"الكرامة الإنسانيّة للشاب المدمن"
ندوة عن بُعد من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط
الأمين العام د. ميشال عبس: لا بد من التحصين عبر التوعية والتحسيس بشكل دائم، لان العلاج بعد السقوط يعني خسارة نصف المعركة، معركة المستقبل
عقد مجلس كنائس الشرق الأوسط ندوة جديدة عن بُعد بعنوان "الكرامة الإنسانيّة للشاب المدمن"، يوم الخميس 29 شباط/ فبراير 2024، بمشاركة مجموعة من المتخصّصين والأكاديميّين وطلّاب الجامعات والمهتمّين بالموضوع المطروح. علمًا أنّ هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة الندوات الشهريّة الّتي ينظّمها مجلس كنائس الشرق الأوسط شهريًّا ضمن "مشروع الكرامة الإنسانيّة" - "الحوار والتماسك الإجتماعيّ - إعادة تأهيل رأس المال الإجتماعيّ"، الّذي يعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط على تنفيذه تباعًا.
تضمّنت الندوة الّتي بُثّت مباشرةً على صفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك، ثلاث مداخلات، بإدارة د. لبنى طربيه الّتي ندّدت في كلمتها الإفتتاحيّة بظاهرة الإدمان على المخدّرات مشيرةً إلى أسبابها والتداعيات الناجمة عنها، ومشدّدةً على دور الدول في الحدّ منها وعلى أهميّة صون كرامة الإنسان.
استُهلّت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس حيث قال فيها " نحن نعلم ان اشكال الإدمان متنوعة تنوع المخدرات، وتنوع سقطات الانسان، وتنوع تركيبة محيطه وتنوع المتابعة والتحصين الذين يمكن ان يحصل عليهما خلال او بعد العلاج. واذا كان تعاطي المخدرات يشكل أفة اجتماعية كبرى تؤشر الى خلل بنيوي، اجتماعي اقتصادي سياسي نفسي، فان الترويج لها، والفشل في القضاء عليها يؤشران الى امر من اثنين: اما تواطئ القيمين على هذا الامر في الدولة، او هزالة الدولة التي تعجز عن حماية شباب مجتمعها. وفي الحالتين، الامر محزن ويشكل خيبة كبرى للمراقب المعني".
وأضاف "المعركة خطيرة، وتطال أجزاء متصاعدة من الإنسانية، والنسب المقدرة عالية، وفي تصاعد مستمر، ولكن لا شيء يوحي ان بنى المجتمع، العائلة خصوصا، سوف تسترد عافيتها بالشكل المناسب من اجل ان تشكل وسيلة حماية للمستضعفين الذين قد يقعون فريسة هذه الأفة. لا بد من التحصين عبر التوعية والتحسيس بشكل دائم، لان العلاج بعد السقوط يعني خسارة نصف المعركة، معركة المستقبل".
بعدها، بدأت المداخلة الأولى بعنوان "إشكاليّة الإدمان في لبنان: واقع وتحدّيات"، مع السيّدة سمر بولس، وهي أستاذة في الجامعة اللّبنانيّة ورئيسة جمعيّة المساعدين الإجتماعيّين في لبنان. في مداخلتها، تحدّثت د. بولس عن دور المساعدين الإجتماعيّين لا سيّما في التدخّلات لدعم الفئات الأكثر ضعفًا، متطرّقةً إلى العوامل الّتي تؤدّي إلى استخدام الموادّ المخدّرة. كما أضاءت على التدخّلات عبر الوقاية والعلاج، مشدّدةً على ضرورة تعزيز التمكين الشخصي لدى الشباب.
أمّا المداخلة الثّانية فحملت عنوان "الشباب والمخدّرات عوامل الجذب والدفع"، مع ا. د. وعد ابراهيم خليل، وهو رئيس قسم بناء القدرات في مركز بناء السلام والتعايش السلمي في جامعة الموصل – العراق. في مداخلته، أضاء ا. د. خليل على الأسباب الّتي أدّت إلى انتشار ظاهرة المخدّرات، إضافةً إلى مستجدّات هذه القضيّة. هذا وخلص إلى الإشارة إلى أنّ الشباب في خطر وهم متأرجحون بين عوامل الجذب والدفع إلى المخدّرات، منوّهًا إلى الحاجة إلى وقفة مجتمعيّة شاملة تشترك فيها كلّ المؤسّسات المجتمعية للعمل معًا من أجل حماية الشباب.
من ثمّ، كانت المداخلة الثالثة بعنوان "الحفاظ على الكرامة الإنسانيّة للشاب المدمن - الكنيسة القبطيّة مثالًا"، مع د. ألبرت ادوارد سدراك، وهو استشاري الأمراض النفسيّة والعصبيّة وعلاج الإدمان، مسؤل الأقسام الوقائيّة بمركز الحياة الأفضل التابع لأسقفيّة الخدمات العامة والإجتماعيّة بالكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، وعضو اللّجنة المجمعيّة للصحّة النفسيّة ومكافحة الإدمان بالكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة. في مداخلته تكلّم د. سدراك على استجابة الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة للحدّ من ظاهرة المخدّرات. من هنا، سلّط الضوء على مختلف البرامج والمشاريع الّتي تقوم بها الكنيسة من أجل تنمية الإنسان مشيرًا إلى أنّ المدمن ليس مجرمًا ويستحقّ الحياة ومساعدته على تخطّي مشكلته.
إنتهت الندوة بجلسة أسئلة ونقاش بين المشاركين حيث تبادلوا الآراء والخبرات كلّ بحسب اختصاصه ومجال عمله. كما كانت كلمة أخيرة للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي شكر فيها جميع المحاضرين مشيرًا إلى أنّه في المخدّرات هناك قتل للجسم والروح معًا وليس سهلًا تخطّي هذه الظاهرة في مجتمعات ذات بنى إجتماعيّة مفكّكة.