصلاة.
في العام 1994، تمّ اختيار فلسطين لكتابة نصّ خدمة الصلاة تحت شعار "تعالوا وانظروا واعملوا". علمًا أنّ مشاركة فلسطين في حركة "اليوم العالمي للصلاة" أتاحت للمرأة الفلسطينيّة بناء الجسور مع أكثر من 100 دولة حول العالم، وهذا ما عزّز حضور الشرق الأوسط في حركة "اليوم العالمي للصلاة". وبعد 30 عامًا، تمّت دعوة فلسطين مرّة جديدة لكتابة المواد المرجعيّة لسنة 2024.
وانطلاقًا من "اليوم العالمي للصلاة" وشعار هذه السنة، تدعونا دراسة الكتاب المقدّس إلى التكاتف والتواصل وبناء الجسور بين الأخوات والإخوة حول العالم تشديدًا على المحبّة الّتي تربط الجميع وتأكيدًا على ضرورة الاتّحاد والصلاة معًا من أجل تخطّي كلّ مصاعب الحياة بإيمان كبير ورجاء عميق.
مصدر المعلومات: "موقع اليوم العالمي للصلاة"